صحيفة لوموند الحكومية تنشر أكاذيب عن الرئيس بوتفليقة لا تزال العلاقات الجزائرية الفرنسية تسير تحت سماء الغيوم الرمادية بفعل ''الخرجات'' الفرنسية المتكررة والتي لا توحي أبدا بقرب زوالها، ففي خرجة جديدة كتبت جريدة لوموند الفرنسية الحكومية في عددها الصادر يوم السبت الماضي عن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة وصحته بمعلومات غير دقيقة، مدعية في هذا السياق اختفائه عن الساحة السياسية وهو الأمر غير الصحيح لأن بوتفليقة منذ يومين فقط كان في استقبال الرئيس الفيتنامي، وادعت أيضا أن رئيس الجمهورية لا يظهر في المناسبات المنتظر وجوده فيها. وتقول الصحيفة إن الرئيس قد تغيب يومى 12 و 13 أفريل من قمة واشنطن حول الأمن النووي في العالم، الذي دٌعيت إليه الجزائر، وفي الوقت نفسه استضاف في الجزائر نظيره الفيتنامى نجوين مينه تريت، الذي جاء في زيارة استغرقت ثلاثة أيام لتوطيد العلاقات الثنائية وتطوير الشراكة الاقتصادية بين البلدين، كما أن الرئيس لم يعد يلقي على الشعب الجزائرى منذ أشهر خطاباته. وتعلق الصحيفة على أن هذا الاختفاء يثير الاستغراب، كما تشير ''لوموند'' إلى أن اختفاء الرئيس من الساحة لا يمر مرور الكرام، لاسيما في ظل ما أسمته بالصعوبات المتزايدة التي تواجهها الجزائر حاليا، مثل الفساد، التي هزت معها حتى مجموعة ''سوناطراك''، كبرى شركات النفط في الجزائر، واغتيال مدير الأمن، والنمو الاقتصادي البطيء، كل ذلك على خلفية من الاضطرابات الاجتماعية والمظاهرات، الأمر الذي يثير القلق، تقول نفس المصادر. وترى الصحيفة أن هذا الوضع يغذى بالتالي الشائعات القوية حول صحة الرئيس مستدلة برد فعل عبد العزيز بوتفليقة على بعض هذه الشائعات بظهوره يوم 3 مارس مع زين الدين زيدان، لاعب كرة القدم الفرنسي، من أصل جزائري، الذى أتى للعب مباراة ودية في كرة القدم الخماسية. إلا أن الصحيفة تلاحظ تباعد توقيت هذه الزيارات، كما أن آخر زيارة له خارج الجزائر كانت في سرت بليبيا، في 26 مارس، خلال مؤتمر القمة العربية، وكانت تصريحاته أيضا قليلة، وقالت إنه لم تكن له تصريحات من الأصل. غير أنه أدلى بكلمة في القمة. تأتي هذه التصريحات في وقت كان للرئيس بوتفليقة نشاطات دبلوماسية مكثفة مؤخرا كاستقباله الأخير لرئيس الوزراء السوري ووزير العدل الأمريكي والرئيس الفنزويلي ورسائله التي لم تنقطع إلى مختلف رؤساء دول العالم بمناسبات مختلفة. وفي 23 مارس الماضي، اجتمع بكريستوفر روس، مبعوث الأممالمتحدة بشأن الصحراء الغربية، مع الرئيس لمدة ساعتين. ومن هنا يطرح المتتبعون السؤال على الصحيفة هل أن الذي يحضر قمما دولية وينشط داخليا معتزل سياسيا؟.ومن ثم تأتي خرجة الصحيفة الفرنسية في الوقت الذي يعتبر فيه العديد من المتتبعين أن فرنسا تريد المزيد من توتير العلاقات بين البلدين، فإطالة الحديث عن رئيس جمهورية الجزائر هو بمثابة الخط الأحمر في العلاقات بين البلدين والتدخل في الشؤون الداخلية، خاصة أن الموضوع لم يصدر بموقف رسمي من أحد السياسيين إلا أن إصدار الموضوع في صحيفة معروفة ولاءاتها ومن يقف وراءها له أبعاده السياسية وخلفياته الكثيرة. وحسب نفس الملاحظين فإن الصحف الفرنسية التي لم تكف يوما عن متابعة الأخبار الجزائرية الكبيرة منها والصغيرة ومحاولة إثارة الموضوع من جوانب حساسة، وهو الأمر الذي كان يحدث في زمن التسعينات، وإثارة قضية من يقتل من في الجزائر. وعلى هذا الأساس تضيف نفس المراجع أن التطرق لشخص الرئيس بوتفليقة بعدما تطرق كوشنير وزير الخارجية الفرنسي إلى شخص الرئيس عندما اعتبر أن ذهاب جيل الثورة عن السلطة في إشارة إلى الرئيس شخصه سيحسن من العلاقات الجزائرية الفرنسية ويرقى بها إلى أعلى المراتب. مع العلم أن أهم خرجة اتجاه الجزائر والتي لا تزال إلى يومنا هذا هو تصنيفها ضمن الدول الخطيرة في مطاراتها، فبعد استدعاء وزير الخارجية مراد مدلسي للسفير الفرنسي في الجزائر كزافيي دريانكور وإبلاغه استياء الحكومة الجزائرية على خلفية اتهام دبلوماسي جزائري وهو مسؤول التشريفات في الخارجية الجزائرية محمد زيان حسني، بالمشاركة في اغتيال المعارض، علي مسيلي عام 1987 بباريس. وتمر العلاقات بين البلدين منذ أكثر من عامين بفترة حساسة، أدت إلى إلغاء رئيس الجمهورية زيارة له إلى باريس، والتي تم تأجيلها في أكثر من مرة، وصار اليوم موعدها غير محدد، كما رفضت الجزائر استقبال وزير الخارجية الفرنسي، وذلك بسبب عديد القضايا الخلافية بين البلدين التي تضاف إلى ما أشير له آنفا قضية اعتذار فرنسا عن ماضيها الاستعماري المخزي. وبخصوص قانون تجريم الاستعمار الفرنسي الذي ينتظر أن يناقشه البرلمان مستقبلا قالت فرنسا على لسان وزيرها للهجرة والهوية الوطنية اريك بيسون ''أنا اشعر بالأسف لهذا الاقتراح''، مشددا من جديد على أن الأمر يتعلق ب ''مسألة حساسة''، وأنه ''لا تزال إلى اليوم جروح وآثار''، داعيا في هذا الإطار إلى تجاوز الماضي وعدم نسيانه حيث أردف بالقول ''يجب علينا ألا ننسى فترة الاستعمار وما بعد الاستعمار''، إلا أنه يجب ''تجاوز'' هذه المسألة.