يرى الناقد والباحث المسرحي علاوة وهبي أن الاقتباس في الأعمال المسرحية هو أن يأخذ العمل من جنس أدبي أخر كالرواية أو الحكاية أو الأسطورة، وليس الأخذ من نص مسرحي أخر يتم فيه تغير اسم الأماكن والشخصيات والإبقاء على الأحداث كما مثلما هو معمول به عند عدد كبير من المسرحيين الجزائريين والعرب على وجه العموم. أوضح الناقد علاوة وهبي خلال تنشيطه للعدد الثامن عشر من منتدى المسرح والذي طرح خلاله إشكالية “الاقتباس والاختلاس”، بان هناك عدد من المسرحين لا يفرقون رغم رصيدهم المهني بين الاختلاس والاقتباس، مشيرا إلى أن الاقتباس أن يكون مصدره مأخوذ من نوع أدبي أخر على غرار الرواية الحكاية أو القصة أو القصيد ة والأسطورة وهذا ما تقوله حسب الناقد القواميس اللغوي وغيرها من كتب التعريفات والمصطلحات، أما اخذ نص كتب أصلا للعرض المسرحي والقول باقتباسه فانه غير مقبول ولا يكون سوي اختلاسا، مشيرا أن ما قام به بريخت في سيتشوان يعد إبداعا لأنه اقتبس من أسطورة صينية وليس من نص مسرحي صيني أما بالنسبة لكاكي فقد اشتغل علي نص بريخت ولم يشتغل علي الأسطورة الصينية واشتغاله علي قصة شعبية من الغرب ليست هي كل العمل لان روح نص بريخت موجودة في القراب والصالحين وتغيير اسما الشخصيات وتغيير الإلهة إلي الصالحين لا ينفي أخذه نص بريخت، وما قام به هو تكييف لعمل بريخت ونقله إلي اللهجة الجزائرية فقط. وبهذا الصدد، قدم المتحدث تعريفا شاملا لمصطلح “الاقتباس” وقال بأن ترجمة المصطلح تمت خطأ بمعني أن كلمة “Adaptation” قد ترجمة خاطئة منذ البداية ليتم بعدها تبني الخطأ ويصبح كأنه الخطأ الصح، إن أول من ترجم المصطلح وبالخطأ حسبه هو اللبناني “مارون النقاش”، أي هو أول من اختلس مسرحيا بتقديم عمل موليير البخيل سنة 1848، وبالنظر إلى تعريف لاروس الفرنسي فيقول أن “الاقتباس” هو تكييف شيء مع شيء آخر ليس من نوعه ولا أصله أما في لغتنا العربية، فيقول الناقد هو القرآن الذي هو حسبه المرجع الأساسي لغويا، واستدل قوله بسورة “طه” في الآيتين الثامنة والتاسعة كما يلي: “هل أتاك حديث موسي إذ رأى نارا فقال لأهله امكثوا إني آنست نارا لعلي آتيكم منها بقبس أو أجد علي النار هدى”، وفي سورة “النمل” الآية السابعة، وفي سورة “القصص” الآية التاسعة والعشرون. أما تعرف الاقتباس في منجد اللغة فهو “قبسا قبسا منه النار. أخذ منها شعلة”، وهنا يراد القول حسب الناقد علاوة وهبي أخذ منها شعلة وليس النار كلها، وهو عكس ما يفعله المسرحيون مع النصوص التي يقولون أنهم اقتبسوها. أما في معجم المسرح للباحث الفرنسي باتريس بافيس فيقول، فيرى أن الاقتباس هو عملية تحويل أثر أدبي من نوع إلى نوع آخر كأن تحول رواية إلى مسرحية ويضيف بأن معناه هو المسرحة Dramatisation، استنادا إلى الأعمال السردية القصة، الرواية، الحكاية، الأسطورة… ، وهذه العملية تعني فيما تعنيه دراماتورج وهو على نقيض الترجمة أو الحداثة. ويقول بهذا الصدد