فرحة عارمة غمرت وسط الميدان حسين مترف وهو يلعب مباراة إفريقيا الوسطى كاملة، بعدما تعرض للتهميش لفترة طويلة من صفوف المنتخب الوطني، رغم الإمكانات المعتبرة التي يتمتع بها وسط ميدان شبيبة القبائل. فوز بثنائية على إفريقيا الوسطى وبأداء مقنع، فما هو تعليقك على هذا الإنتصار، وما هو انطباعك حول المردود الذي ظهر به المنتخب اليوم ( الحوار أجري عقب اللقاء)؟ أنا سعيد لذلك لأنه فوز جاء في وقته بعد الفترة العصيبة التي مرّ بها منتخبنا في الآونة الأخيرة، فالجميع رشّحنا مسبقا لبلوغ نهائيات كأس إفريقيا 2012، لكننا أقصينا للأسف الشديد، واليوم دخلنا بنية الفوز لوضع حد لسلسلة النتائج السلبية من جهة، ولرد الإعتبار لأنفسنا واسترجاع الثقة، والحمد لله أن “الله” لم يخيبنا إذ لعبنا بشكل جيد وقدمنا مردودا طيبا، أعتقد أنه نال إعجاب الجماهير الحاضرة أو تلك التي شاهدتنا وراء الشاشة الصغيرة، وهو فوز معنوي سيعبد لنا الطريق نحو مستقبل وغد أفضل. لطالما مرّ منتخبنا جانبا في 5 جويلية، لكنكم اليوم طردتم ذلك النحس... نعم، منتخبنا وإن لم تخنّي الذاكرة لم يفز منذ فترة في ملعب 5 جويلية، لكننا اليوم فزنا وطردنا ذلك النحس وأعتقد أن ملعب 5 جويلية من أجمل الملاعب في الوطن، ويكفيك أن تلعب جيدا كي يساندك الجمهور ويشجعك على الفوز، وهو ما حدث لأن الجماهير الحاضرة شجعتنا بكل قوة وكأننا معنيون بالتأهل، وأعتقد أننا لم نخيبهم بدورنا. وقفنا اليوم على منتخب منظم من كل النواحي، فهل هي لمسة المدرب حليلوزيتش أم أن رغبة اللاعبين اليوم كانت كبيرة من أجل الفوز والنهوض من جديد بالمنتخب؟ الإيجابيات اليوم كانت أكثر من السلبيات، كل مدرب ولمسته وطريقة عمله ومدربنا سعى منذ قدومه إلى جعلنا نلعب بطريقة هجومية محضة دون إهمال دورنا الدفاعي طبعا، طبقنا ذلك بحذافيره بالإعتماد على الكرات القصيرة والتمرير فيما بيننا والتوغل على الأجنحة، وهو ما منحنا فرصا عديدة للتهديف سجلنا على إثرها هدفين، وكان بمقدورنا إضافة أهداف أخرى لو جسدنا الفرص التي أتحيت لنا، ولا ننسى أن اللاعبين جميعا كانت تحدوهم رغبة كبيرة في تحقيق الفوز، سواء من لعبوا أساسيين أو أولئك الذين لم يلعبوا، فكلنا وخلال تربص سيدي موسى عقدنا العزم على الظفر بالنقاط الثلاث وبأداء مقنع لوضع حدّ لنزيف النقاط الذي عرفه منتخبنا على مدار التصفيات، وكان لنا ذلك بتطبيقنا التعليمات وتجسيدنا الفرص. الهدف المبكر الذي سجلتموه سهل من المأمورية أليس كذلك؟ هذا أكيد، لكن حتى نحن لم ننم بعد تسجيلنا الهدف وواصلنا ضغطنا وسيطرتنا، فغالبا ما يكون الهدف المبكر نقمة، لكننا ضغطنا وسيطرنا وتمكنا من تسجيل هدف ثان قبل نهاية المرحلة الأولى، ما سهّل علينا المهمة بعض الشيء مقارنة بما كان سيحدث لو أننا لم نسجل، والدليل على ذلك أن فرصا أخرى سانحة للتهديف أتيحت لنا وكان بمقدورنا أن نعمق الفارق على إثرها. لكن المردود تراجع بعض الشيء في المرحلة الثانية، فهل تشاطرني الرأي؟ نعم تراجع، بما أن المنافس اندفع إلى الأمام بغية العودة في النتيجة بما أنه كان يسعى إلى الفوز حتى يلعب آخر حظوظه في التأهل، لكنه ترك مساحات شاغرة في الخلف استغليناها وخلقنا من خلالها فرصا عديدة كانت ستقتل اللقاء كليا وتحسم الأمور لصالحنا بنتيجة ثقيلة. تبدو سعيدا لأنك شاركت أساسيا اليوم، وقدمت مردودا جيدا فوق ذلك، فهل أنت راض على ما قدمته؟ نعم أنا جدّ سعيد، لطالما انتظرت هذه الفرصة، في السابق تحدثت مرارا وتكرارا عبر الصحافة أكثر مما لعبت ولم أكن حينها أطالب بشيء سوى بحصولي على فرصتي كسائر اللاعبين الجزائريين، كنت واثقا من نفسي وتمثيل ألوان بلادي أحسن تمثيل، الحمد لله أن الفرصة أتيحت لي اليوم ولعبت أساسيا ولم أخيب، وأنا راض على ما قدمته في أول ظهور لي مع المجموعة، ومع ذلك علي أن أضع قدماي على الأرض، فالمشوار لا يزال طويلا بالنسبة لي، علي أن أثابر وأتحلى بالجدية التي تحليت بها منذ الصغر، علي أن أستغل الفرص وأقنع حتى أحافظ على مكانتي في المنتخب الوطني. هل هو ثأر شخصي لك مما عانيته في الماضي من تهميش؟ لا ثأر ولا هم يحزنون، لا أبحث عن الثأر من أي شخص، أنا لاعب جزائري بحثت عن فرصتي لخدمة بلادي، أتتني الفرصة ولعبت أساسيا وآمل أن أكون قد أقنعت، وأمور أخرى لا أعيرها اهتماما، المهم بالنسبة لي أن أدافع عن ألوان الجزائر وانتهى الأمر. نسيت الماضي ومعاناته؟ نعم نسيت تلك الفترة القاسية، وأؤكد لك أن ما عانيته سابقا من تهميش هو الأمر الذي جعلني أثابر وأكافح حتى أنال ما كنت أصبو إليه، وكما يقال “كل محنة تزيد في الراس فهامة”، ومحنتي ومعاناتي معنويا جعلتاني أنال اليوم اعترافا من المدرب الحالي الذي وضع في شخصي ثقته هو وكافة أعضاء الطاقم الفني، وأنا بدوري أشكرهم كثيرا على ذلك. وهل نسيت بن شيخة الذي قلت سابقا أنه لم يمنحك فرصتك؟ نعم نسيت الحكاية ولا أريد العودة لها، “اللي فات مات” كما يقال، الحمد لله أني لم أتعد حدودي من قبل في مختلف تصريحاتي، طالبت بحقي وفقط، أتمنى لبن شيخة النجاح في مهنته وهذه هي الدنيا، نحن نتعلم من أخطائنا، فأنا كلاعب أتعلم من أخطائي وعبد الحق هو الآخر تعلم من أخطائه، المهم أني لست حاقدا عليه. لاحظنا أنك لعبت من دون عقدة وكأنك لاعب قديم، فما الذي سهل عليك مهمة الإندماج داخل المجموعة؟ لماذا أتعقد؟ لعلمك أني لاعب يندمج بسهولة في أي مجموعة تضعني فيها، لعبت في فرق جزائرية عدة واندمجت فيها بسهولة كبيرة، وما سهل علي ذلك ثقتي الكبيرة في نفسي وإمكاناتي، ومع المنتخب أيضا لم أعتبر نفسي يوما لاعبا جديدا، لبيت الدعوة ودخلت المجموعة بسهولة ولم أحتقر نفسي لأني أعرف إمكاناتي، وقمت بواجبي على أكمل وجه، وسأقوم بذلك في كل فرصة تتاح لي مستقبلا. كنت اللاعب المحلي الوحيد في التعداد الأساسي مع المحترفين، فهل وجدت معالمك مع لاعبين تلعب معهم لأول مرة؟ أوّلا أريد أن أوضح أني أرفض التعامل مع اللاعبين بفئتين، المحليين والمحترفين، كلنا جزائريون نسعى إلى تحقيق هدف واحد وهو رفع راية الوطن عاليا في المحافل الدولية، ومن حيث التأقلم فوق الميدان، أعترف أن اللعب مع مجموعة جديدة عليك لأول مرة غالبا ما يكون صعبا، لكن رفاقي سهلوا لي المهمة، ثم إن مكوثي مع المجموعة في التربص لفترة طويلة جعلنا نعرف طريقة لعبنا بسهولة، فكان من السهل بعدها أن يكون التنسيق بيننا حاضرا فوق المستطيل الأخضر، ومازالت هناك مباريات ودية مستقبلا وسيكون فيها الإنسجام أفضل إن شاء الله. كنت في حاجة لمن يضع فيك ثقته؟ نعم هذا ما كنت بحاجة إليه، إلى التفاتة فقط والباقي “علي” كما يقال، وحليلوزيتش منحني الفرصة وأتمنى أني لم أخيبه ولم أخيب الجمهور الجزائري العريض. وكيف تتوقع المستقبل بعد هذا الفوز؟ هو فوز معنوي ومهم، صحيح أننا خرجنا من التصفيات ولم نتأهل إلى نهائيات كأس إفريقيا 2012، إلا أننا مطالبون بطي الصفحة وفتح صفحة جديدة في المستقبل، هذا الفوز سيعبد لنا الطريق لتحقيق نتائج أفضل، فهناك تحديات تنتظرنا مع مطلع الموسم الجديد، وعلينا أن نتأهب لموعدي تونس والكامرون جيدا، كي نحضر أنفسنا كما ينبغي لما ينتظرنا في تصفيات كأس إفريقيا 2013 وتصفيات كأس العالم 2014، وهي النهائيات التي علينا ألا نغيب عنها.