كالعادة اتفق المسلمون على أن لا يتفقوا في تحديد شعيرة من شعائر الدين، وركن من أركانه الخمسة، ليتأكد للناس للمرة الألف أن الهلال سياسي أكثر منه ديني، والدليل على ذلك أن جل الدول الإسلامية تتخذ من الهلال رمزا من رموز راياتها الوطنية. فهذا هلال باكستاني، وآخر موريتاني، وذاك تونسي، مرورا بالتركي والماليزي، وما تبقى من الدول اتخذ من النجوم وشاحا، وآخر جمع بين النجوم والأهلة، والتي يبدو أن تحديد بداية شهر رمضان ونهايته انعكاس لمحاولة أكثر من طرف إما احتكار الهلال، أو احتكار النجم، فضلا عمن طلقهما معا وهو يتحدث عن هلال شيعي، وهلال مقاومة وغيرها من الأهلة التي دخلت قاموس المواطن العربي والمسلم رغما عن أنفه. وهو الحال نفسه المتسم بالتشرذم والتضارب الذي جعل من مقدمة نشرة ثامنة ليلة الشك تعلن ''أن لجنة الأهلة مجتمعة في مقر وزارة الشؤون الدينية لإثبات هلال رمضان''، ربما لاعتقادها كما يعتقد الكثيرون أن الأهلة ترصد في الصالات والقاعات والمراكز التجارية، وقاعات الاجتماع. والطريف في الأمر كله أن عدوى الشك، والتفرق قد انتقلت من راصدي هلال رمضان إلى اللجنة الأولمبية الدولية وهي تتساءل عن هلال العداءة الجنوب إفريقية الفائزة بذهبية 800 متر ببرلين ''كاستر سمنيا'' هل هو ذكر أم أنثى، لاسيما وأن في وجهها شعيرات رجولية تثبت اندساسها في أوساط الحريم المتسابق في برلين. والأطرف أن أمر هلال العداءة الجنوب إفريقية سيعرف طريقه إلى الحل في القريب العاجل، بينما سيظل شك تحديد جنس هلال الصوم ووقت ميلاده هاجسا يراود العرب والمسلمين ربما لقرون أخرى، وفي انتظار ذلك كل وعام وأنتم بخير.