المعتقلون الأطفال في قلب المعركة مع السجان يامن نوباني يستذكر الأسير المحرر لؤي المنسي، أحد أصعب المواقف التي مرت عليه خلال فترة اعتقاله في سجون الاحتلال، والذي كان عندما شاهد فتى من عائلة الأطرش على شاشة التلفاز، جنود الاحتلال يطلقون النار على والده معمر الأطرش، ليرتقي شهيدا في تشرين الأول عام 2018. “الآن، بعد أن نقلت إدارة معتقلات الاحتلال 34 أسيرا شبلا، من معتقل “عوفر” إلى معتقل “الدامون”، دون ممثليهم من الأسرى البالغين، كيف سيتعامل هؤلاء الأطفال مع هذه المواقف الصعبة!؟” يتساءل المنسي، الذي أمضى 15 عاما في المعتقل. يتخوف المنسي، الذي أمضى سبع سنوات من مدة محكوميته ممثلا ومسؤولا عن قسم الأشبال في “عوفر”، من عزل الأسرى الأطفال في أقسام خاصة أو مختلطة بسجناء جنائيين إسرائيليين، في سجون مدنية، تعج بالمجرمين والموقوفين على قضايا المخدرات والاغتصاب والسرقات وغيرها من الجرائم. ويضيف: نستقبل الأشبال بعد خروجهم من التحقيق الذي يسبب لهم ضررا نفسيا كبيرا، ونحاول تعويضهم عن الحرمان الذي يتعرضون له، ومن أصعب المشكلات التي تواجهنا توفير الملابس والطعام لهم، خاصة كمية الطعام، فالأشبال في هذه المرحلة العمرية يحتاجون إلى تغذية أكثر مما تقدمه إدارة المعتقل. “وفي حال تعرض أي شبل للمرض، نقوم بنقله إلى العيادة، وهو الأمر الذي يتطلب منا ضغطا كبيرا وأحيانا يصل إلى مشكلة مع إدارة المعتقل، من أجل فحص الشبل المريض وتوفير العلاج له، ونقوم بتعليم الأشبال كيفية التعامل مع العيادات والأطباء السجانين”، يقول المنسي. “كانت مسؤوليتنا الضبط اليومي لحياة الأشبال بشكل دقيق، مثلا: وقت النوم، متى عليهم أن يستفيقوا، وقت الافطار، وقت الدراسة، وقت اللعب”. “في حال لم تسمح سلطات الاحتلال بنقل ممثلي الاشبال، كيف سيحققون مطالبهم، نحن الكبار كنا نستصعب تحصيل حقوقنا، كيف سيتمكن أطفال معزولون من ذلك في سجن خطير فيه أسرى جنائيون”. ورفضاً لدمجه مع السّجناء الإسرائيليين، تواصل إدارة سجون الاحتلال حجز المعتقل المقدسي القاصر مصعب أبو غزالة في العزل الانفرادي لليوم (31) على التوالي في سجن “أوفيك”. أبو غزالة نموذج من عدة أسرى قاصرين، عزلوا أو أضربوا عن الطعام لعدة أيام، رفضا لقرارات الاحتلال نقلهم إلى أقسام خاصة دون ممثليهم من المعتقلين البالغين، في سجون مدنية جميع أقسامها تضم سجناء جنائيين على خلفيات قضايا كالمخدرات والاغتصاب والقتل. في معتقلي “عوفر” و “مجدو” يقوم عدد من المعتقلين البالغين بتوجيه الأشبال وإدارة نظام حياتهم ومتابعة أوضاعهم وتمثيلهم أمام إدارة المعتقل. المحرر ضرغام الأعرج (39 عاماً) أمضى 19 عاماً في سجون الاحتلال، قال: كنت ممثلاً للأسرى الأشبال المقدسيين، في قسم معزول بمعتقل “مجدو”، ثم جرى نقلهم إلى “الدامون” وتم نقلنا معهم، كهيئة إدارية تتابع شؤونهم اليومية، وفي الدامون الآن، هناك قسم (1) وهو القسم الذي يحوي ال34 شبلا تم نقلهم قبل عدة أسابيع من عوفر، وقسم (2) وهو قسم الجنائيين، وقسم (3) وفيه تقبع الأسيرات، وهن ما بين 40-45 أسيرة، والقسم الأخير (4) وفيه (68) أسيرا من الأشبال المقدسيين، ويمثلهم فقط ثلاثة أسرى من الكبار، وهي مسؤولية كبيرة، لأن عليهم متابعة الأشبال 24 ساعة ومعرفة ما يدور في غرفهم. ومن الأشبال الذين تصادموا مع إدارة سجون الاحتلال في الآونة الأخيرة، قال الأعرج: هناك خليل جبارين، ومحمد هادي وتم نقلهما الى زنازين الجلمة، ومحمود عويس وأضرب عدة أيام عن الطعام. وأضاف: الفوضى الداخلية هي ما تسعى إليها الإدارة وهو ما ينتج لها الاستقرار، إضافة إلى محاولة اختراق عدد من الأطفال عبر اعطائهم ميزات بالتالي إحداث تصادم بين الأسرى الأشبال، بعضهم ببعض، وإحداث الفتن وانهاء التعليم والحقوق، التي كانت مصانة لدرجة كبيرة في ظل وجود ممثلين كبار. وتحدث الأعرج، عن اعتداء الجنائيين على الأسرى الأشبال الأمنيين في مراكز التأهيل الاسرائيلية، وسرقة مقتنياتهم. وفي سياق معاناة الأسرى الأشبال، قامت إدارة مصلحة سجون الاحتلال بفصلهم في بداية انتفاضة الأقصى (أيلول 2000) في أقسام خاصة في سجن “رميونيم” بعيدا عن إشراف أو متابعة أو عناية من قبل الأسرى الكبار، وكانت هذه المرحلة الأسوأ على قضيتهم، واستفردت إدارة المعتقلات بهم، وفرضت عليهم العديد من إجراءاتها القمعية، ما انعكس تلقائيا على سلوكهم وتكوينهم، سيما وأنهم كانوا في وضع تواصل مباشر وفردي مع إدارة المعتقلات، ما يسمح ببث أفكارها وسياساتها وإراداتها عليهم وسلب عقولهم وتفريغهم من فكرهم الوطني، وذلك في مرحلة تنشئة حساسة وخطيرة. تغير الحال عام 2010 في معتقل “عوفر”، ونجح المعتقلون وبعد سنوات من النضال من فرض واقع وحياة ونظام خاص بالمعتقلين الأطفال للإشراف عليهم، وإدارة حياتهم، وتمكنوا من إحداث تحول في القضية عبر فرض وجود ممثلين عنهم على غرار الهيئات التمثيلية الخاصة بالمعتقلين الكبار، وهي منظومة إدارية ابتكرها المعتقلون تمكنهم من البقاء موحدين أمام السجان. وتمكنت لجان متفق عليها من المعتقلين الكبار من احتضان الأطفال والاعتناء بهم، وحمايتهم، وتنظيم شؤون ومتطلبات حياتهم اليومية، وضبط وتوجيه سلوكهم، والدفاع عن حقوقهم أمام إدارة سجون الاحتلال، ووضع برنامج تعليمي تربوي تثقيفي لكل المستويات، من محو الأمية وحتى الثانوية العامة. في 13 كانون الثاني/ يناير الجاري، قامت إدارة سجون الاحتلال بنقل (34) أسيراً طفلاً، من معتقل “عوفر” إلى “الدامون” دون السماح لممثليهم بمرافقتهم، أو السماح بوجود ممثلين لهم هناك، وذلك في خطوة أولية لفرض هذه السياسة على جميع أقسام المعتقلين الأطفال في المعتقلات. وتشير إحصائيات نادي الأسير وهيئة شؤون الأسرى إلى أن قرابة 200 طفل يقبعون في ثلاثة سجون، هي: عوفر، والدامون، ومجدو، فيما بلغ عدد الأطفال الذين اعتقلوا منذ العام 2015 وحتى نهاية العام المنصرم 6700 طفل، فيما بلغ عدد حالات الاعتقال الإداري منذ عام 2015 قرابة (30) حالة، أما حاليا فيوجد أربعة أطفال معتقلون إداريا. وأوضحت الإحصائية أن بعض