وتحتاج الدول العربية اليوم في ظل التغيرات التي يعيشها العالم إلى أن استخدام الموارد الطبيعية بنجاعة، خصوصا وأنه لا يتم تحقيق الأمن الغذائي إلا بفلاحة متطورة ومزدهرة. ومن أبرز التحديات التي تواجهها الفلاحة في الوطن العربي محدودية الأراضي الزراعية وكمية ونوعية المياه، والاستهلاك المرتفع للمواد الفلاحية وصعوبة الانفتاح على الأسواق العالمية وكذلك التغيرات المناخية. وزيادة على هذه التحديات، تجدر الإشارة إلى أن العالم أصبح يعيش في تغيرات مستمرة ولا مكان إلا للجودة والمنافسة. في هذا الإطار، انتظم مؤتمر عربي في تونس تحت عنوان "التكامل العربي في مجال تطوير التعليم الزراعي وأهميته في تحقيق الأمن الغذائي" بإشراف اتحاد المهندسين الزراعيين العرب وعمادة المهندسين التونسيين خلال نهاية الأسبوع الماضي بحضور العديد من الخبراء والمهندسين من تونس واليمن والأردن وسوريا وفلسطين وسلطنة عمان وليبيا والعراق والمغرب والجزائر ولبنان والكويت ومصر. وضم المؤتمر العديد من المحاضرات التي ناقشت موضوع الزراعة ودورها في تحقيق الأمن الغذائي في الدول العربية، واهتمت أيضا بالتعليم الزراعي ودوره في تكوين خبراء قادرين على فهم التغيرات الخاصة به واقتراح حلول للنهوض بالقطاع الزراعي للدول العربية. وأفاد عبد السلام منصور، وزير الفلاحة التونسي في افتتاح المؤتمر بأن تحقيق تكامل عربي في مجال تطوير التعليم الزراعي يستدعي بالخصوص تطوير الشراكة بين الهيئات الهندسية العربية وتبادل الخبرات المكتسبة بين كافة دول المنطقة. واقترح في هذا السياق، تكوين بنوك معلومات خاصة بالكفاءات الهندسية العربية لإحكام الاستفادة منها، وتفعيل وتنشيط أعمال الجمعيات العلمية المحدثة في إطار اتحاد المهندسين الزراعيين العرب. وأكد أهمية تأهيل القطاع الخاص بالتعليم الزراعي في الوطن العربي وتطوير جودة المنظومة التعليمية العربية بكافة جوانبها النظرية والتطبيقية وتوحيد المقاييس العلمية المعتمدة. ودعا الوزير إلى إيجاد الحلول المناسبة للصعوبات التي تحول دون تحقيق الأمن الغذائي العربي، مقترحا القيام بإعداد مشاريع تنموية زراعية مشتركة في إطار "شراكة حقيقية وفاعلة" ووضع إستراتيجية لإحكام استغلال الموارد الطبيعية المتاحة. واستعرض من ناحية أخرى ما تواجهه الزراعة العربية من تحديات "جسيمة" جراء التقلبات المناخية والضغوطات على الموارد المائية أو بفعل المفاوضات الجارية لتحرير تبادل المنتجات الفلاحية والتي أصبحت تهيمن عليها تكتلات اقتصادية تخضع هذه المنتوجات مقاييس صارمة ومنافسة حادة. وقال يحيى بكور الأمين العام المساعد لاتحاد المهندسين الزراعيين العرب من جانبه، إن "فقدان الامن الزراعي العربي وتنمية الموارد المائية من القضايا التي تعوق تطور الأمة العربية واستقلال قرارها" معتبرا أن "هذه المشكلة لا تحل إلا بالتعاون والتكامل العربي البناء".