وسيروا في مناكبها موريتانيا.. ذلك البلد الذي كان يعرف ببلد شنقيط ذات الحضارة العريقة، ومنارة العلم والشعر والقلم، تربطني بها علاقات أثناء عمادتي كلية الحقوق بالبليدة، سواء بدعم الطلبة الموريتانيين الوافدين، أو تنظيم ملتقيات مع جامعة نواكشوط التي تربطني علاقة صداقة وأخوة مع رئيسها الدكتور الخبار العضو السابق بالمجلس الدستوري، وأساتذتها، ولذلك أثناء إشرافي على الطلبة الموريتانيين كنت امتحنهم، فمنهم من أطلب منه قصيدة شعرية ومنهم من أطلب منه تلاوة جزء من السور القرآنية للتأكد إن كانوا فعلا موريتانيين" ثيواني " أم موريتانيين " قح". وبعد سفري إلى قطر أصبح التعاون والعلاقات نوعية وبالأخص في المجال العلمي والإنساني، فكنت أتعامل مع رئيس الدولة شخصيا ورئيس المجلس العسكري للعدالة والتنمية العقيد فال، وهنا قابلتهم مرتين، ففي المرة الأولى تزامن تواجدي معهم مع تصريح للأستاذ حسنين هيكل، عندما اعتبر أن دولة موريتانيا دولة مهمشة، فكان موقفي مستحسنا يومها ليس دفاعا عنها بل لما لمسته من طيبة أهلها ومن حضارتهم العريقة، يومها تم نشر تعليقي بالعديد من المجالات والجرائد الموريتانية، حيث قلت يومها لرئيس الدولة " لو سابقاً في السبعينيات كان الإصلاح يتم في قلب العالم العربي (مصر)، فإنه اليوم أصبح يتم في أطرافه (موريتانيا، المغرب، مصر، الكويت…)، كما أن حسنين هيكل كان عليه أن يزورالمكتبات العربية والإسلامية ليطّلع على ما قدمه أبناءها الشرفاء. فكان هذا التصريح بمثابة عربون ثقة مما سمح لي في المستقبل القيام بالعديد من النشاطات، مع العلم أن نصف وزراء حكومة المجلس العسكري كانوا أصدقاء سابقين وبالأخص بعض وزراء السيادة، وقبل انتهاء العهدة الزمانية المحددة للمجلس العسكري نظمت ندوة كمساهمة لدعم المجتمع المدني المتحرك والناشئ حول " دوره في نشر القيم الإنسانية "، وكان تحت رعاية رئيس الدولة. كما أنني أفتخر دائماً بشهادة الوزير الأول الموريتاني، وهو سفير سابق لموريتانيا بفرنسا، أثناء إحدى الجلسات لما قدمني " أنني صديق موريتانيا "، فموريتانيا رغم شاسعة مساحة صحاراها وقلة إمكانياتها وبساطة شعبها، إلا أن الكرم والنخوة سمتان تلف كل زائر يحط رحاله بها.