البلدات التي تشكل نقطة تماس مع جنود الاحتلال تصدرت المشهد في اعتقال الأطفال، منها: العيسوية، وبيت أمر، وبيت فجار، وتقوع، ودير نظام، وكفر قدوم، ومخيم العروب. وكشفت هيئة شؤون الأسرى والمحررين تفاصيل الأوضاع الكارثية التي يعيشها المعتقلون الأطفال الذين جرى نقلهم مؤخراً من معتقل “عوفر” إلى “الدامون”، والبالغ عددهم (34) طفلاً. وأوضحت الهيئة أن قسم (1) الذي زج بها الأطفال، مهجور منذ سنين طويلة مليء بالحشرات والصراصير، ولا يصلح للحياة الآدمية، ولا تدخله أشعة الشمس، وهو مكون من خمس غرف صغيرة، 3 منها لا يوجد فيها نوافذ، واثنتين يوجد بهما نافذتين لكنهما صغيرتين، وسقف الغرف منخفض جداً، وجدرانها مهترئة ورطبة، والحمامات خارج الغرف ووضعها سيء، وتوجد “شبه ساحة” يُطلق عليها (فورة) هي عبارة عن ممر بين باب القسم الرئيسي وبين الغرف ومساحتها صغيرة جداً، عدا عن رائحة القسم الكريهة للغاية. وأضافت أن الأطفال المنقولين إلى “الدامون” وصلوا بدون “كانتينتهم”، فلا يوجد معهم بلاطات للطبخ أو سخانات ماء، فقط تم السماح لهم بأخذ ملابسهم وأغطيتهم الخاصة. وأشارت الهيئة إلى أنه خلال الأسبوع الماضي أعلن القاصرون حالة من العصيان في وجه السجان رداً على الأوضاع المزرية التي يعيشونها داخل القسم، واحتجاجاً على نقلهم بدون ممثليهم من المعتقلين البالغين، وقاموا بعدة إجراءات كالطرق على الأبواب، وتكسير الخزائن وأبواب الحمامات وبعض “الأبراش”. في المقابل، أقدمت إدارة المعتقل على إدخال وحدات خاصة لقمع الأطفال المنقولين والتنكيل بهم، وتعمدت قطع الماء والتيار الكهربائي عنهم، كما قامت بالاعتداء عليهم بالضرب بشكل تعسفي وتقييد بعضهم لساعات طويلة ورش الغاز عليهم، ومصادرة حاجياتهم، اضافة إلى معاقبة بعضهم بنقلهم إلى زنازين “الجلمة”. ضحايا الاهمال الطبي من الأسرى في ارتفاع أكد مركز أسرى فلسطين للدراسات بأن أسرى جدد ينضمون الى قائمة المرضى بشكل مستمر في سجون الاحتلال نتيجة سياسة الاهمال الطبي التي تستخدمها ادارة السجون بحقهم والتي تجعل حياتهم معرضه للخطر الشديد. الباحث “رياض الأشقر” الناطق الإعلامي للمركز اعتبر ان سياسة الاهمال الطبي المتعمدة للحالات المرضية بين الأسرى تزيد من اعداد الأسرى المصابين بأمراض خطيرة داخل السجون، بحيث يمكن السيطرة على المرض في بداياته ولكن مع تجاهل الرعاية والعلاج لشهور طويلة او سنوات تجعل من الشفاء امراً صعباً إن لم يكن مستحيلاً. ونوه “الأشقر” الى انه خلال الشهور الأخيرة تم اكتشاف اصابه العديد من الأسرى بأمراض خطيرة كالسرطان في مراحل متقدمة، والجلطات القلبية وغيرها نتيجة عدم الكشف المبكر على الأسرى، وعدم تقديم علاجات مناسبة للأمراض التي تصيب الأسرى في مراحلها الأولى، و الاستهتار بحياتهم بعدم اجراء عمليات جراحية او فحوصات ضرورية لهم. وتطرق “الأشقر” الى حالة الأسير المقدسي “أحمد عادل سعادة” (40 عاماً)، والمعتقل منذ 2003، ومحكوم بالسجن المؤبد 13 مرة، حيث أصيب بجلطة قلبية في سجن ريمون