استاء المشاركون في الندوة الأدبية التي نظمتها جمعية الكلمة للثقافة والإعلام أول أمس بالمكتبة الوطنية الحامة حول شخصية المرحوم عبد الله ركيبي في ذكرى رحيله الخامسة من إقصاء الكاتب من كلّ نشاطات تظاهرة قسنطينة عاصمة للثقافة العربية، كما وجد المشاركون في الندوة فرصة للدعوة إلى إعادة الاعتبار لاتحاد الكتاب الجزائريين كمؤسسة ثقافية أسسها عبد الله ركيبي ومالك حداد وزهور ونيسي ومثقفون كبار، حيث عبروا عن استيائهم من الوضعية التي يعيشها الآن والتي وصفوها بالكارثية. ووجد الحضور في اللقاء فرصة للتنويه بنشاطات جمعية الكلمة للثقافة والإعلام، والتي تعتبر من أهم الجمعيات الفاعلة في تحريك الساحة الثقافية. الشاعر محمد عبد القادر السائحي: اتحاد الكتاب الجزائريين يعيش وضعية كارثية اكتفى الشاعر محمد عبد القادر السائحي بالتذكير بدور الراحل عبد الله ركيبي في اتحاد الكتاب الجزائريين عام 1974، والذي كان يترأسه آنذاك مالك حداد وكان الركيبي نائبا له، حيث أشار إلى أن الأخير كان أكثر عضو نشاطا وفاعلية في الاتحاد، وعلق عن الأمر بالقول: "كنتُ عضوا في مكتب قيادة اتحاد الكتاب الجزائريين، وكان مالك حداد هو الأمين العام للاتحاد وعبدالله ركيبي نائبا له …وكان عبد الله ركيبي أكثرنا فاعلية ونشاطا". وتساءل السائحي عن الوضعية التي يعيشها اتحاد الكتاب الجزائريين والتي وصفها بالكارثية، وهو الذي أسسه مالك حداد وعبد الله ركيبي وأبو العيد دودو وأبوالقاسم سعد الله وعبد الله شريط وزهور ونيسي ومحمد الميلي والسائحي وكثيرون. الكاتب الطاهر يحياوي: كان أول الداعين إلى حوار وطني في التسعينيات استحضر الأديب الطاهر يحياوي ذكرياته مع عبد الله ركيبي، حيث ذكر أن الراحل يعد من الجزائريين الأوائل الحائزين على دكتوراه في الأدب العربي، وكان من مؤسسي معهد الأدب العربي بالجامعة المركزية، وقدّم أكثر من 25 كتابا للمكتبة الوطنية من بينها كتاب "الفرنكفونية مشرقا ومغربا"، وهنا أشار يحياوي إلى أن الراحل حدثه عن الكتاب وقال له "إنه منذ صدوره لم يرضوا عني ولم يغفروا لي دعاة الفرنسية ومحاربي اللغة العربية". وأوضح يحياوي خلال مداخلته أن الراحل كان مبدأه خدمة الجزائر واللغة العربية، مدافعا شرسا عن الهوية والانتماء، رجلا نظيفا لم تغيره المناصب، وكان هاجسه هو أن تكون الجزائر دولة عظيمة، ولذا كان أول الداعين إلى حوار وطني حين اشتدّت الأزمة الأمنية والسياسية في الجزائر سنوات التسعينيا . مشيرا في السياق ذاته إلى اللقاء الذي جمع ركيبي مع شريف مساعدية الذي كان مسؤولا عن الثقافة في حزب جبهة التحرير الوطني ودار بينهما حديث فهم من خلاله ركيبي أنه يريد أن يخدم السياسة فرد عليه بأنه في خدمة الثقافة فقط". وتوقف يحياوي عند أحد المواقف الاستفزازية التي تعرض لها ركيبي في مجلس القضاء، حيث ذكر وزير العدل أنه لا يعرف ركيبي فوقف الرجل وقال له "إن كنت لا تعرف عبد الله ركيبي فهو أستاذ محاضر في جامعة الجزائر" ثم خرج ولحق به الجميع فاضطر الوزير للاعتذار منه من أجل أن يعود للقاعة". الكاتب والإعلامي خليفة بن قارة: ركيبي