6 ملايين شخص تقريبا يموتون سنويا في العالم بسبب الأمراض الناتجة مباشرة عن التدخين، وتحذّر منظمة الصحة العالمية من أن هذا العدد مرشّح إلى الارتفاع ليصل إلى 3 مليارات حالة وفاة في الدول المتقدمة و7 مليارات في الدول النامية و10 مليارات في دول العالم الثالثة بحلول سنة .2020 يحتلّ التدخين المرتبة الرابعة في قائمة الأسباب المؤدية إلى ارتفاع نسبة الوفيات في العالم، خاصة في سن وفاة مبكرة، وتفوق في ذلك على أشد الكوارث الطبيعية خطورة، كما جاء في مرتبة أعلى من حوادث الطرقات والكوارث البشرية الأخرى. في فكرة تجمع بين ''الترهيب والترغيب''، الترهيب من مخاطر التدخين المؤذية، والترغيب في الإقلاع عن هذا السلوك القاتل أحيا المعهد العالي للفنون الجميلة بتونس، بطريقة إبداعية وفنية مبتكرة يوم الصحة الوطني، الذي يأتي هذه السنة تحت شعاره ''الوقاية من التدخين'' مواكبة لإعلان تونس سنة 2009 ''عام مكافحة التدخين''، للتخفيض من نسبة المدخنين للوصول بها إلى نسبة 10 من عدد سكان البلاد على مدى خمس سنوات. يأتي هذا اليوم التوعوي في وقت تتصاعد فيه التحذيرات من خطر ''سلاح الدمار الشامل'' الذي يعتبر السبب الأول والرئيسي للإصابة بالسرطان. وقد أظهرت دراسة أعدتها منظمة الصحة العالمية أن تونس تحتلّ المرتبة الأولى على الصعيد العربي في كثرة المدخنين.. وتعاني تونس كثيرا من هذا ''السرطان الخبيث'' الذي يعصف بحياة 6850 شخص سنوي في البلاد، حسب بيانات إحصائية رسمية. وتكشف هذه البيانات أن نسبة المدخنين في تونس من الكهول وصلت إلى ,35 بينما بلغت نسبة المدخنين من الشبان في سن المراهقة 8,.12 وقد أظهرت دراسة قامت بها الجمعية التونسية لمكافحة السرطان في سبتمبر 1993 أن 3,56 من الذكور صرّحوا بأنهم يدخنون أول سيجارة ما بين 15 و20سنة. وأن 25 دخنوا أول سيجارة قبل 15 سنة. وأن 48 من المدخنين يستهلكون يوميا أكثر من 15 سيجارة. و8,51 من المدخنين متأكدون من أن التدخين هو السبب الرئيسي لسرطان الرئة. وتؤكد الدراسات التي أجراها المعهد الوطني للصحة العمومية أن عدد المدخنين من الأطفال في تونس في تزايد مستمر، إذ أكدت إحدى الدراسات التي أنجزت العام 2000 أن 60 في المائة من الأطفال قد جربوا التدخين. وتبيّن المؤشرات أنّ 55 في المائة من الرجال في تونس يدخنون في مقابل 10 في المائة من النساء، وأن عدداً كبيراً من هؤلاء يرغبون في الإقلاع عن التدخين. لكن قرابة 10 في المائة منهم فقط أجروا محاولة على الأقل للإقلاع عن التدخين. ولمواجهة هذا الوضع الخطير، تجنّدت مختلف الجهات التونسية في حملة وطنية لمكافحة التدخين.. فالتدخين مضر بالصحة والوقاية منه أساسية لضمان نمو متوازن في محيط سليم. والامتناع عن السيجارة الأولى هو أحسن سبل الوقاية، أما التحسيس بأهمية ذلك فهي مسؤولية الجميع. فحملات التوعية بمخاطر التدخين لا يجب أن تقتصر على الجهات المعنية فحسب، كما يؤكد على ذلك مدير المعهد العالي للفنون الجميلة بتونس السييد سامي بن عامر، بل هو واجب إنساني ووطني يتحتّم على الجميع المشاركة فيه، أفرادا وجماعات، وخاصة المؤسسات التعليمية حيث إن نسبة كبيرة من هذه الآفة تجد أرضا خصبة لها داخل أروقة المدارس والمعاهد والجامعات.. وتضمّ زكيّة بو عزيز، رئيسة جمعيّة التضامن الدولي، صوتها إلى صوت بن عامر مؤكدة أن الخطوة الأولى للقضاء على التدخين تأتي من خلال منع انتصاب بائعي السجائر أمام المدارس والمؤسسات التعليمية، كما تشير إلى ضرورة إصدار تشريع يحدد السن القانونية لبيع السجائر. وإيمانا منها بأن محاربة انتشار آفة التدخين لا تكون إلا بمجهود جماعي والتعاون بين الجمعيات المختصة، تؤكد د. ناجية موسى، رئيسة جمعية مقاومة الأمراض المزمنة، أن ''مقاومة الأمراض المزمنة من أهم حقوق الإنسان''، ومن هنا تأتي أهمية مبادرة الرئيس التونسي زين العابدين بن على إقرار 2009 سنة وطنية لمكافحة التدخين. وقد لقيت هذه المبادرة اهتماما كبيرا لدى عديد الجهات العالمية، ومن بينها منظمة الصحة العالمية، التي ثمنت هذا القرار في عديد المناسبات وعبرت عن استعدادها لمساندة الحملة ضد التدخين. وتأتي العناية التونسية بهذا الموضوع من خلال إقرار خطة وطنية متكاملة لمكافحة التدخين تشمل الجوانب التشريعية والترتيبية والتوعوية والتحسيسية، فضلا عن المساعدة على الإقلاع عن التدخين.