نقل على أثرها إلى “مشفي سوروكا الإسرائيلي”، وتم إجراء عملية قسطرة له، ولا تزال حالته الصحية صعبة وبحاجة إلى متابعة مستمرة. كما تراجعت صحة الأسير المقدسي “فراس صادق غانم” (46 عامًا) بشكل كبير، حيث كان تعرض لجلطة قلبية عدة مرات في سجون الاحتلال نتيجة الاهمال الطبي، ولم يقدم له رعاية طبية او علاج مناسب الامر الذى ادى لتدهور صحته أكثر، وبدأ يعانى من خلل في عمل الغدة الدرقية، وديسكات في ظهره ورقبته وهو بحاجة ماسة لعمليات جراحية، لكن الإدارة تماطل بتحويله للمستشفى وتكتفي بإعطائه المسكنات دون تشخيص لحالته بالشكل الصحيح، وهو معتقل منذ عام 2002 ومحكوم بالسجن المؤبد . كذلك الأسير “شادي فيصل موسى” (43 عاماً) من جنين، كان أصيب بجلطة قلبية في سجن النقب، وتم نقله بشكل عاجل عبر مروحية إلى مستشفى سوروكا، وأدخل وحدة العناية المكثفة بالمستشفى، وأجريت له عملية قسطرة، وهي المرة الثانية الذي يصاب فيها بجلطة في السجون، وهو معتقل منذ عام 2002م، ومحكوم بالسجن لمدة 25 عاماً. وأضاف “الأشقر” بأن أسرى اخرين تبين اصابتهم بمرض السرطان القاتل بعد مرور سنوات على اعتقالهم بينهم الأسير “موفق نايف عروق” (77 عاماً)، من مدينة يافا بالناصرة، والذى تبين مؤخراً بأنه يعاني من مرض السرطان في الكبد والمعدة، وماطلت إدارة السجون لشهور قبل تحويله للمستشفى لتلقّي العلاج الكيماوي، وهو معتقل منذ العام 2003م، ومحكوم بالسّجن ل(30) عاماً، وهناك خطورة حقيقة على حياته. كذلك الأسير “إبراهيم نايف أبو مخ” (60 عاماً) من الداخل المحتل، وهو من الأسرى القدامى، ومعتقل منذ مارس 1986م، ومحكوم بالسجن المؤبد، تدهورت صحته في الشهور الأخيرة، وبعد إجراء فحوصات طبية له، تبين بأنه مصاب بمرض السرطان في الدم في مرحلة متقدمة وحالته الصحية خطرة. بينما أصيب الأسير “مصطفي محمد البنا” (31 عاماً) من مخيم جباليا شمال قطاع غزة، بجلطة قلبية خلال شهر أغسطس العام الماضي، ومؤخراً تعرض لانتكاسه صحية خطيرة وفقد الوعي وسقط مغشياً عليه داخل السجن، ونقل إلى المستشفى، نتيجة الاهمال الطبي والمماطلة بتقديم العلاج وتحويله للمستشفى رغم مطالباته المستمرة بإجراء الفحوص الطبية له لمعرفة سبب تدهور صحته. وأكبر الأسرى سناً الأسير “فؤاد الشوبكي ” (81 عاماً)، تراجعت صحته بشكل كبير، ونقل إلى المستشفى أكثر من مرة، حيث يشتبه بإصابته بمرض السرطان، اضافة الى مجموعة من الأمراض منها الضغط والسكري ومشاكل في القلب والديسك، وهو معتقل منذ عام 2006م، ومحكوم بالسجن لمدة 17 عاماً، ورفضت سلطات الاحتلال الإفراج عنه بقضاء ثلثي المدة. وأشار “الأشقر” الى أن الأسرى المرضى يتعرضون للموت البطيء في سجون الاحتلال في ظل استهتار إدارة السجون بحياتهم وعدم توفير الرعاية الطبية اللازمة لهم، والضرب بعرض الحائط كل المواثيق الإنسانية التي تنص على تقديم الرعاية الصحية المطلوبة للأسرى، مما يفتح الباب لارتفاع قائمة شهداء الحركة الوطنية الاسيرة التي وصلت نهاية العام الماضى الى (222) شهيداً. واستطرد “الأشقر” بأن الاحتلال يتعمد ترك الأسرى فريسه للأمراض وذلك بعدم إجراء فحوصات جدية للمرضى منهم، وغالبا ما تتم معاينتهم بالنظر فقط، اضافة الى تأخير إجراء العمليات الجراحية للأسرى المرضى، أو إجراء تحاليل طبية وصور إشاعة، لعدة سنوات مما يفاقم حالتهم الصحية ، وينعدم الأمل في شفاؤهم ويقربهم الى الموت. وناشد ” أسرى فلسطين” كافة المؤسسات الطبية الدولية وفى مقدمتها منظمة الصحة العالمية ، الخروج عن صمتها وادانه الاحتلال تجاه ما يتعرض له الاسرى المرضى من جرائم واضحة تهدف لقتلهم بعدم تقديم العلاج المناسب لهم، والاستهتار بحياتهم. الاحتلال يواصل ممارسة التعذيب الطبي بحقّ الأسرى أفادت هيئة شؤون الأسرى والمحررين، أن سلطات الاحتلال تواصل سياسة ممارسة التعذيب الطبي بحقّ الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين. وبيّنت الهيئة أن من بينهم، المعتقل هايل جبابشة (29 عاماً)، من جنين، والذي يعاني من مرض التلاسيميا وهشاشة العظام، واعتقلته قوّات الاحتلال من منزله بتاريخ 2 كانون الثاني/ يناير الجاري فجراً، واحتجزته في أحد المعسكرات مكبّلاً لمدّة (14) ساعة، حُرم خلالها من تناول الطّعام والدّواء، وفي كل مرّة كان يطلب فيها الطعام، يكون الردّ عليه بكلمة “اخرس”، ما أدّى إلى فقدانه للوعي، فاضطر جنود الاحتلال لنقله إلى المستشفى. وأكّدت محامية الهيئة والتي تمكّنت من زيارته، في سجن “مجدو”، أن علامات التعب والمرض واضحة على الأسير جبابشة، كما أن آثار شدّ القيود عليه واضحة أيضاً. كما وتمكّنت من زيارة الأسير عز الدين العطار (37 عاماً)، من طولكرم، والمعتقل منذ العام 2003، والذي أكّد بأنه يعاني من آلام حادّة في ظهره منذ العام 2004، وبقيت إدارة السجن تمتنع عن نقله إلى المستشفى حتى العام 2010، فنقلته لإجراء الفحوص الطّبية وأعادته إلى السّجن بدون علاج، وقبل عدّة أشهر نقلته للمستشفى مرّة أخرى، وتقرّر إجراء عملية جراحية له بعد تفاقم حالته الصّحية، واشتداد الآلام عليه وتكوّن صعوبة في المشي لديه، إلّا أنه لم يخضع لها حتى الآن، وما يزال يعتمد على تناول المسكّنات كعلاج. يذكر أن الأسير العطار محكوم بالسّجن ل(21) عاماً. الفتى مصعب أبو غزالة . . حبس بيتي ثم عزل انفرادي! تقرير: إعلام الأسرى لا تكاد الطفولة في القدس ترسم أحلامها على جدران المدينة حتى تختطفها أيادي الاحتلال وتلقي بها في عتمة القهر، فكل طفل مقدسي تقريبا مر بهذه التجربة القاسية حتى باتت أمنياته تقتصر فقط على التخلص من قيود السجان. وفي هذا الجانب المظلم تطفو قصص كثيرة بل تتزاحم في درجة القهر؛ ولكن حكاية الفتى مصعب أبو غزالة (15 عاما) ظهرت مؤخرا حين كبر قبل أوانه واتخذ قرارا علم أنه سيكلفه الكثير. بدأت حكاية مصعب قبل عام ونصف حين اعتقلته قوات الاحتلال من حي باب حطة في البلدة القديمة من القدس حيث يسكن؛ وخلال ثلاثة أيام فقط من الاعتقال لاقى أصنافا من الضرب والتعذيب وهو لم يتجاوز بعد 14 عاما حينها. ويقول والده ل