*الجنرال طرطاق يخلف الفريق توفيق على رأس المخابرات *الفريق توفيق يغيب عن حفل تسليم المهام لخليفته الجنرال طرطاق *الجنرال بوسطيلة يسلم مهامه للجنرال مناد على رأس الدرك الوطني
نصب أمس نائب وزير الدفاع قائد الأركان القايد صالح القائد الجديد للدرك الوطني الجنرال مناد الذي خلف الفريق بوسطيلة على رأس الجهاز، وفي حفل تسليم المهام بوزارة الدفاع أمس والذي حضره إطارات وضباط الدفاع نصب القايد صالح اللواء عثمان طرطاق المدعو بشير رئيسا لدائرة الأمن والاستعلامات خلفا للفريق توفيق، الذي رفض حسب مصادر الحوار أمس حضور حفل تسليم المهام وغادر مكتبه بوزارة الدفاع دون أن يلتقي أو يتواصل مع خليفته عثمان طرطاق، عكس الجنرال مناد الذي استلم مهامه على رأس الدرك الوطني من سابقه الفريق بوسطيلة بحضور القايد صالح وعدد كبير من ضباط وزارة الدفاع الذين صفقوا طويلا لهذا التداول في المسؤولية في مناصب حساسة.
من هو طرطاق ؟
الرجل الأول في جهاز المخابرات عثمان طرطاق هو لواء يشغل منصب مستشار لدى رئيس الجمهورية، بعد تقلده مسؤوليات عديدة بمصالح الاستخبارات والأمن في وقت سابق أهمها مدير الأمن الداخلي للمخابرات خلفا للجنرال المرحوم الجنرال إسماعيل العماري، بعد أن قاد جهاز مكافحة الإرهاب في سنوات العشرية الحمراء أين يشهد له زملاؤه بأنه كان في الصفوف الأولى لمكافحة الإرهاب تماما مثلما قاد التفاوض مع الجماعات الإرهابية وأشرف على تسليم آلاف الإرهابيين لأنفسهم في إطار مراسيم السلم والمصالحة الوطنية. ولد عثمان طرطاق في أوائل 1950 في العلمة ولاية سطيف، والتحق بجهاز الأمن بعد حصوله على شهادة الليسانس في اللغة الفرنسية، ويعد من الإطارات التي حصلت على تكوين معمق خارج الوطن حيث حصل على شهادة الماجستير في العلوم السياسية، كما تلقى تكوينا عسكريا معمقا في أمريكا وباريس وألمانيا ويتحكم في ثلاث لغات هي الإنجليزية والفرنسية فضلا عن اللغة العربية. عمل اللواء عثمان في مديرية أمن الجيش حيث مارس مهامه في أغلب النواحي العسكرية عبر الوطن سنوات التسعينات قبل أن يؤسس ويقود مديرية مكافحة الإرهاب أين سطع نجمه في محاربة الإرهاب هو والعديد من أبناء جيله، وعندما لاحت مؤشرات المصالحة الوطنية كان ضمن الضباط الذين قادوا المفاوضات وأقنعوا آلاف الإرهابيين بالتوبة، وبعد وفاة الجنرال إسماعيل العماري تم اختياره لقيادة الأمن الداخلي إلى غاية عودته من التقاعد إلى رئاسة الجمهورية كمستشار لرئيس الجمهورية، وقد اختاره الرئيس بوتفليقة خليفة للفريق توفيق على رأس جهاز الاستخبارات لاعتبارات عدة أنه ابن الجهاز ويعرف جيدا المهام الموكلة للجهاز في ظل المرحلة الراهنة إضافة إلى كونه على علاقة مهنية جيدة مع ضباط الجهاز. وياتي استخلاف الفريق توفيق بالجنرال طرطاق في سياق إعادة هيكلة عميقة يشهدها جهاز الاستخبارات في إطار مشروع الرئيس لتمدين النظام وإبعاد جهاز المخابرات عن التجاذبات السياسية وإبعاده أيضا عن التأثير في الحياة السياسية والإعلامية والقضاء، خاصة أن الجزائر خرجت من مرحلة مكافحة الإرهاب ولا مبرر للكثير من التداخل في الصلاحيات التي قد تؤثر على الحريات العامة والخاصة، وكان مشروع الرئيس لتمدين النظام قد عبر عنه الأمين العام للأفلان عمار سعداني في 2013 عندما دعا جهاز الاستخبارات إلى الاشتغال بالأمن القومي للجزائر والانسحاب من الحياة السياسية وعدم التدخل في الإعلام والقضاء .. من جهته لعب نائب وزير الدفاع قائد الأركان القايد صالح دورا بارزا في إعادة تنظيم جهاز المخابرات من خلال تحويل الكثير من المصالح إلى قيادة الأركان وحل مصالح أخرى أثبتت المرحلة أن البلاد ليست في حاجة إليها، وكرس القايد صالح سلطة القانون في تسيير جهاز الاستخبارات ضمن شفافية كبيرة تستجيب للمرحلة.
