كلّنا نعرف الآن أنّ بقاء الناخب الوطني رابح سعدان على رأس العارضة الفنية للمنتخب الوطني قد ترسّم يوم الخميس المنقضي، فالوزارة و”الفاف” جدّدا فيه الثقة إلى غاية 2012 حفاظا على الاستقرار. وتفاديا لأي تغيير غير نافع أو غير صالح على حدّ ما برر به أصحاب القرار، قرارهما هذا، خبر لم يرق الكثير من الجزائريين ممن كانوا يرغبون في إحداث تغييرات على رأس المنتخب الوطني بعد فشله الذّريع في تمثيل الجزائر أحسن تمثيل في نهائيات كأس العالم الجارية حاليا بجنوب إفريقيا، ولم يرق أيضا العديد من اللاعبين المحليين ممن كانوا يأملون في أن يحدث التّغيير بالاستنجاد بمدرب آخر يمنحهم فرصة اللعب في صفوف “الخضر” بعدما حرموا من ذلك في المونديال الحالي، وبعدما صارت الفرصة تمنح لمن يأتي من وراء البحار دون من ولدوا في الجزائر. زياية ولموشية ليسا الوحيدين من فقدا الأمل وكان المهاجم عبد المالك زياية ووسط الميدان خالد لموشية أوّل من فقد الأمل في الدفاع عن الألوان الوطنية من جديد بعدما كان تجديد الثقة في سعدان يبدو وشيكا الأسبوع المنقضي، فالأول كان يدرك حسب مقربيه بأنه لن يرى الفرج ما جددت الثقة في الناخب الحالي، والثاني بدا حسب مقربيه محبطا لدى رواج أخبار بقاء سعدان بشدة، وأدرك بأنه لن يعفو عنه غلطته البسيطة في أنغولا، ولن يجدد الاتصال به ومنحه الفرصة من جديد، وبتأكد بقاء سعدان فقد عدد كبير من المحليين الثقة في حمل الأول الوطنية، وفضلوا أن يلتفتوا إلى أنديتهم التي يقتاتون منها ويأكلون من خلالها لقمة العيش، على أن يحلموا بحمل الألوان الوطنية، وتتبخر بعدها تلك الأحلام من خلال تجاهل الطاقم الفني الحالي لهم في كل المحافل، حتى لو تعلق الأمر بمجرد لقاء ودي. مواهب ستكتفي بكأس إفريقيا للمحليين وللأسف الشديد فإن حفاظ الهيئة المسيرة لكرة القدم على الاستقرار بحفاظها على الطاقم الفني الحالي، سيدفع هذا الأخير بدوره إلى الحفاظ على الاستقرار داخل التعداد بالحفاظ على نفس التركيبة البشرية التي مثلت الجزائر في “المونديال”، وهو ما يعني سدّ الطريق في وجه العديد من المواهب المحلية ممن كانت تنتظر فرصها بفارغ الصبر، للكشف على إمكاناتها، والإثبات للجميع بأن المادة الخام موجودة في الجزائر لم يتم الاهتمام بها، ومنح الفرصة لها، لكن أحلامها ستصطدم بتجديد الثقة في المحترفين، ما يجعلها تكتفي فقط بتمثيل الجزائر في المحفل الكروي الإفريقي الذي ينتظر منتخبنا المحلي السنة المقبلة بالسودان عندما يشارك لأول مرة في كأس إفريقيا للمحليين. جابو، حاج عيسى، غزال، درّاڤ وآخرون عليهم الإنتظار “كاش عام” الحديث عن المواهب يقودنا إلى التطرق إلى بعض الأسماء القادرة على دعم القاطرة الهجومية لمنتخبنا الوطني، فمن الخطأ أن نتجاهل موهبة من طينة جابو مثلا، ومن الخطأ تجاهل حاج عيسى، غزال، دراڤ وبن