إنسان العصر لم ينجح في شيء مثلما نجح في إنتاج حياة عامرة بالتعقيدات .. خطفته دوامة الاختراعات والنجاحات .. حلق .. حلق حتى ظن أن لا أحد .. لا شيء سيحده.. سيوقفه .. ومرة جاءت آلة مربعة الشكل .. مشتعلة الوجه .. صارمة الكلمات .. لتقهره فجأة .. كان ذلك عندما أعطت هذه الآلة صفعة العمر وصفعة العصرلأشهر لاعب شطرنج ''جاري كاسباروف'' ومن وقتها تربع الخوف في عقول البشر: كيف يمكن لكمبيوتر أن يغلب إنسانا ؟ .. هل للكمبيوتر فكر يفوق فكر الإنسان؟ هل الإنسان اخترع الكمبيوتر متصورا أنه سيسهل حياته ويبسط تعقيدات عصره وإذا به يصيح هو التعقيد.. هل تنوي الكمبيوترات أن تصبح بشرا أو كالبشر ذات يوم ؟ هل تبيّت أن تصبح خصما للإنسان ؟ البروفيسور جيمس تريفل عالم الفيزياء الشهير طرح هكذا أسئلة في الكتاب/ السؤال: هل نحن بلا نظير ؟ سؤال جعله عنوان مؤلف صار من أشهر الكتب العلمية في العالم .. ما الذي يجعلنا بشرا ؟ هذا العنوان / السؤال ولد سلسلة لا محدودة من الأسئلة المصيرية .. أسئلة منشغلة أبدا بإنتاج المزيد من القلق الإنساني .. وهيجت قضايا لم تنجح في شيء مثلما نجحت في تشويش الإنسان ''. كلما تبحر الإنسان أعمق فأعمق في الحياة والعالم يستهلك الأسئلة البسيطة وباطراد تغدو المسائل التي نريد حلها أكثر صعوبة وفي الغالب تصعب الرؤية عبر كمية البيانات لتمييز البساطة التي تعتقد أنها هناك .. فالشجر الذي يألف الغابات يجعل الجذور غير مرئية '' لم يرد تريفل أن يثبت شيئا في كتابه القيم مثلما أراد أن يثبت أن الإنسان ليس فريدا فقط بل هو الشيء الأكثر تفردا في الكون . ولطالما آمن واعتقد الإنسان ذلك وهو الذي نصب نفسه سيد الأرض وكائناتها .. هذا الاعتقاد أخذ يتزعزع ويداخله الخوف من أن يتمكن الذكاء الحيواني عبر تواصله أمن أن يلامس ويقترب من الفكر واللغة الإنسانيين . أهم نقطة عالجها تريقل في كتابه المذكور تتمثل في حصر الاختلاف بين وعي الحيوانات ووعي الإنسان ومن ضمن استنتاجاته وجد أن المسألة أكبر من مجرد اختلاف في الدرجة ، وبالأدلة العلمية وجد أن الاختلاف كبير جدا حد الصميم النوعي .. والدماغ البشري هو السبب .. " مهما كان الذي يفصلنا عن بقية الحيوانات فهو ذو صلة بوظائف دماغنا '''' في الجمجمة يكمن سر تفرد الإنسان .. "..