مانديلا رمز الحرية والصمود، رمز إفريقيا العتق من رقبة العنصرية ورمز النضال والصبر... إنه رمز لكرامة الإنسان والمساواة والحرية في عصرنا، إنه إنسان متفان كافح ضد الفصل العنصري ليس من أجل السود في جنوب أفريقيا بل من أجل كرامة أبناء وطنه جميعا ، إن احترام مانديلا لا يقتصر على شعب جنوب أفريقيا، بل يمتد إلى مجمل شعوب العالم ، فلقد فقدت الإنسانية مناضلا وحكيما وبطلا قوميا وعالميا ناصر القضايا العادلة وأفنى عمره سفيرا للسلام والمحبة . إن الذين يرون مانديلا كرجل عاش 95 عاما ينسون أن نصف حياته قد سرقت تحت عيون العالم من قبل نظام عنصري لكن كان رجلاً يتمتع بشجاعة أخلاقية هائلة، إذ غير مسار التاريخ في بلاده ،وكان عنواناً لأفريقيا ولكنه كان قائداً عالمياً وواحداً من معلمي البشرية. لقد كان رجلا عظيما، لم يحمل ضغينة في نفسه مع أنه سجن لفترة طويلة ، لقد كان متصالحا بدرجة كبيرة، ديمقراطي على الحقيقة، أجمع عليه الناس، وسيذكر دوما في تاريخ السياسية الدولية . مكث مانديلا 27 عاما في السجن و لم ينقطع كفاحه بعد سجنه بل واصل جهاده من داخل زنزانته ، وبالموازاة مع فترة السجن، انتشرت حملة دولية عملت على الضغط من أجل إطلاق سراحه، الأمر الذي تحقق في عام 1990 وسط حرب أهلية متصاعدة. صار بعدها مانديلا رئيسا لحزب المؤتمر الوطني الإفريقي، ونشر سيرته الذاتية، وقاد المفاوضات مع الرئيس دي كليرك لإلغاء الفصل العنصري وإقامة انتخابات متعددة الأعراق في عام 1994، الانتخابات التي قاد فيها حزب المؤتمر إلى الفوز. انتخب رئيسا وشكل حكومة وحدة وطنية في محاولة لنزع فتيل التوترات العرقية. كرئيس، أسس دستورا جديدا ولجنة للحقيقة والمصالحة للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان في الماضي. استمر شكل السياسة الاقتصادية الليبرالية للحكومة، وعرضت إدارته تدابير لتشجيع الإصلاح الزراعي ومكافحة الفقر وتوسيع نطاق خدمات الرعاية الصحية. دوليا، توسط بين ليبيا والمملكة المتحدة في قضية تفجير رحلة بان آم 103، وأشرف على التدخل العسكري في ليسوتو. امتنع عن الترشح لولاية ثانية، وخلفه نائبه تابو إيمبيكي، ليصبح فيما بعد رجلا من حكماء الدولة، ركز على العمل الخيري في مجال مكافحة الفقر وانتشار الإيدز من خلال مؤسسة نيلسون مانديلا. وكان الزعيم الذي دعا شعبه إلى التصالح بعد سقوط نظام الفصل العنصري يحظى باحترام دولي واسع لدوره في النضال ضد العنصرية في جنوب أفريقيا، ولصفحه عن سجانيه البيض السابقين، بعد إطلاق سراحه من السجن في التسعينيات من القرن الماضي. ولم يظهر مانديلا كثيرا في الحياة العامة منذ اعتزاله الحياة السياسية في عام 2004 . كما تلقى الكثير من الإشادات الدولية لموقفه المناهض للاستعمار وللفصل العنصري، حيث تلقى أكثر من 250 جائزة، منها جائزة نوبل للسلام 1993 وفي كثير من الأحيان يوصف بأنه "أبو الأمة"، وفارس الإنسانية. وحظي باحترام الكثيرين داخل جنوب إفريقيا وخارجها كقائد بارز للمواطنين السود وأصبح أسطورة الشعوب الإفريقية المتطلعة إلى التحرر .