مكتب إعلام الأسرى إن قوات الاحتلال اعتقلت نجله واعتدت عليه بالضرب المبرح بحجة إلقائه زجاجة حارقة على منزل يحتله المستوطنون في البلدة القديمة، ثم تم الإفراج عنه بشرط الحبس المنزلي الذي مكث فيه عاما ونصف. ويوضح بأن هذه الفترة أحدثت ما أحدثته في نفسية طفل صغير كل عالمه اللهو واللعب، كما منعه الاحتلال خلالها من التوجه إلى المدرسة ما أضاع عليه فرصة دراسة الصفين الثامن والتاسع. ولعل أصعب ما مر به الفتى آنذاك هو نظراته من خلف نوافذ منزله لأصدقائه وهم يلعبون في أزقة البلدة القديمة ولكن دون أن يشاركهم كما فعل دوما، فكان ينظر بحزن إليهم وبغضب يتراكم يوما بعد يوم. وبعد مداولات طويلة في محاكم الاحتلال التي تتعمد المماطلة في ملفات الفتية المقدسيين كي تزيد إرهاقهم وتطيل حبسهم المنزلي أو الفعلي؛ تم إصدار حكم على الفتى أبو غزالة بالسجن الفعلي لمدة ثلاثة أشهر، والتي بدأ بتنفيذها في الثاني والعشرين من ديسمبر العام الماضي. إلى العزل الانفرادي ولم يكد الفتى ينهي وجع الحبس البيتي ثقيل الأثر حتى بدأ يكابد ظلم الزنازين، فالاحتلال استغل في ذلك صغر سنه وأراد أن يمارس عليه الحقد الممنهج. ويقول والده إن قوات الاحتلال وبعد أن سلم مصعب نفسه في مركز توقيف المسكوبية من أجل قضاء محكوميته؛ قامت بنقله إلى سجن الجنائيين من المستوطنين، وهو ما رفضه نجله واعترض عليه. ويؤكد بأن الاحتلال نقله بعد ذلك عقابا له إلى زنازين العزل الانفرادي في سجن “أوفيك” والتي يقبع فيها منذ قرابة الشهر، حيث تفتقر لأدنى مقومات الحياة الإنسانية. ويضيف:” يقبع في زنزانة ضيقة ويتم عقابه عن طريق حرمانه من أبسط حقوقه من حيث الطعام والملابس، ولا يراعي الاحتلال صغر سنه في ذلك بل يعاقبه على رفضه التوجه لقسم الجنائيين”. وعند اعتقال أي فتى في عمر مصعب يتم نقله إلى قسم الأشبال الأسرى الذين تقل أعمارهم عن 18 عاما، ولكن الاحتلال أراد عقابه وتعذيبه فنقله إلى الزنازين الانفرادية. ويوضح الوالد بأن والدة مصعب زارته قبل يومين في العزل الانفرادي حيث تفاجأت بمظهره، فشعره كان طويلا لعدم توفر الحلاقة وكان ظاهرا عليه عدك توفر أبسط المقومات الحياتية، ولكنه لم يشكُ أبدا وكأنه لا يريد إرهاق والديه بالتفكير بحاله رغم صغر سنه. وما زالت العائلة تحاول المتابعة مع المحامين من أجل وضعه في قسم الأسرى الأشبال، ولكن الاحتلال يرفض ذلك ويقول إن مكانه مع الجنائيين في محاولة لقتل روحه المعنوية، ولكنه فاجأهم وأعلن إضرابا عن الطعام لعدة أيام رفضا لظلمهم. ويضرب مصعب بهذا الموقف مشهدا صلبا لطفل فلسطيني حرم من مدرسته ومن اللعب مع أصدقائه، حيث بقي مصرا على موقفه الذي دفع موقفه غاليا ولكنه لم يستسلم أو يتراجع رغم الظروف القاسية التي يعيشها الآن. محاكم الاحتلال العسكرية . . محاكم صورية وساحات للإذلال والقهر تقرير : إعلام الأسرى يرتبط اسم محكمتي سالم وعوفر العسكريتين في أذهان عائلات الأسرى ومتابعي قضيتهم بكل ما هو سيء وقمعي، نظراً للمعاناة التي يلاقوها خلال