نصيرة سيد علي كثيرا ما نربط مسألة النهوض بالقطاع السياحي في أي دولة تريد اتخاذ لنفسها مكانة في الخارطة السياحية العالمية لتكون وجهة للسياح الأجانب والمحللين، بمدى توفير وانجاز المشاريع السياحية المنجزة من خدمات متنوعة، إلا أن الواقع أثبت أنه على ضرورة ما تقدم، إلا أنه لا يجب أن نتجاوز عامل جد مهم وهي الابتسامة الغائبة على محيا الجزائريين والتي تعتبر نواة أساسية للاقلاع السياحي في أي دولة تريد النهوض بهذا القطاع.
عامل السائح كضيفك..ابتسم له واحصل منه على عربون العودة عمي أحمد أحد سكان حي القصبة العتيق الكائن مقرها بالجزائر العاصمة، ، الذي أكد لنا عن أهمية الابتسامة في عملية التواصل مع الغير خاصة إذا تعلق الأمر بالأجانب، إذ لا يعقل أن يحبك شخص ويود وصالك إذا لم نحسن معاملتهم، وقال ” الحديث قياس فالسياح مثل ضيوفك إن لم تقابلهم بالإبتسامة لن يعيد زيارتك، مرة أخرى، والابتسامة سلوك حسن وقد أمرنا رسول الكريم – عليه الصلاة والسلام- من رسمها على محيانا لأنها تعبر عن الرضا وتشعر الأخر بالطمأنينة، .وإكرام الضيف سلوك مستخلص من المبادئ الإسلامية التي يجب أن يتحلى بها المسلم، ومن أداب الاستضافة محادثة الضيف بما تشتهي نفسهه ووتميل إليه”، وأضاف يقول تعد مدينة البهجة من القلاع الحضارية التي يعود تاريخ تشييدها إلى حقب خلت، يؤمها السياح من كل جانب، أعجبوا بعمرانها المتفرد، وبعبق أصالتها المتجدر، وخلص قوله أن الجزائر تحفة تسحر أعين السائح الأجنبي والمحلي.
موائمة نفسية المواطن مع عالم السياحة أضحى ضرورة أكد مدير الصناعات التقليدية بولاية تبسة نصرية ناصر في حديثه ل ” الحوار” أن الرهان اليوم في تطوير الفعل السياحي، مرتبط أساسا بذهنية الجزائري، ويرى أن نجاح نشاط السياحي في أي بلد من البلدان الرائدة في المجال، تسعى دوما باشراك كل القوى الفاعلة في البلاد من أجل تظافر الجهود للإرتقاء بالسياحة واتخاذها رافدا هاما لتمويل مدخراتها من العملة الصعبة، ويقترح المتحدث ذاته ضرورة وضع نظام التسعير المواد الغذائية، وعدم ترك التجار فرض أسعارهم وفق أهوائهم والربح السريع على حساب الفعل السياحي، حتى لا تخضع لمنطق المضاربة والاحتكار، وحبذ يقول نصرية أن تكون أسعار تنافسية، ولم يكون ذلك حسب إلا إذا توفير المحال والفضاءات التجارية، وتعزيز الخدمات للسائح ووضعه في أريحية تامة، داعيا إلى خلق المرافق التي يحتاجها السائح، من إظهار الوجه الجزائري الجميل الذي تعلوه الابتسامة في وجه الأخر، وبمعاملة جيدة وبذهنية راقية، وتنمية ثقافة استقبال السياح أجانب كانوا أو محليين، ويكون ذلك من خلال تنظيم لقاءات مختلفة وحملات تحسيسية لأن الجزائر بلد بحجم قارة يجب استغلال كل شبر من ترابها الذي يميزه التنوع والثراء والتراكم الزخم السياحي.