عين اللواء عثمان طرطاق خلفا له
بوتفليقة ينهي مهام الجنرال توفيق
أحال رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، رئيس دائرة الاستعلامات والأمن الفريق محمد مدين المدعو توفيق على التقاعد، وعين اللواء عثمان طرطاق خلفا له. وجاء في بيان لرئاسة الجمهورية نشر على موقع وكالة الأنباء الجزائرية أمس: "بموجب أحكام المادتين 77 (الفقرتين 1 و 8) و 78 (الفقرة 2) من الدستور أنهى رئيس الجمهورية وزير الدفاع الوطني السيد عبد العزيز بوتفليقة اليوم (أمس) مهام رئيس قسم الاستخبارات والأمن الفريق محمد مدين الذي أحيل على التقاعد". وأضاف المصدر ذاته بأن بوتفليقة عين اللواء المتقاعد عثمان طرطاق الذي يشغل منصب مستشار لدى رئاسة الجمهورية رئيسا لقسم الاستخبارات والأمن خلفا لتوفيق، وسبق لطرطاق أن تقلد مسؤوليات عليا بمصالح الاستخبارات والأمن. وبالعودة إلى ما قبل هذا التغير الذي أنهى به بوتفليقة مهام العسكري الأكثر إثارة للجدل في تاريخ الجزائر المعاصر، فإن الرئيس كان قد أجرى عدة تغيرات مؤخرا أكدت عزمه على تنحية الحرس القديم، وكان الرئيس بوتفليقة قد أنهى مؤخرا عدة قيادات في الجيش والمخابرات على غرار قائد الحرس الرئاسي اللواء أحمد مولاي ملياني، وعين اللواء بن علي بن علي قائد الناحية العسكرية الخامسة خلفا له، كما أنهى مهام قائد الحرس الجمهوري الجنرال جمال مجدوب وعين العقيد ناصر حبشي خليفة له كما أقال اللواء علي بن داود قائد الأمن الداخلي (الرجل الثاني في جهاز المخابرات) والذي تم تعيينه في نهاية 2013 على رأس هذا الجهاز خلفا للواء بشير طرطاق الذي عين أمس رئيس قسم الاستخبارات والأمن خلافا لتوفيق وأحال رئيس الجمهورية أيضا منذ يومين مهام الفريق أحمد بوسطيلة قائد الدرك الوطني على التقاعد، وعيّن في مكانه اللواء نوبة مناد. وكان الرئيس قد أحال أيضا الجنرال حسان المسؤول الأول عن مديرية مكافحة الإرهاب بدائرة الاستعلام والأمن على التقاعد أواخر عام 2013، رفقة قيادات أمنية رفيعة في المخابرات والجيش. وخلال سنة ونصف فقد جهاز المخابرات العديد من صلاحياته التي جعلته يمثل "السلطة الحقيقية" في بلد كان فيه لقيادة الجيش الكلمة الأخيرة في اختيار الرؤساء لكن الرئيس بوتفليقة حذر منذ وصوله إلى السلطة في 1999 أنه لن يكون "ثلاثة أرباع رئيس". ويقود الفريق توفيق (76 سنة) جهاز المخابرات منذ 1990، ويتهم المقربون من الرئيس الفريق توفيق بعدم دعم ترشح بوتفليقة لولاية رابعة فاز بها في أفريل 2004، مما تسبب له في هجمة غير مسبوقة من الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني عمار سعداني الداعم القوي لبقاء بوتفليقة في السلطة والمطالب بدولة مدنية لا يكون للجيش دورا سياسيا فيها، وبعد هذه الهجمة الإعلامية فقد جهاز المخابرات سلطة الضبطية القضائية التي كانت تسمح له بالتحقيق في قضايا الفساد ثم فقد أيضا مديرية أمن الجيش وكذلك مديرية الإعلام. وتم تحويل كل هذه المهام لرئيس أركان الجيش ونائب وزير الدفاع الفريق قايد صالح المدافع القوي عن ولاية رابعة لبوتفليقة. يذكر أن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة كان قد أصدر قانونا سنة 2006 ينص على أن من حق رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة أن يحيل على التقاعد أي ضابط في الجيش كما يمكنه إبقاء ضباط تخطوا سن التقاعد في مناصبهم.