حضور جلسات أبنائهم الأسرى وخضوع تلك المحاكم لتعليمات المخابرات والأحكام القاسية التي تصدر من خلالهما. وقال الناطق باسم مكتب إعلام الأسرى أ. علي المغربي أن القضاء العسكري للاحتلال يلعب دوراً فاعلًا ومتواطئاً ويوفر الحماية القانونية لسياسات الاحتلال التي تنتهك القانون الدولي، من خلال محاكم صورية توفر إطاراً قانونياً شكلياً للشاباك لإصدار أحكام انتقامية وقاسية بحق أبناء شعبنا دون تمكينهم من حقهم في إجراء محاكمات عادلة. وأضاف بأن محاكمة المعتقلين في المحكمة العسكرية تتم بصورة بعيدة عن أصول المحاكمات العادلة، وخاصة قضايا الاعتقال الإداري والتي تتولاها المخابرات بشكل صريح، وتفرض على قضاة المحاكم إصدار أوامر، أو تجديد أوامر أخرى، بحق الأسرى دون تقديم لائحة اتهام، ويستبدلها بملف سري يمنع المحامي من الاطِّلاع عليه. وبين المغربي بأن محاكم الاحتلال تتعمد تأجيل جلسات المحاكم لعدد كبير من المرات بهدف مضاعفة معاناة الأسرى وذويهم الذين يسافرون مسافات طويلة ويقطعون إجراءات استفزازية ومذلة لحين وصولهم إلى المحاكم لرؤية أبنائهم ومتابعة قضاياهم، إضافة لمعاناة الأسرى أنفسهم الذين يعتبرون الرحلة قطعة من العذاب. إجراءات قاسية المواطن عيسى صبري والد الأسير الفتى أحمد صبري من قلقيلية والقابع في قسم الأشبال بسجن مجدو يتحدث عن رحلة المعاناة وما يتعرض له أهالي الأسرى من إجراءات قاسية للوصول إلى المحكمة حيث يقول “منذ اعتقال ابني أحمد قبل 11 شهراً، توجهت على محكمة سالم ما يقارب 10 مرات، وأقطع مسافة تزيد عن 200 كم ذهابا وإياباً، حيث يعتبر يوم جلسة المحكمة هو يوم صعب على النفس والجسد معاًط. ويضيف “عند الوصول عليك السير مسافة طويلة عبر ممر أمني محاط بالشبك الحديدي من الجانبين، ثم الانتظار لسماع الجندي وهو ينادي على عائلة الأسير والدخول في تفتيش مذل ثم الانتظار في القاعة الأخرى حتى يحضر الجنود الأسير إلى قاعة المحكمة، ولا نملك بعد ذلك سوى أن نكحل عيوننا برؤية ابننا فقط، دون السماح لنا بمصافحته أو الحديث معه، ولو حاولنا يتم منعنا بقسوة، وقد نحرم بعد ذلك من حضور الجلسات. ووصف شعوره بالاشمئزاز عندما يسمع اسم محكمة سالم ويقول “وترتسم في ذهني الذكريات السيئة واتخيل أبني الأسير باللباس البني، وهو مقيد اليدين والقدمين بين الجنود الذين يكنون له كل العدا”. رحلة عذاب بينما يروى المسن أبو أسامة جبريل من قلقيلية حكايته مع المحاكم التي حضرها مع حفيده الأسير إسماعيل جبريل قبل إصدار حكم بحقه فيقول” رحلة محكمة سالم العسكرية يمكن أن نطلق عليها رحلة عذاب من شدة إجراءاتها وعدم الاحترام الإنسان فيها، وتعمد الاحتلال إذلال الأسير وعائلته، فهم لا يحترمون أحد ولا يقيمون وزناً لمريض أو كبير في السن او طفل أو امرأة. ويضيف جبريل شاهدت في إحدى الجلسات مجندات ينزعن دبوس الحجاب عن النساء بحجة أنه معدن وتبقى المرأة ممسكة بحجابها بعد نزع الدبوس في منظر تقشعر له الأبدان، وصراخ الجنود على عائلات الأسرى وشتمهم في بعض