لا زال إخواننا المغاربة يلفقون التهم تجاه الجزائر، ويستغلون كل فرصة بغض النظر عن مواءمتها للسياقات من عدمه لإقحامها في الصراع البيني للرباط مع الشعب الصحراوي، كان آخرها خرجة وزير الاتصال المغربي من على قناة الجزيرة القطرية أمس، حين رد على تصريحات وزير الدولة عبد العزيز بلخادم، وبعده وزير الخارجية مراد مدلسي بخصوص مسألة فتح الحدود بين البلدين، متهما ربط الجزائر ملف الحدود بتسوية قضية الصحراء الغربية. ومع أن الكل يعلم مواقف الجزائر التاريخية والمعروفة، إلا أن المغرب لا يفوت فرصة إلا ويسوق لأطروحاته، باترا المواقف عن سياقاتها، ومحرفا إياها في محاولة لتغليط الرأي العام وجماهير المغرب العربي، لأن الجزائر رفضت ببساطة معالجة قضية الحدود بمعزل عن جملة قضايا أخرى، لعل أهمها مكافحة التهريب بكل أشكاله وأنواعه، والمتاجرة بالمخدرات، والحفاظ على مصالح الدولتين والشعبين دون شطط أو ظلم. كما أن الموقف الجزائري من قضية النزاع في الصحراء الغربية لا زال على عهده الأول، وهو اعتباره مسألة تصفية استعمار، لا بد من حله وفق الشرعية الدولية، بتطبيق مبدأ تقرير المصير، وهو ما لم يستسغه المغرب، الذي أكد مرة أخرى على لسان وزيره للاتصال أمس أن موقف الرباط عرف تطورا منذ العام ,1975 آملا أن يعرف الموقف الجزائري نفس التطور الذي عرفه موقف بلاده، الذي بدأ بالتقسيم، ثم تحول إلى الاستحواذ، ليتحول أخيرا إلى الحكم الذاتي الموسع. ولا يمكن تفسير هذه اللهجة، وهذا التطور في منحى المواقف المغربية التي هي في حقيقتها على نفس توقيت ما أسماه الملك المغربي الراحل المرحوم الحسن الثاني بالمسيرة الخضراء، إلا بكون ''دارون'' ونظريته ''القردية'' عرفت طريقها إلى المخزن، وسكنت فيه رغم اجتهادات العالم التركي يحيى هارون في إبطالها من خلال مناصرته لنظرية الخلق التي هزت أركان الفلسفة المادية في الغرب.