خصصت القناة الفرنسية الألمانية ''آرتي'' مؤخراعرضا حصريا لآخر فيلم للجزائري رشيد بوشارب ''لندن ريفر'' قبل عرضه في سبتمبر المقبل في قاعات السينما بفرنسا. يروي الفيلم قصة شخصين وجدا أنفسهما وسط دوامة العنف الإرهابي. اما الرجل فهو مسلم إفريقي يعيش في فرنسا منذ 15 سنة وأما المراة فهي مسيحية إنجليزية. يلتقيان في لندن عندما كانا يبحثان عن ولديهما في هذه المدينة التي هزتها اعتداءات 7 جويلية .2005 وجه رشيد بوشارب عدسات كامراته صوب أحياء لندنية مسلمة. لم يهتم بشكل خاص بهذه الاعتداءات التي ظهرت فقط من خلال ''الأخبار'' التي كانت تبثها قنوات التلفزيون، فوجه المخرج السينمائي عدسات كاميراته صوب هذين الشخصين اللذين يختلفان في كل شيء سواء من حيث الأصل العرقي والثقافة والتاريخ والدين واللغة أو من حيث المظهر الخارجي. يتميز هو بطول القامة وجفاف العينين وبثقل الظهر البادي على محياه. أما هي فتتميز بقامة قصيرة وسمينة وبحيوية لها ملامح المرأة ''البريطانية'' الأصيلة. وبالرغم من الفرق الذي يفصل عصمان الذي تقمص دوره سوتيغي كوياتي واليزابيت التي تقمصت دورها براندا لبيتيم يتقاسم البطلان نفس الانشغال ونفس الأمل: العثور على ولديهما علي وجان. وعلى مر سير أحدات القصة تكتشف الشخصيتان قواسم مشتركة بل وحتى مصيرا مشتركا. الولدان يتعارفان.. كانا يعيشان معا.. اعتنقت جان الإسلام وكانت تتابع دروسا في اللغة العربية بمسجد بالحي. كلها وقائع جعلت الأم تتراجع شيئا فشيئا عن اعتقاداتها وأحكامها المسبقة. هي التي لم تفهم جيدا لماذا تتعلم ابنتها اللغة العربية ولماذا ''يكتظ هذا الحي بالمسلمين''... يتلاشى الحذر والارتياب اللذين طبعا اليوم الأول من لقائهما ليحل محلهما رويدا رويدا قبول الغير والحوار وفهم الآخر. فأخذت الطابوهات تسقط الواحدة تلو الأخرى لتخلص إليزابيت أخيرا في أحد مشاهد الفيلم إلى القول ''حياتنا ليست مختلفة إلى هذا الحد. خلافا لفيلم ''لي أنديجان'' (الأهالي) الذي تيمز بكثير من الإثارة يتميز ''لندن ريفر'' ''ببطئه'' وقلة الحوار فيه، حيث تم التركيز على سيكولوجية الشخصيات وتعابير وجهها وحركاتها وتصرفاتها أمام الأوضاع الأكثر فظاعة مثل فقدان شخص عزيز. وقال رشيد بوشارب في حديث إن ''القصة تقوم على هتين الشخصيتين رجل وامرأة لكل منهما ماض مختلف للغاية ولكن تنتاب كليهما نفس المخاوف وجمعتها الأزمة. يصور الفيلم قبل كل شيء دراما إنسانية حول رد فعل الأشخاص أمام مثل هذه الأحداث وكيف يجدان نفسيهما في نفس المكان وكيف تتوطد العلاقة بينهما''. يعتبر ''لندن ريفر'' درسا في الإنسانية ودعوة للحوار وقبول الغير.