إن أغلب ما يتم إذن في البلاد العربية ومنذ مارون النقاش إلى اليوم باسم الاقتباس هو باختصار وبصراحة: اختلاس لا أكثر ولا أقل. في مداخلة له ذهب الدكتور حبيب بوخاليفة إلى التعريف بفصول الاقتباس وهو اعتبره فعل مخل بالحياء الفعل المسرحي بالرغم من أنه ساعد في البداية الدخول إلى معترك الممارسة المسرحية بشكلها العفوي البدائي، وقال بهذا الصدد” لا نلوم احد على ذلك في الفترات الأولى من التجربة المسرحية الأرسطية الجزائرية خصوصا والتجربة المسرحية العربية، ولكن هذا لا يمكن أن يستمر بهذا الشكل المريب الذي سمح لكثير من الانتهازيين أن يصنعوا أسماء مسرحية لا تغدوا أن تكون إلا إشكال قاراقوزية لا تسمن ولا تغني في تطور الفعل المسرحي الجاد وفي نفس الوقت تهميش المواهب الفذة التي كانت تتنفس الفن المسرحي سواء كانت في مجال التأليف أو الإخراج أو التمثيل وحتى المفردات الفنية والتقنية الأخرى. فالترقيع المسرحي يقول الدكتور حبيب بوخاليفة مرتبط بالنظام الإداري المركزي الذي كان سببا حسبه في تدمير عبقرية الإبداع الفن المسرحي، مضيفا إلى ذلك دور الإعلام المكتوب سابقا والمرئي لاحقا في تشجيع الترقيع المزمن الذي وجد هويته في ظاهرة “الاختلاس” على وزن الاقتباس. والاقتباس يقول الدكتور حسب تعريف باتريس بافيس هو تحويل مؤلفة أدبية في صنف إلى صنف آخر المسرحي الدرامي، بهذا المعيار نجد أن كل ما كتب وسمي اقتباسا هو اختلاس ونذكر على سبيل الميثال “بابور اغرق” الذي هي عبارة عن تغيير الأسماء و الأماكن والملابس وترجمة الحوار فهي مسرحية كتبها سلافومير مروزاك “في أعالي البحار” أو “غابوا الأفكار” أو “جيلالي زين الهدات” هناك عدد كبير من النصوص لم تتوفر فيها شروط الاقتباس بقدر ما هي ترجمة جزئية حرفية للنصوص الأصلية دون التعمق في ثقافته ومحيطه الأصلي، و لعل أحسن نص احترم شروط الاقتباس هو “القراب و الصالحين” لولد عبد الرحمان كاكي من مسرحية بريشت “الروح الطيبة” أو مسرحية “حمق سليم” لعبد القادر علولة عن نص “يوميات مجنون لقوقل” نص “الشهداء يعودون هذا الأسبوع ” عن قصة الطاهر وطار، بالإضافة إلى نص “غبرة الفهامة” لكاتب يسين . إن معظم النصوص المقتبسة حسب الدكتور حبيب بوخاليفة لا تتوفر فيها شروط الاقتباس وهو ما أوقع عدد من المسرحين حسب الدكتور في عملية ترقيع مزمنة أعاقت اكتشاف المواهب الفذة في مجال تأليف، مشيرا إلى أن الجيل الأول من المسرحين هو من يتحمل مسؤولية هذا الترقيع في التأليف المستعجل لسد حاجيات الممارسة. من جهته أشاد الدكتور حسن تليلاني بهذا الموضوع الملتبس والذي يطرح إشكالية عويصة تتعلق بعدة مفاهيم مسرحية على غرار الاقتباس و المسرحة والإعداد الدرامي والتناص وغيرها من مستويات التفاعل بين الفنون والأجناس، مشيرا بان المسرح مثل كل صنوف الإبداعات يتماهى بعضه في بعض، و كل واحد يغرف من الآخر بقسط بل يغرف ممن سبقوه جميعا، فالإبداع لا يمكنه أن يأتي من العدم.