قضى ربع قرن على رأس جهاز المخابرات
الجنرال توفيق في سطور
بصدور قرار إنهاء مهامه يكون الفريق محمد مدين توفيق قد قضى 25 عاما على رأس دائرة الاستعلامات والأمن، ويعد بذلك أطول قادة الجهاز بقاء في المنصب، ففي الرابع من سبتمبر عام 1990 صدر في الجريدة الرّسميّة للجمهوريّة الجزائريّة، عن إعادة هيكلة جهازي المخابرات وهما المديرية العامة للوقاية والأمن DGPS، وكذا المديرية المركزية لأمن الجيش DCSA، ودمجهم في جهاز جديد يسمى، دائرة الاستعلامات والأمنDRS، وعين العقيد محمد مدين المدعو توفيق رئيسا له. وفيما يلي أهم المحطات في مسيرة الجنرال الغامض: 1959: الالتحاق بصفوف المجاهدين على الحدود مع تونس. 1960: كان أحد أفراد الدفعة الأولى التي ترسلها قيادة الثورة إلى موسكو للتدرب على فنون العمل المخابراتي. 1963: تخرج من موسكو وعاد إلى الجزائر عام 1963 وعلى كتفيه رتبة ملازم في المخابرات العسكريّة. 1969: تمت ترقيته إلى رتبة ملازم أول والتحق بقيادة الناحية العسكرية الثانية بوهران ودخل في خدمة العقيد الشاذلي بن جديد. 1986: وتعيينه في المكتب الأمني للسفارة الجزائرية في ليبيا وهو برتبة رائد. 1987: ترقيته لرتبة مقدّم، وتعيينه في منصب حساس جدا، وهو منسق الأجهزة الأمنية برئاسة الجمهورية. 1988: تعيينه مديرا عاما للمديريّة المركزيّة لأمن الجيش DCSA خلفا للجنرال محمد بتشين. 1990: في الربع من سبتمبر تعيين العقيد محمد مدين مديرا عاما لدائرة الاستعلامات والأمن بعد إعادة هيكلة الجهاز، والذي يضم الفروع والأقسام التالية: مديرية الأمن الداخلي. المديريّة المركزيّة لأمن الجيش. مديريّة التّوثيق والأمن الخارجي. وكان للأزمة الأمنية التي مرت بها الجزائر، دورها في استحداث أجهزة ومصالح أخرى تتواكب مع تطورات الوضع، على غرار مجموعة التدخل الخاص GIS التي كان يقودها الجنرال حسان، مركز التوثيق والإعلام، مصلحة الشرطة الاقتصادية. جويلية 2006: في شهر جويلية تمت ترقية اللواء محمد مدين إلى رتبة فريق. 13 سبتمبر 2015: الرئيس بوتفليقة يقرر إنهاء مهام الفريق توفيق وإحالته على التقاعد.
