أدى الرئيس المصري محمد حسني مبارك زيارة عاجلة إلى الجزائر، حملت شعار العزاء وحملت في طياتها آمال طي صفحة الحرب الإعلامية القذرة التي استهدفت علاقات القطرين الشقيقين، بسبب كرة القدم. وفي قراءة سريعة لما حملته عناوين الصحف سادت نبرة تفاؤل وترحيب من الجانبين مع الزيارة الحدث، إلا أن جزءا من الإعلام الذي حمل في وقت سابق على عاتقه وبأمانة مسؤولية تأجيج الخلاف بين الدولتين والشعبين، لا يزال يدافع بشراسة عن مشروع الفتنة عبر العمل اليومي الدؤوب على ترسيخ الشوفينية القطرية التي وصلت إلى حد الحقد الأعمى.. ففي مقال مصري نشر تحت عنوان ''النية الحقيقية لزيارة مبارك للجزائر'' جاء فيه أن ''ما سعى له الرئيس مبارك من خلال زيارته لدولة الجزائر جدير بالاحترام والتقدير وإن دل ذلك فإنما يدل على أن الكبير كبير''، وتساءل المقال المصري ''لماذا دائما أبدا نكون سباقين للخير ونمد يد العون لإخواننا بل يصل الأمر إلى تنازلنا عن حقنا حتى نحافظ على علاقاتنا مع إخواننا العرب، في حين أن الجانب الآخر لا تراوده النية في السعي لذلك..''. ما جاء في المقال من كلمات مسمومة دليل آخر على أن الحقد لا يزال ينخر قلوب وأدمغة جزء من الإعلاميين المصريين ويِؤكد أن الكراهية لا تزال موجودة، وأن نظرة الاستعلاء واستصغار الآخر لم تلجمها قرارات الفيفا لأنها حقيقة كامنة وأن أبواق الفتنة لازالت في صياح.. إن الأحداث الأخيرة بين مصر والجزائر أثبتت باقتدار أن الأخوة العربية لم تعد قائمة مثلما كانت أيام المقاومة والنضال وحركات التحرّر، وإننا نعيش في مرحلة دقيقة وحساسة للغاية يساهم الإعلام ''غير العقلاني'' و''غير الموضوعي'' في ترسيخها وتكريسها، وهي وضعية شقاق كبير ستجعل الشعوب أول من يرفض الوحدة لأن الحواجز النفسية أضحت أخطر وأبشع من الحدود السياسية.. في الأيام السابقة طرح تليفزيون دبي سؤالا جريئا في أحد برامجه أثار عدة انتقادات عن كراهية العرب لبعضهم البعض، وأكد في معرض إجابته أن الواقع يؤكد أن هذه الكراهية موجودة، وأن الحسد موجود وأن هناك استكبارا واستصغارا واحتقارا لا نظير له، وأن العقل العربي ما زال يعيش في ظلمات الجاهلية الأولى، وأن ما يقال عن الأشقاء والجوار وعن العروبة والمصير الواحد والتاريخ المشترك مجرد شعارات ولت وغطتها الأنانية والكراهية خصوصا حين يكون هذا الآخر من أشقاء الدم والانتماء...