"مغني الراب نصب نفسه حزبا سياسيا معارضا من أجل الشهرة" يرى عميد الأغنية السوفية عبد الله المناعي أن لا وريث بعده في لونه الغنائي، وأنه غير محتاج لانتاج ألبومات غنائية ما دام يملك جمهورا واسعا سيجمع تراثه. وقال المناعي أنه ظُلم إعلاميا رغم مسيرته الحافلة بالرحلات والحفلات. وبخصوص واقع الأغنية الجزائرية أكد المناعي في حور له مع "الحياة العربية" أن الكلمة البذيئة أصبحت تشكل خطرا على الفن الجزائري وانتقد المناعي مطربي الراب الذين يبحثون عن الشهرة وقال أنهم نصبوا أنفسهم أحزابا سياسية معارضة وهم لا يفقهون في السياسة شيئا. مع انتشار الواي واي وآي آي ما تقييمك لراهن الأغنية الجزائرية؟ أنا أتأسف على هذا الحال الذي وصل إليه الفن في الجزائر وحزين على راهن الأغنية الجزائرية التي تراجعت كثيرا مقارنة مع سنواتها الذهبية في السبعينات والثمانينات وكانت تضيء بنجومها وأصالتها على الجمهور الجزائري والعربي وتقدم له تراث وروح الجزائر بإيقاعاتها المتزنة، وكانت لا تخلوا المهرجانات العربية من أصوات جزائرية حملت صوت الثقافة والفن الجزائري عاليا، تعيش الأغنية الجزائرية حاليا ضعفا كبيرا لكن بالمقابل أشير أن الوضعية السلبية التي تعيشها الأغنية عندنا بالجزائر تنطبق أيضا على الأغنية العربية عموما التي تراجعت على مستوى اللحن والكلمات وأصبحت تعتمد على معايير غير فنية بل على الجسد والجمال والتقنية والصخب . برأيك إلى ما يرجع هذا التدهور ؟ ثمة تراجع كبير للأسف في المستوى الأغنية اليوم سواء من حيث الكلمة واللحن والصوت، وربما هذه الوضعية هي مرحلة وسحابة صيف فقط سيتم تجاوزها في الفترة المقبلة مع ظهور أصوات قوية واعدة. في الماضي كانت لدينا في الجزائر أصوات قوية وكان الملحنين والشعراء يتنافسون على هذه الأصوات القوية من أجل توجيهها وتدعيمها وتقديمها في ثوب جيد أما اليوم فالأصوات الجميلة لا تجد من يدعمها. ما رأي عميد الأغنية السوفية في أغنية الراي ؟ الراي اليوم أصبح يشكل خطرا على الأغنية الجزائرية بكلماته البديئة، ونفس الشيء بالنسبة لأغنية الراب التي نصب مغنيوها نفسهم حزبا سياسيا معارضا، وأرى أن هؤلاء المغنين يركبون صهوة جواد المعارضة من أجل كسب المال والشهرة. بحديثك عن التجارب الواعدة ما رأيك في مدرسة ألحان وشباب ؟ تجربة برنامج " أحان وشباب " لا أقول عنها أنها تجربة جيدة أم لا لكن أرى فيها محاولة فنية لاكتشاف المواهب والأصوات لدى الجيل الجديد السؤال الذي يطرح نفسه ماذا بعد التتويج. هل يستمر المشروع ويتم رعاية الفنان الشاب الفائز والناجح في البرنامج ودعمه من أجل حضوره فنيا على الساحة ومنحه المناخ المناسب لكي ينتج ويحيي الحفلات. حسب رأيي لابد على القائمين على هذه البرامج الفنية، تنظيم مسابقات جهوية وأن يستشيروا فناني تلك المنطقة المعروفين ويطلبوا مني مثلا ويقولوا لي مثلا عبد الله المناعي رشح لنا صوتا من الجيل الجديد بمنطقة وادي سوف وبدوري أرشح لهم صوتا ولدينا في واد سوف صوت قوي هو الشاب محمد الخامس، ومن منطقة قسنطينة مثلا الفنان القدير الحاج محمد الطاهر الفرقاني يرشح لهم صوتا شابا في لون وطابع المالوف وأيضا يطلبون من الفنان الكبير الحاج رابح