ثقافتنا السياحية بحاجة إلى تصحيح وتقويم من جهته، أوضح موسى بن تامر مدير السياحة بولاية غيليزان في تصريحه ل ” الحوار” أن الفعل السياحي، هو فعل متكامل، وهو قطاع أفقي بحيث تساهم فيه جميع القطاعات الاقتصادية، وعليه أول عامل الذي لابد من الاهتمام به وترقيته تنمية حس النشاط السياحي في ذهنية المجتمع الجزائري، المعروف بحبه للأخر واحتوائه للغير المحب لبلده، وشعب مضياف، وتبقى مسألة سلوك بعض التجار الذين يستغلون وجود الأجانب ويرفعون من مؤشر الأسعار فهذا هو الذي يجب معالجته واستئصاله من الأساس، كما أن ثقافتنا السياحية بحاجة إلى تصحيح وتقويم، وإلى تعديل وذلك لن يكون إلا بمساهمة الجميع، وعملية المعالجة تتم وفق آلية العمل التشاركي انطلاقا من وزارة التربية التي عليها أن تطعم مناهجها الدراسية بماهية السياحة وترسيخها في ذهنية ونفسية الناشئة، ومنها إلى المؤسسات الأخرى لتكمل مسار ما بدأته المؤسسات التربوية.
العقلية الجزائرية عطلت النشاط السياحي وعلى صعيد مماثل، قال رئيس بلدية تمنراست الشيخ بادي إن أصل تأسيس السياحة المستدامة تبنى على تحسين عقلية الجزائري، قبل البث في تأسيس المرافق والأدوات والوسائل المادية التي تدخل في تطوير الفعل السياحي، يجب الاهتمام بعامل جد إيجابي والذي غفلنا عن دوره في رفع مؤشر استقطاب السياح إلى الجزائر، ويتعلق الأمر بالذهنية أو عقلية الإنسان الجزائري التي هي بعيدة كل البعد عن مجال السياحة، وهذا العنصر الهام مفتاح نحو توسيع من هذا النشاط وجعله رافد مهم لذر العملة الصعبة، ويعود بالفائدة على الصالح العام، وكرئيس بلدية للإقليم عرف عنه أنه منطقة سياحية بامتياز وهي ولاية تمنراست، أغتنم هذا المنبر لأرفع من خلاله نداء لكل الراغبين في الاستثمار السياحي.
علينا ابتكار أساليب التعامل مع السائح وفي السياق، دعا بلعياط حسناوي صاحب قرية سياحية بولاية سطيف، في حديثه مع ” الحوار” إلى إلى نشر ثقافة السياحة في الفكر الجزائري وجعله يتكيف مع السياحة بمعطيات علمية انطلاقا من المدرسة من خلال إدراج مادة في المقرر المدرسي تحت عنوان” التربية السياحية” حتى نضمن تكوين الفرد من الصغر على قواعد السياحة وأصولها والكيفية التي نمارسها، وتزويده بمعطيات تجعله يتقبل الفعل السياحي، باعتباره رافد من أهم الروافد الذي يغذي الخزينة العمومية، وتطوير التجارة والترويج للصناعات الجزائرية خاصة تلك التي لها علاقة مع تراثنا الثقافي، ويرى ضرورة الاقتداء بجيراننا وكيفية تعاملهم مع السياح الأجانب منهم والمحليين، وهو الدور موكل إلى وزارة التربية الوطنية التي يجب أن ترافق النشاط السياحي، من خلال وضع ضمن منهجها الدراسي مادة لتدريس التلاميذ أثر السياحة على التنمية الاقتصادية، فتنمي في ذهنيه أطر معينة في هذا المجال فيتعلم الأفراد أساليب عن كيفية التعامل مع السياح فتصبح مع مرور الوقت من العادات المرتبطة بالتربية تخدم هذا المجال.