كان للمرحوم العقيد عبد الحفيظ بوصوف الفضل الكبير في تأسيس المخابرات الجزائرية، تحت مسمى وزارة التسليح والاتصالات العامة MALG، ويعتبر بذلك أول قادتها، ورغم نقص الإمكانات إلا أنها استطاعت أن تحتل في السبعينيات المكانة السادسة عالميا والأولى عربيا في مجالها الاستخباراتي، وكان من أبرز رجالها الأبطال مسعود. وبعد الاستقلال تولى إدارة المخابرات عدة قادة هم على التوالي:
قاصدى مرباح: 1962- 1979 اسمه الحقيقي خالف عبد الله سياسي جزائرى ورئيس وزراء سابق في عهد الشاذلى بن جديد ومدير المخابرات الجزائرية في عهد هواري بومدين إلى غاية 1979 تقريبا، هذا الأخير الذي وضع مرباح رئيسا للمخابرات الجزائرية لاتصافه بكل مواصفات الرجل الوطني والأمني إضافة إلى وفائه، وقد استطاع القيام بالكثير من الأشياء خلال الحرب الباردة، المخابرات الجزائرية تمكنت في عهده وتحديدا في السبعينات من إنشاء قاعدة تنصت في لبنان.
نور الدين يزيد زرهوني: 1979- 1982 نور الدين زرهوني سياسي ووزير وضابط مخابرات سابق جزائري، من مواليد 1937، ضمه عبد الحفيظ بوصوف إلى جهاز المخابرات الجزائرية مبكرا أثناء الثورة. وبعد الاستقلال عمل في قسم العمليات في الجهاز. وفي سنوات السبعينات شغل موقعا في قسم التحاليل والتوثيق في الجهاز نفسه. ثم غادره ليصبح واحدا من أقرب مساعدي العقيد قاصدي مرباح. وفي عام 1979 تولى زرهوني إدارة كافة أجهزة المخابرات لمدة ثلاث سنوات. ثم تم تعويضه عام 1982 من قبل العقيد محجوب لكحل عياط. والتحق زرهوني بالعمل الدبلوماسي، حيث عين سفيرا للجزائر في واشنطن، ثم في مكسيكو، ثم في طوكيو. وأخيرا، ساند الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة في حملته الانتخابية، وكافأه هذا الأخير بأن عينه وزيرا للداخلية في أول حكومة يشكلها وظل في منصبه لغاية عام 2010.
لكحل عياط: 1982- 1988 كان سياسيا ومدير المخابرات الجزائرية من عام 1981 إلى غاية 1988، يعتبر من بين أبرز الضباط الشباب الذين أرسلتهم جبهة التحرير خلال الثورة الجزائرية لتلقي تدريب في الكليات الحربية العربية، قبل أن يتقلد وظائف رفيعة في الجيش مطلع السبعينات مع تعيينه على رأس قيادة الفرقة الثامنة للمشاة، وهي فرق النخبة، التي كانت ترابض على الشريط الحدودي مع المغرب خلال المواجهات بين الجيش المغربي وقوات جبهة بوليساريو في منتصف السبعينات، تولى لكحل عياط منصب رئيس جهاز المخابرات في جويلية 1981 عام خلفا للعقيد نور الدين زرهونى المسؤول السابق عن هذا الجهاز، ورقي إلى رتبة لواء عام 1986، بعد إحالته على التقاعد اشتغل في الأعمال الحرة وأصبح ممثلاً معتمداً لمجموعة «كوداك» العالمية وتخصص في تجارة الدواء.
محمد بتشين: 1988- 1990 المولود في مدينة قسنطينة والمناضل السابق في جبهة التحرير الوطنى وصفوف جيش التحرير الوطنى علومه العسكرية في الاتحاد السوفياتي السابق، وكان عضوا في اللجنة المركزية لحزب جبهة التحرير الوطني, واستقال بعدها من حزب جبهة التحرير الوطني كما فعل معظم العسكريين، وتولىّ بين عامي 1982 1984 قيادة القطاع العسكري في منطقة تندوف في الجنوب الجزائري على مقربة من الحدود مع المغرب، ورقيّ بتشين إلى رتبة عقيد عام 1984 ليصبح قائدا للناحية العسكرية الرابعة التي مقرّها مدينة ورقلة الصحراوية، واعتبارا من 1978 تولى قيادة الناحية العسكرية الثالثة التي مقرها ولاية بشّار، ودعيّ بعدها لرئاسة الأمن العسكري حيث أصبح يشرف على معظم الأجهزة الأمنية ورقيّ إلى رتبة جنرال، وقد قدم استقالته في سبتمبر-1990. وانصرف بعدها إلى مشاريعه التجارية إلى أن طلبه اليمين زروال ليكون مستشارا له وأحد أقرب المقربين إليه.