على غير العادة في الطبعات السابقة لمهرجان مسرح الهواة الذي لا زالت فعالياته تتواصل بمدينة مستغانم فإن ما يشد الإنتباه في طبعة هذه السنة هو الإقبال المكثّف من طرف الجمهور على متابعة العروض المسرحية التي تم تقديمها على خشبة القاعة الزرقاء وإن إقبال الجمهور قد يطرح عدة تساؤلات هل يرجع ذلك لمستوى وشهرة الفرق المسرحية المشاركة أم لفضول الجمهور في الإطلاع على مسرحيات الفرق الأجنبية المشاركة؟ أم هناك أسباب أخرى مثل التنظيم والإشهار المسبق والتوقيت المعمول به في تقديم العروض هذا ما يتطلب من منظمي المهرجان أن يأخذوه مأخذ الجد في جميع الخطوات الخاصة بتنظيم التظاهرة وكيفية انتقاء الفرق المشاركة لأن الجمهور يتطلع دوما لمتابعة مسرح فيه مكونات الدراما ولا ينجذب أبدا عندما يصطدم بعروض هزيلة عبارة عن غوغاء وصراخ وبكاء وقيل وقال من طرف ممثلين وما هم بممثلين بل مجرد عناصر تتحرك فوق الخشبة طولا وعرضا لا تفقه في المسرح شيئا. وأي عمل مسرحي يفتقد لفن الدراما يكون فاشلا وبالطبع ينفر الجمهور من القاعات وذلك ما تعيشه قاعات المسرح وليس مهرجان مسرح الهواة فقط. وما عرفه مهرجان مستغانم هذه السنة ينطبق على مقولة »أعطيني مسرحا أعطيك شعبا مثقفا« ونحن نضيف لهذه المقولة »قدم مسرحا حقيقيا تجد الجمهور مقبلا«، وفي حالة العكس ترى الجمهور مدبرا بل ويملأ القاعة ضجيجا كرد فعل منه على الرداءة باسم المسرح. إن العروض المسرحية المقدمة من طرف فرق كرواتيا وفلسطين وبراقي (الجزائر) واسبانيا وباتنة وليتوانيا ويسر (بومرداس) والصين والبليدة وتونس لغاية سهرة يوم 22 جويلية بعد مرور خمسة أيام من عمر المهرجان قد غيرت نوعا ما نظرة الجمهور نحو المسرح، إذ كانت المسرحيات المقدمة من طرف الفرق المذكورة، قد توفرت فيها عناصر الفن الدرامي نصا وإخراجا ما عدا بعض العثرات فوق الخشبة والتي تبررها ظروف متعددة. وفي انتظار العروض المسرحية المتبقية تكون الرسالة من طرف الجمهور قد وصلت إلى القائمين بشؤون المسرح الذين كثيرا ما تساءلوا عن سر عزوف الجمهور عن متابعة المسرح. والمطلوب الآن هو وضع إستراتيجية جديدة للتكوين الدرامي وجعل المسرح مستنبطا من واقع المجتمع لأنه كلما ابتعد المسرح عن هموم واهتمامات المجتمع كلما ابتعد الجمهور عنه وكلما تدهور المسرح تتعمق الهوة.