درياسة أن يقدم لهم صوتا شابا من البليدة وهكذا، حتى نبرز خصوصيات كل منطقة ونعرف بمختلف المدارس الفنية ونقول هذه مدرسة المناعي والفرقاني ونخلق بعدها فكرة التنافس الفني بين الولايات ونؤسس لتقاليد فنية جديدة من أجل الحفاظ على الموروث الفني الجزائري الغني ، وخلال التنافس كل فنان يتباهى بالصوت الذي رشحه ونقدم هذه الأصوات الشابة القوية لمدرسة ألحان وشباب. وبخصوص المهرجانات الفنية التي تحتضنها الجزائر كيف تقيمها أنت كفنان له صيته الواسع ؟ الجزائر قارة ثقافية وفنية ولها زخم وطبوع فنية كثيرة، نعم هناك نخبة من المهرجانات الفنية المتخصصة لكن من المفروض أن يخصص لكل ولاية مهرجانها الغنائي لإبراز موروثها وخصوصياتها وجمالياتها من أجل اكتشاف الأصوات الجديدة ورعايتها وتقديم يد المساعدة من أجل استمرار الرسالة الفنية الجزائرية لكن للأسف أيضا رغم وجود هذه المهرجانات غير أن الترويج الفني على المستوى الإعلامي غائب وبالتالي يجب أن تتظافر الجهود لإعادة بعث الأغنية الجزائرية الأصيلة وعلينا الابتعاد عن الدسائس والخلافات لأنها تسيء للفن والثقافة الجزائرية ولأن سمعة الجزائر أكبر من الخلافات الظرفية وبالتالي يجب تجاوزها لأن الثقافة هي العمود الفقري للبلد وصورتها، وبالمناسبة أوجه دعوة للمسؤولين من أجل تدعيم براعم الكشافة الإسلامية باعتبارها مدرسة . هناك الكثير من محبيك يتساؤلون عن سبب قلة إنتاجك الفني ؟ أنا راض على ماقدمته حتى اليوم ويكفيني رصيدي من الأغنيات وأنا لا أحب تسجيل الألبومات ومن يريد أن يستمع لي عليه أن يجمع تراثي ، لأنني ضد فكرة التجارة في الفن ولأنني أغني لجمهوري البسيط وليس هدفي الثراء لأن الله أكرمني والحمد لله بالمال الوفير فيه تجارة، كما أنني وفي عمر 76 سنة من الضروري أن أحافظ على صوتي وعلى إرثي، لأني أخاف أن أنساق وراء موجة الموسيقى الجديدة وأخاف على لوني الفني التراثي، وأنا جد مستاء جدا من طريقة إعادة أغاني وتتملكني المرارة هل صحيح أن الفنان عبد الله المناعي قرر الاستقرار في تونس مؤخرا؟ لا هذه إشاعة، أنا مازلت أقيم بوادي سوف وأمارس الفلاحة والتجارة وأشرف على حقل البطاطا والفواكه المختلفة، وربما ماجعلهم يقولون أني مقيم في تونس هوكثرة تردد عليها بحكم شعبيتي وحب الجمهور التونسي لطابعي الغنائي حيث أحيي حفلات قد تصل إلى 50 حفلة في العام بتونس، وأشكر الإخوة بتونس على حبهم وتعلقهم بفني دعوتي، كما أنني أمثل الفن الجزائري أحسن تمثيل وبمثابة سفير للجزائر بتونس فنيا ومتواجد على الساحة هناك منذ 36 سنة في تونس. من سيخلف عبد الله المناعي ويمثل الأغنية السوفية برأيك؟ لا خليفة لي في أداء الأغنية السوفية ، وألوم الإعلام لأنه مقصر في حقي رغم ما حققته للأغنية الجزائرية، لقد سافرت إلى كل بلدان العالم وغنيت أمام الرؤساء والوزراء، وسافرت لهافانا وغنيت هناك لكن للأسف لم أجد الاهتمام الكافي إعلاميا. هل يملك المناعي بطاقة الفنان ؟ لا ولم أسعى للحصول عليها لأنني ميسور الحمد لله، الله رزقني من بابه الواسع، ولكن تبقى ضمان لي ولعائلتي وألوم نفسي بالدرجة الأولى لكن مدير ديوان حقوق التأليف سامي بن شيخ سيتخذ الإجراءات الضرورية للحصول عليها قريبا.