يتساءل أغلب المواطنين عن سبب استمرار الإهمال الذي طال المقابر منذ سنوات رغم قداستها بل تعدى الأمر لانتهاك حرماتها وباتت ملجأ للمنحرفين والشواذ، وحتى للصوص، باعتباره مكان يتسنى للجميع فعل ما يريد، دون أن تدخل الجهات المعنية في ردع مثل هذه السلوكات التي تساعد في انهيار القيم الأخلاقية في المجتمع. طارق. ب تعاني أغلب المقابر بالعاصمة على غرار"العاليا" من انتهاكات متواصلة للحرمة الموتى اذ أصبحت هذه الأخيرة مرتعا للمنحرفين وحتى اللصوص يمارسون فيها طقوسهم دون رادع في غياب الرقابة الصارمة، ويزيد الطين بلة الغياب الشبه التام للمخططات المتعلقة بإعادة تأمين المقابر وزوارها. .. الأموات لم يسلموا حتى في قبرهم بات هذا المكان مصدر قلق لسكان المنطقة المجاورة للمقابر بعدما تحولت إلى وكر للمنحرفين ومكانا لممارسة كافة أشكال الرذيلة التي أصبحت من مألوف الحياة اليومية في هذا المكان لاسيما في فترات الليل. حيث أكد احد المواطنين أن بعض مقابر تحولت مؤخرا إلى مخمرة ومكان مفضل لتعاطي المخدرات بعيدا عن الرقابة الأمنية واحتواء المجانين والمتسولين، مشيرا ان الأموات لم يسلموا حتى في قبرهم من الإستماع للكلام البذيء الصادر من هؤلاء المنحرفين الذين اختاروا هذه الأماكن الطاهرة لإفراغ مكبوتاتهم. منتهكين بذلك حرمة الموتى بارتكاب مختلف السلوكات المشينة والمنبوذة بما فيها السحر والشعوذة التي عرفت انتشارا كبيرا في الآونة الأخيرة خاصة في مثل هذه الأماكن. كما أصبحت المقابر أيضا المكان الآمن لاحتساء وشرب الكحول وتعاطي المخدرات الى غاية الصباح دون رقيب والامر سيان بالنسبة للمشعوذين الذين ينبشون القبور ويضعون أمور السحر والشعوذة في التربة المقدسة لقبور الموتى. كما يوجد طرق يدنسون السحر في المقابر كأن يضعوا كتاب أو بيضة في جوارب ،كل مرة ظاهرة جديدة، وفي مرات كثيرة وجدنا قبور منبوشة وعثرنا على حفر يدسون فيها تلك الأشياء في المقابر المنسية التي مر عليها زمن طويل دون ان يسأل عنها احد . هذه بداية لمشهد جديد إلا أن قصة أحد الشيوخ المقيم بجوار مقبرة العالية أذهلتنا : فقد اكد انه "في إحدى المرات أمسك امرأة .تحمل جوارب بها سمكة لكن رأس السمكة فقط فيها السم، ومرة أخرى أمسكت أخرى في هذا المكان.. هناك.. بيدها قطعة قماش مليئة بالإبر، وكل هذه الأساليب السحرية بدع، يعمدون إلى حفر ونبش القبور ودفن سمومهم هناك. من جهته يقول مواطن آخر أن المجانيين لهم نصيب هم ايضا، فقد تقاسموا المكان مع الأموات هروبا من ظلم الأسوياء حيث يفضل بعض المجانين محادثة الأموات ومقاسمتهم همومهم. .. لا يجوز العبث بالمقابر شرعا وقانونا جرمت التشريعات الأفعال التي تمس الإنسان حيا أو ميتا، ولذلك أقرت أن للموتى حرمتهم وكذا أماكن دفنهم، حيث لا يجوز العبث بالمقابر ولا هدمها أو حفرها وإعادة استخراج الجثث وحسب نصوص القانون الجنائي ، فإن من هدمها أو من انتهاك المقابر بأية وسيلة كانت، يعاقب بالحبس من ستة أشهر إلى سنتين وغرامة من مائتين إلى خمسمائة دينار جزائري. ويضيف القانون في الفصول التي يتحدث فيها عن الجرائم المتعلقة بالمقابر وحرمة الموتى، أن من ارتكب عملا من شأنه الإخلال بالإحترام الواجب للموتى في مقبرة أو في أي مكان آخر للدفن، يعاقب بالحبس من شهر إلى ثلاثة أشهر وغرامة من مائتين إلى مائتين وخمسين دينارا ومن انتهك قبرا أو دفن جثة أو استخرجها خفية يعاقب بالحبس من ثلاثة أشهر إلى سنتين وغرامة من مائتين إلى خمسمائة دينار ومن لوّث جثة أو مثل بها أو ارتكب عليها عملا من الأعمال الوحشية أو البذيئة يعاقب بالحبس من سنتين إلي خمس سنوات وغرامة مالية، معتبرة أن الأفعال التي ارتكب أولئك يعاقب عليها بالسجن، لأن للمقابر حرمتها وللآدمي حيا أو ميتا حرمته لا يجب انتهاكها، وإتيان ذلك الفعل يعد جريمة في نظر القانون. وهكذا فإن القانون الجنائي اعتبر انتهاك المقابر وحرمة الموتى جريمة شأنها شأن الأفعال المجرمة لأن فيها مساسا بحقوق الغير وتحدث اضطرابا اجتماعيا ولذلك فإن القانون يوجب زجر مرتكبيها بعقوبات محددة طبقا لفصول القانون الجنائي.