كان أول مَن فتح نافذة للأدباء الشباب في التلفزيون الجزائري قال الكاتب والإعلامي خليفة بن قارة إنه يجمعه بالأستاذ الدكتور عبد الله ركيبي رابطان: الجغرافيا والهم الكبير المتمثِّل في حب الجزائر والموت دون هذا الحب. مضيفا أنه آمن أن الثقافة إن عبّرت عن حزب من الأحزاب، أو فكر أيديولوجي أو قبلي، ولم تكن تعبيرا عن الشعب كله، فليست من الثقافة في شيء، لم يكتفِ بالفكرة المجرّدة، بل قام بتفعيلها،. وذكر بن قارة أن الراحل كان أول مَن فتح نافذة في التلفزيون للأدباء الشباب على اختلاف ألوان كتاباتهم، واتجاهاتهم الفكرية، ومساقط مولدهم من خلال حصة "أقلام على الطريق"، مشيدا في السياق ذاته بخصال الرجل التي اجتمعت وتجمّعت في فقيدنا: العلم، المعرفة، الحياء، التواضع، الثبات على المبدأ، الدِّقة في طرح الفكرة، الإصرار على حب الجزائر بكل ملامحها. ونوه بن قارة بالدور الذي تلعبه جمعية الكلمة للثقافة الإعلام في تنشيط الساحة الثقافية وعلق عن الأمر بالقول "اسمحوا لي أن أوجِّه تحية صادقة، إلى جمعية الكلمة للثقافة والإعلام، وأشدّ على أيدي أعضائها الشباب الواعد، ولا أذيع أمامهم سرًّا إذا قلت لهم، إنه كلما هزّني التشاؤم من الوضع المتردِّي القائم، كلما أعادت إليّ جمعيتكم توازني، بما تقوم به من نشاط حضاريٍّ هادف، لم تقم به أكبر المؤسسات الثقافية ". الشاعر سليمان جوادي: تمنينا أن يهتم اتحاد الكتاب بالقامات التي مرت عليه بدل صمته الشاعر سليمان جوادي هو الآخر تطرق إلى الوضع الذي يعيشه اتحاد الكتاب الجزائريين في السنوات الأخيرة وعلق عن الأمر بالقول "تمنينا أن يهتم اتحاد الكتاب الجزائريين بالقامات التي مرت عليه أمثال عبد الله ركيبي، مالك حداد، شريط وغيرهم بدل الفراغ والصمت الذي يعيشه". وأشار جوادي خلال حديثه أنه خلال السبعينيات كان هناك هامش كبير من الحرية عكس المغالطات التي يروج لها البعض في أن الرئيس الراحل هواري بومدين كان دكتاتوريا". وعن شخصية ركيبي محور الندوة قال "كنت وأنا شاب أنتشي برؤيته رفقة مالك حداد وأبو العيد دودو وأبو القاسم سعد الله في اتحاد الكتاب الجزائريين…ولن أنسى أبدا أنه استضافني في حصته التلفزيونية الشهيرة "أقلام على الطريق" وهي التي عرف من خلالها وقدّم الكثير من الروائيين والشعراء والنقاد". الشاعر عبد المجيد لغريب: كان والدي يحثني دائما على قراءة أعمال ركيبي أما الشاعر والكاتب عبد المجيد لغريب فذكر أنه كان يقرأ للدكتور عبد الله ركيبي بتوجيه من والده الذي كان يحثه دائما على قراءة كتبه فدفعه الفضول إلى رؤيته، وتحقق ذلك عام 1976 من خلال برنامج "أقلام على الطريق". تكريم الفنان التشكيلي الطاهر ومان الذي بقي وفيا لعبد الله ركيبي قامت جمعية الكلمة للثقافة والإعلام بتكريم الفنان التشكيلي الطاهر ومان لأنه بقى وفيّا للمرحوم عبد الله ركيبي لدرجة إشرافه على صفحة خاصة بالفقيد في الفيس بوك، حيث أهدته في الذكرى الخامسة لرحيل ركيبي ميدالية تحمل صورة المرحوم، وهي الميدالية التي كانت الجمعية ستمنحها للفقيد لكن الأقدار شاءت أن يرحل في يوم تكريمه. حنان حملاوي