الانفتاح على العالم الخارجي قد يغير من ذهنيتنا و فيما يتعلق بالعقلية الجزائرية قال الخبير الاقتصادي هارون عمر في تصريحه ل ” الحوار” إن الجزائري اليوم غير الجزائري الأمس، خاصة بعد الانفتاح على العالم الخارجي، والجزائري بعد الزيارات التي قادته إلى مختلف الدول وإقامته في الفنادق واطلع على نوعية الخدمات التي تقدم فيها، كل هذا أكسبه ثقافة السياحة، وتبقى السياحة يضيف هارون عالم واسع لا يشمل فقط السياحة البحرية، أو مرتبطة بفصل الصيف فقط، بل هناك تنوع سياحي على غرار السياحة الدينية والعلاجية والتاريخية وغيرها من الأنماط التي يمكن أن نعتمد عليها لتطوير مداخيل الجزائر من العملة الصعبة .
علينا تأهيل مناطقنا السياحية كما أن قبل الحديث عن ذهنية الجزائري، يجرنا التطرق يقول هارون إلى المنشآت السياحية التي لم تشهد تطورا منذ فترة طويلة وحتى بعض المدن التي تعرف اقبالا منقطع النظير على غرار جيجل نجد أن البنى التحتية فيها لا تكفي لاستيعاب الحجم المهول من الزوار، حالها حال العديد من المدن الاخرى وهو ما يعني أننا حتى وإن أردنا النهوض بالسياحة فعليا اختيار مدن يمكنها استيعاب بنى تحتية تحتمل حجم السياح، فحري بالوزارة الوصية استغلال جاندارك في سكيكدة، التي تعد واحدة من الأماكن التي يمكن أن تتحول لقطب سياحي وطني وعالمي، حيث يمكننا الاستثمار في مدينة سياحية متكاملة ثم بعد نجاح التجربة يمكن تعميمها على باقي أرجاء الوطن، على غرار ما قامت به الجارة تونس في حمامات ياسمين…
يجب جعل ” الابتسامة” في واجهة البلاد من جهته، أوضح الخبير الاقتصادي، العربي أولحسن في تصريحه ل ” الحوار”، أن من أهم المسائل الاساسية التي سهينا عنها هي زرع الثقافة السياحية وترويض الذهنية على تقبل الأخر، ونتعلم الابتسامة في وجه السائح، وتعنبر الأبتسامة أساس بناء العلاقات المتينة وتدخل نوع من الطمأنينة إلى القلوب الذين نلتقي معهم في الأماكن العمومية حتى وإن استغرقت مدة لقاءنا معهم لبرهة من الزمن، ونظرا لأهمية الضحك في وجه الأخر، فقد لجأت بعض الدول تدرب مستقبلين السياح بالقلم في الفم حتى ترسم إبتسامة في وجوههم، داعيا إلى استغلال ما تزخر به الجزائر من مقومات و مؤهلات طبيعية سياحية كبيرة، فهي تقع على شريط ساحلي يتجاوز 1500 كم، إلى جانب السياحة الجبلية والصحراوية ما يسمح لها أن تكون رائدة في السياحة العالمية، أوعلى الأقل تتصدر الدول الواقعة على البحر الأبيض المتوسط و شمال إفريقيا، وتسهم في بناء قاعدة اقتصادية بالشكل الذي يبدعنا عن الريع البترولي وادخال القطاع بالتالي في التنويع الاقتصادي، مرجعا أسباب عدم ضعف السياحية في الجزائر إلى عدةعوامل منها البيروقراطية، ضعف التكوين اليد العاملة المؤهلة و ذات كفاءة في مجال السياحية ، ضعف الخدمات المقدمة، وخلص أولحسن أن الفعل السياحي تربية و أخلاق قبل أن تكون مرافق و مناظر طبيعية، وحسن معاملة، والابتسامة واجهة أولى في بلد يريد القيام بالنشاط السياحي، ويرى أن السياحة تبدأ بأول عامل في المطار و تنتهي بأخر مواطن يودع السائح، إذا وصلنا إلى هذا المستوى حينها يمكننا القول إننا أمام سياحة حقيقية.