ما تشهده مكاتب البريد هذه الأيام الأخيرة من رمضان من زحام للفوز ببعض الدريهمات، لم يعد قضية ضغط إستثنائي تفرضه المناسبة ، وإنما أصبح عجزا مزمنا في أهلية مؤسسة بريد الجزائر بل وفي كفاءتها في تقديم خدمات تتسم بالحفاظ على كرامة زبائن ذنبهم الوحيد أنهم إضطروا إلى اللجوء إلى هذه المؤسسة لسحب "أموالهم" المودعة لديها. ففي كل عام في مثل هذا الوقت يتكرر نفس السيناريو بل المهزلة مع إنعدام السيولة المالية، وتعطل الأجهزة كل أنواع الأجهزة، الحواسيب المستعملة في دفع الرواتب، والمموزعات الآلية للنقود ، ومن تم الإحتقان الذي تعيشه معظم مكاتب البريد بولاية معسكر منذ بداية الأسبوع الجاري، إذ يضطر المواطنون إلى إنتظار ساعات وساعات من أجل العودة بخفي حنين بالنسبة للكثير منهم إمالتوقف الحاسوب أو لغياب الأموال! ومن المبكيات المضحكات التي أفرزها هذا الموضوع الرديء أن أحد المواطنين إعتبرنفسه محظوظا نهار أمس " الثلاثاء"، عندما إستطاع سحب مبلغ من المال (بالمعريفة) لكن كل المبلغ المسحوب كان عبارة عن قطع نقدية معدنية من فئة 100 دج! وقد قصد المواطن المعني دار الصحافة للإبلاغ عن هذه الواقعة التي تؤثر على مدى الإنحطاط التي وصلت إليه الخدمة العمومية المنوطة بهذه المؤسسة العامة، إذ قبض المعني 100 قطعة من فئة 100 دج!!! مواطن آخر وبعد أن عياه التردد على الكثير من مكاتب البريد بولاية معسكر، كعوف، البنيان، غريس، وادي تاغية لإستخراج مرتبه والتكفل بنفقات العيد، أخبرنا أنه إضطر إلى السفر إلى ولاية سعيدة لسحب أجرته.../... بعد أن إصطدم بحجة " غياب السيولة المالية" بالمكاتب البريدية على مستوى ولايته! و يحق للمواطنين أن يتساءلوا عن الجدوى من فتح 600 مكتب بريدي بعد صلاة التراويح عبر ربوع الوطن إذا إستمرت مهزلة إنعدام السيولة المالية لدى مصالح بريد الجزائر، ومنها المكاتب البريدية ال 13 المعنية بهذا الإجراء بولاية معسكر؟إذ الأولى في هذه الحالة السهر على توفير الأموال اللازمة والكافية لدفع مستحقات الزبائن حتى ولو إقتصر العمل على الدوام العادي، وهو أكثرمن كاف لو أن جميع المكاتب البريدية تؤدي المهام المنوطة بها في خدمة زبائنها، والتخلي عن الأساليب البيروقراطية في التعامل معهم، مما يدفعهم إلى النفور منها واللجوء إلى المراكز البريدية الكبرى العاجزة هي الأخرى عن مواكبة تدفق المواطنين عليها. هذا وقد حاولنا نهار أمس إستفسار مدير بريد الجزائر بمعسكر عن هذا الوضع غير أن الحاجب القابع أسفل المديرية بالبريد المركزي أبلغنا أنه غير موجود في مكتبه في حدود الساعة الثانية بعد الظهر. غير أن تجارب السنوات الماضية علمتنا أنه غالبا ما ينشأ جدل (أضحى عقيما) بين البنك ومؤسسة البريد فيما يخص المسؤول عن " أزمة السيولة المالية"، وهي أزمة نعتقد أنه حان الوقت لوزارة المالية أن تضع لها حدا بإجراءات ملموسة ترفع الغبن عن المواطن ليس فقط من خلال توفير المال ولكن أيضا بتوفير الطوابع الجبائية وتجديد الأوراق المالية من فئة 200 دج التي لم تعد صالحة للتداول فضلا على أنها تسيء إلى سمعة البلاد.