موسى، وكل العناصر المحلية القادرة على إعطاء دفع جديد لهجوم منتخبنا المريض، لهجوم يتواجد في غرفة الإنعاش بعدما عجز عن هز مرمى المنافسين منذ مباراة كوت ديفوار وبالضبط منذ سبعة أشهر كاملة، وتوحي كل المؤشرات بعد الإبقاء على سعدان وحاشيته أن المحليين لن يكونوا ضمن خياراته القادمة، لأنه وبكل بساطة يعول على تجديد الثقة في غزال، جبور مع تدعيم الهجوم ببعض المحترفين ممن لا زالوا وإلى حدّ كتابة هذه الأسطر يديرون ظهورهم للمنتخب الوطني. حتى مدربين محليين خاب أملهم وإذا ما كنا الآن متيقنين من بقاء الأوضاع على حالها بخصوص التركيبة البشرية للمنتخب، فإن الأمر كذلك بالنسبة للعارضة الفنية التي ستعرف في الوقت الراهن وإلى غاية شهر سبتمبر القادم بقاء جلول وكبير مساعدين لسعدان، وهو الخبر الذي خيب آمال العديد من المدربين المحليين واللاّعبين القدامى ممن كانوا يتوقعون أن يحصلوا على فرصهم التي حصل عليها سعدان ومساعدوه حتى الآن، وهو حق مشروع في الحقيقة لجيل خدم الكرة الجزائرية أفضل خدمة هو الآخر، إذ لا أحد ينكر أن سعدان خدم كرتنا المريضة كمدرب، لكن لا أحد ينكر أيضا أن أمثال ماجر خدموا الكرة الجزائرية بدورهم، سواء كلاعبين أو كمدربين، ومن حقهم اليوم أن يطمحوا في الحصول على فرص لتدريب “الخضر” ومحاولة تحسين ما يمكن تحسينه، أو بالأحرى مواصلة العمل القاعدي الذي أنجزه سعدان لتطويره والسعي من أجل إيجاد الحلول لتمكين هذا المنتخب من التسجيل وتحقيق الانتصارات التي صار يبدو عاجزا عن تحقيقها. فليتحمّل كل طرف مسؤوليته وإن كنا لا نملك أي قرار فعلي في تعيين المدربين وتنحية البعض منهم، بما أن “الفاف” بقيادة روراوة والفاعلين معه هم من يقررون، وهم من ينتقدون سعدان متى يشاؤون وينقلبون في اليوم الموالي ليُمجدونه ويُجددون الثقة في شخصه كمدرب ل “الخضر”، فإننا نملك شيئا واحدا وهو وضع كل طرف في الصورة، وتذكير هؤلاء من الآن أنهم هم من جددوا الثقة في الطاقم الحالي، وسمحوا له بمواصلة مهامه على رأس المنتخب، فليتحمّل كل شخص مسؤوليته في حال الإخفاق، ويتشبث كل واحد منهم بمبادئه، وليعمل كل واحد منهم على توفير المناخ اللازم ل سعدان كي ينجح في مهمته لا أن ينتقد في الظهر ويحتضن ويمدح ويثني عليه أمام وسائل الإعلام أو وجها لوجه.... فأمام منتخبنا الكثير من التحديات الصعبة، وأصعبها المغرب التي من الخطأ الاعتقاد أنها ماتت وانتهت، بل هي مجرد أسد نام مؤقتا سرعان ما قد يستفيق من سباته، ليشكل أمامنا سدّا منيعا نحو الغابون وغينيا الإستوائية... ولسنا هنا بصدد إعطاء الدروس لأحد مثلما زعم أحد أصحابنا لأننا ندرك أن شعبنا الذي يعرف كرة القدم حق المعرفة ليس بحاجة لمن يعطيه دروسا، وما رفضه القاطع لتجديد الثقة في الطاقم الحالي لخير دليل على أنه شعب يعرف الكرة ويتنفسها أكثر مما يتنفس الهواء.