تعرضت للضرب والاعتقال والسجن وإطلاق السراح والخوف طوال سنوات.. وكنت بيضاء ومتعلمة ومتزوجة في ذلك الوقت.. لست أنا من حدث له ذلك... إنها المناضلة روبن مورغان التي نذرت جهدها ووقتها وكتاباتها ونضالاتها لمجابهة الظلم الإنساني الواقع على بني البشر على الجنس الأنثوي خاصة .. هي امرأة لها روح ثائرة بالفطرة... شاركت في المسيرات وجمعت الأموال والكفالات. عاشت في نيويورك كانت وقتها منطقة سكنها الفقر وتعج بالاضطرابات السياسية والاجتماعية.. الزمن كان فترة الستينات .. كانت من الناس الذين يتدبرون أمرهم بطريقة أوبأخرى للبقاء على قيد الحياة.. إلا أن الوقت بالنسبة لمورغان لم يكن أفضل الأوقات ولا أسوأها .. رغم الخطورة ورغم الجحيم .. كان الاضطراب السياسي حتى أواسط السبعينات على أشده.. كان الغضب أسودا.. وشاشات التلفزيون تنزف بالأحمر.. وكانت الحكومة الأمريكية تقصف قنابل النابالم وترش المبيد البرتقالي على شيء حي في الفيتنام مدعية أنها بصدد إنقاذ الحياة.. وعندما أحرق طلبة الجامعات الولاياتالمتحدة احتجاجا على الحرب اعتبرت ذلك عنفا .. دان بروان وصف إلى ذلك العنف ب ''فطيرة الكرز'' والناس لازالت تعيش آنذاك على وقع جريمة اغتيال جون كندي ثامن ضحية رئاسية.. كل ذلك لم يبد مقبولا للكاتبة المناضلة وانخرطت ضمن العديدات من النساء في حركة الحقوق المدنية والحركة المناهضة للحرب.. ولم تنج مثل كثيرات من صنفها من عصي الشرطة الليلية.. والتقطت لها عدة صور في مخافر البوليس مثل أي مجرم أو مجرمة.. يجري البحث عنه أو عنها .. يجري البحث عنه ويحذر من اعتداءاتهما .. أيامها كانت مملوءة بأشياء لا يمكن أن تقرب من حياة أي امرأة عادية .. أشياء مثل المشاركة في المظاهرات والأعمال النضالية وكتابات البيانات والاحتجاجات، إلا أن الأعمال المنزلية لم تختف من حياتها .. لياليها عامرة بالاجتماعات ولحظات مسروقة للكتابة.. والخوف من أن يقرع الباب.. أما جسدها فكان على دربة عالية برياضة الكاراتي .. بلغة محشوة بكلام تعيه جيدا تلك اللحظات السوداء الظالمة كتبت كراسات نضالاتها .. وأعدت ملفات كاملة عما شهدته تلك الحقبة من التاريخ الأمريكي والعالمي لازال معظمها محتجزا لدى دوائر حكومية أمنية حتى اليوم.. وحتى الشرطة الجوية كان لديها ملفا عنها.. وعنه تقول مورغان ''ربما شعروا بأنني كنت أجمع أسطولا جويا أمازونيا وأن آلاف النساء سوف يحجبن السماء ويراقبن البنتاغون بالعدسات المكبرة وهن يركبن مكانسهن في تشكيلة كاملة. وأعترف أني وجدت الفكرة ساحرة، ولكن مهما كانت فرضياتهم سريالية فقد كان هناك رجال قرأوا وقصوا وتنصحوا وسجلوا وتصنتوا وسجلوا وجلسوا في سيارات عادية وهم يراقبون.. ولاحقوني أنا وغيري عبر شوارع حياتنا، وتسللوا إلى اجتماعاتنا وقاموا بدور العملاء المحرضين وقدموا التقارير والتحليلات ولكنهم كانوا مخطئين في أغلب الأوقات''.. وتعترف مورغان مع ذلك أنها صنفت ضمن النساء العنيفات اللاتي تكلمت عنهن نورمان هيل في أعمالها الأدبية منهن شارلوت كوردي التي اغتالت أربع مرات خلال الثورة الفرنسية وكاري نيشن والنازية إلسي كوتش، وبعض المعاصرات مثلا أنجيلا ديفس وعضوات جماعية الطقس وبارناردين دورن وكاثي ولكرسن وكاثي بودن وديانا أتوف وغيرهن ... توضح مورغان أنها كانت ضمنهن لأنها نصحت النساء بتعلم تقنيات الدفاع عن النفس ضد المغتصبين، وكتبت بيانات ضد المغتصبين ولازالت لحد الآن لا تثق كثيرا بحكوماتها، وتعترف أن الكتابة في هكذا قضايا تحتاج إلى عناية مثل التعامل مع المواد المتفجرة.