ياه كيف مرّ هذا العيد ؟ لستُ ادري ، لكنّه مرّ ،ترقبناه وانتظرناه ، وأعددنا العدّة ،ليمضي على أكمل وجه ،ويسير بما يُبهج أطفالنا ،ويُسعد فقراءنا ومحتاجينا ، حاولنا قدر المستطاع ان يمضِيَ هذا العيد بما يمحو الذنوب ويُزيل الغموم والهموم ،ويُنعش النّفس الطواقة إلى السعادة ، حلُمْنا أن نتوادد ونتراحم ونتغافر وفق مُرادفات وأبجديات العيد كما سَنَّته الشريعة المحمدية وديننا السمح ...حلُمنا ذلك، لكن لا حياة لمن تنادي..فأغلبهم يتعنّتون ويتحجّجون بأسباب واهية وخاطئة ،ولو كانوا يعلمون عظمة ما سيفعلون ،لَتنازَلوا رِفْعة لهم ، وزيادة في شأنهم ومقامهم ..هذا هو العيد إن كنّا نُؤمن به . هذا فيما يخصّ الأقربين ومحيط العمل والمجتمع ،أمّا إذا ما نظرتُ من حولي ،فيما يحدث عند أشقائنا وجيراننا العرب فحقَّ أن نقول :"عيد بأيّ حال عُدت يا عيد؟" لقد حاولتُ قدر المستطاع هذه السنة أن لا اُحوِّل أنظاري إلى ما يجري بسوريا ومصر وليبيا وفلسطين والعراق وتونس ومالي ..والجزائر أيضا وكلّ الدول العربية والإسلامية ،حتّى لا أعيش الدَّمار كلّه ،وحتى لا أتيهَ بين مشرقنا ومغربنا، فأظلم أبناني في هذا اليوم الذي من المفروض أن يكون سعيدا وبهيجا لهم ،كأحد الحقوق التي يجب أن نَوفِّرها لأبنائنا ضمن الحقوق المشروعة لهم وكواجب من الآباء ناحية الأولاد.. لقد أغريْنا الأطفال ليتباهوا بالأضحية العظيمة والسمينة وذات القرون..وحاولنا أن ننسى بضحكاتهم ولعبهم مع الكباش والخرفان ما يحدث من تقاتل وتناحر بمصر أمّ الدنيا ،وما يلحق من دمار وخراب بالبشر وبحضارة المسلمين بسوريا والشام العريق ،وما ينجم عن حرب القبائل والطوائف بالجماهيرية الليبية ،وما يجري من سلب ونهب للأماكن والأراضي المقدسة بفلسطين المغتصبة ،وحاولنا أن نتناسى ما يحدث هنا وهناك من أوجاع وآلام تُجيد القنوات الفضائية في وصفها وتضخيمها والتهويل لها وإثارة فتنتها أكثر وأكثر.. لقد حقّ اليوم، أكثر من أيّ وقت مضى أن نحاسب أنفسنا، ماذا فعلنا من استقامة الحال ليتغيّر إلى الأحسن منه ؟، ماذا قدّمنا من مفيد وأفيد لِنُصلح ما بنا ولِنُعدِّل ممّا حولنا ؟في عائلتنا الصغيرة،ثُمّ الكبيرة ،فالجيران ومحيط العمل ،ومن تمّ المجتمع والوطن ،ثم عالمنا العربي والإسلامي الذي يتخبّط في تبعات ونتائج ما نحن فيه من فرقة وتخاصم وعداوة ..ولا مبرّر لكل هذا، الّلهم إلا أنّنا من الغافلين والتافهين إلاّ من رحم ربّي..وليت العيد يعود العام المقبل ونحن أجدر بالاحتفال به .