لم تعد المرأة كما كانت في الماضي زوجة وأماً فقط، بل أصبحت أيضاً امرأة عاملة. فأعداد الأمهات العاملات في تصاعد مستمر ولا يرجع السبب الذي دفع بالمرأة إلى سوق العمل لمساعدة الزوج، بل أيضاً من أجل الإحساس بالاستقلالية وبناء كيان اجتماعي خاص بها. وبين هذا وذاك يبقى حضن الجدة الملجأ الأمثل للأطفال نظرا لغيابهن ساعات طويلة عن المنزل. لطيفة مروان في ظل هذه الظروف يبدأ الاعتماد على الجدة في تربية الأطفال ما يطرح أسئلة عدة: هل المرأة هي المسؤول الأول عن تربية الأبناء وما الأهمية التي تشكلها الأم في تكوين شخصية الطفل وتنشئته؟ وفي ظل تغير الظروف الاقتصادية كيف يمكن للأم أن توفق بين العمل وتربية الأبناء؟ وهل خروجها من البيت يمكن أن يعود ببعض الإيجابيات على الأبناء؟ و ما هي الأضرار النفسية والاجتماعية التي قد يتعرض لها وجود الأبناء في حصن الجدة لساعات طويلة في النهار؟ وكيف يمكن التعامل مع هذه الظاهرة؟. توكيل الجدة للقيام بتلك المهمة هو أفضل في نظر اغلب الأمهات، وأحد الأسباب وراء تلك الأفضلية، هو تدني تعرض الأطفال لإصابات الحوادث بنسبة مهمة عند قيام الجد أو الجدة بتقديم تلك العناية، بالمقارنة مع توكيل تلك المهمة لإحدى المتخصصات في رعاية الأطفال. وكان الباحثون من كلية بلومبيرغ للصحة العامة، التابعة لجامعة جون هوبكنز، قد نشروا ضمن عدد نوفمبر من مجلة "طب الأطفال" الصادرة عن الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال، نتائج دراستهم الواسعة حول مدى سلامة الأطفال خلال فترات رعاية "غير الوالدين" للأطفال. وشمل الباحثون في دراستهم شريحة بلغت أكثر من 5500 طفل رضيع، من 15 مدينة بالولايات المتحدة، وذلك ضمن ما يُعرف ب "التقييم القومي للخطوات الصحية في برنامج رعاية الأطفال الصغار". وراجع الباحثون الأمور المتعلقة برعاية أولئك الأطفال في فترة استمرت حوالي ثلاث سنوات. وأشار الباحثون إلى أن نتائج دراستهم تُخالف الاعتقاد الشائع لدى البعض بأن الأطفال أكثر عُرضة للإصابات والحوادث في حال قام الجد أو الجدة بالعناية بهم وقالوا بأن قيام الأم، أو غيرها من الأقارب، بترتيب برنامج لرعاية الطفل من قبل الجد أو الجدة، يُؤدي إلى تقليل فرص تعريض الطفل لإصابات الحوادث بمقدار 50%. ومن جانبها، قالت آسيا مهل أخصائية في علم النفس إن من المهم جداً، وبدرجة حساسة، أن ان ترعى الجدة بدل الأم أفضل من تعويضها بمربية أطفال في حال غياب الوالدين: لأن الحماية التي يُقدمها أحد الأجداد للأطفال ربما تعتمد على الاختيار الصحيح لذلك الجد أو تلك الجدة، فإننا بحاجة إلى مزيد من البحث حول ما يُسهم في توفير وتسهيل اختيار الوالدين لأحد أولئك الأقارب للعناية بالأطفال في غيابهم، والبحث أيضاً حول نوعية نمط الرعاية التي يُمكن أن يُقدمها أحد الأجداد بالطفل".كما أن "حوادث إصابات الأطفال تقل في الأسر التي يعيش فيها الوالدين مع بعضهم البعض، وترتفع في تلك التي يعيش الأب في منزل منفصل عن بقية أفراد أسرته