الأحيان، واعتقال شباب يأتون لزيارة ذويهم في المحكمة، وقد حمدت الله كثيرا أنني تخلصت من الذهاب إلى جحيم محكمة سالم بعد الإفراج عن حفيدي إسماعيل، فمحكمة سالم بالنسبة لي شر مستطير لا أستطيع سماع اسمها، وأتجنب ذكرياتها المؤلمة. حضور لرفع المعنويات بدوره قال المحامي وئام اغبارية من الداخل الفلسطيني بأن المحاكم العسكرية في عوفر وسالم، يعرفها الكل الفلسطيني ، فما من بيت إلا وناله نصيب من عذابها، وذكرياتها المؤلمة ، ويؤكد بأن أهالي الأسرى يمتعضون كثيراً عند الاتصال بهم لإبلاغهم بمواعيد جلسات محاكمة أبنائهم ويتمتمون بكلمات تعبر عن مدى الانزعاج والتذمر من تلك الرحلة نظراً لمعاملة الجنود للأهالي والإجراءات الأمنية الاستفزازية التي يتعرضون لها، ورغم ذلك يصر الأهالي على الحضور جلسات محاكم أبنائهم في محاولة منهم للتخفيف عنهم ورفع معنوياتهم، والاطمئنان عليهم، ولشد أزرهم قبل الحكم عليهم. وأكد إعلام الأسرى بأن سلطات الاحتلال حولت ساحات المحاكم أداة من أدوات التعذيب للأسير وأهله، وكذلك وسيلة ابتزاز بفرض الغرامات المالية الباهظة على الأسرى لإثقال كاهل عائلاتهم في ظل الوضع الاقتصادي المتردي. وطالب إعلام الأسرى المؤسسات الدولية بضرورة تشكيل لجان قانونية متخصصة لزيارة محاكم الاحتلال العسكرية والاطلاع على أشكال الإهانة التي يتعرض لها أهالي الأسرى، وكذلك الأحكام التعسفية الانتقامية التي تفرضها على الأسرى وخاصة الأطفال، والأوامر الإدارية التعسفية التي تصدر من خلالها. 12 أسيرا مريضا يواجهون القتل البطيء في “عيادة سجن الرملة” يعانى الأسرى المرضى القابعون في “عيادة سجن الرملة” والبالغ عددهم 12 أسيرا، من ظروف صحية واعتقالية بالغة السوء والصعوبة، ويواجهون الموت البطيء بفعل سياسة الاهمال الطبي المتعمد من قبل السلطات الإسرائيلية وإدارة سجونها. وذكرت هيئة شؤون الأسرى والمحررين، في بيان، اليوم الأحد، أن المرضى هناك يعانون من سياسة القتل الطبي المتعمد، حيث انعدام الخدمات الطبية والصحية، وعدم تشخيص الحالات المرضية، وانعدام تقديم العلاجات والأدوية اللازمة لهم، ومساومة الأسرى على العلاج وتقديم المسكنات والمنومات. وأشارت إلى أن الأسرى المرضى القابعين في “الرملة” هم: خالد شاويش ومنصور موقدة ومعتصم رداد وناهض الأقرع وصالح صالح ورامي مصطفى وجمال زيد ومحمد صباغ وسامر العربيد وكتيبة الشاويش واحمد سعادة واحمد زهران، إضافة الى أربعة أسرى آخرين يقومون برعايتهم والاهتمام بهم وهم كل من الأسير إياد رضوان وسامر ابو دياك وعليان عمور وأحمد ابو خضير. ونوه إلى أن الحالات المرضية القابعة بسجن الرملة هي الأصعب بالنسبة للسجون الأخرى، فهناك المصابون بالرصاص، والمعاقون، والمشلولون، والمصابون بأمراض وأورام خبيثة يعانون منذ سنوات من تفاقم الأمراض في أجسامهم ومن سياسة الإهمال الطبي، ومن المماطلة في الاستجابة لطلبات الإفراج المبكر لأسباب صحية، والتي يتقدم بها المحامون الى اللجان الإسرائيلية المختصة بهذا الشأن.