يحصل أحيانا أن نتمنى الضرر لأنفسنا تفاديا لأضرار جسيمة قد تحدث مستقبلا، تكون أكبر وأقوى، وكذلك الأمر مع ملف عمليات الترحيل الجارية حاليا، والتي شرعت فيها مديرية السكن لولاية الجزائر العاصمة منذ أشهر، فيا ليت لم تنطلق مصالح محمد الكبير عدو في ترحيل سكان باب الوادي تحديدا.. باب الوادي الحي الشعبي الأعرق والأكبر من حيث الكثافة السكانية، والذي شهد منذ يومين عمليات احتجاج جراء فوضى مبادرة الترحيل التي قامت بها مصالح ولاية الجزائر، يعيش سكان ''الكاريار'' هذه الأثناء على فوهة بركان، ليس بسبب قائمة السكنات لأن الأمر كان متوقعا أن يحدث، ليس فقط في باب الوادي بل عبر كل بلدية من بلديات العاصمة، تقرر مديرية السكن أن تعيد النظر في ملفات ''الرحلة'' فيها..، لكن بسبب ''الطمع'' و''الحيلة'' واسمحوا لي أن أقول ''يعملها الفرطاس وتحصل في مول القرون''، وهو الذي يحدث تحديدا مع هذه العائلات المقصية، التي أكدت مصالح الولاية بشأنها أن جميع عمليات الطعون مرفوضة لصالحها، بسبب رفض الملفات المودعة بعد الإحصاء السكني الذي أجرته سلطات الولاية حول قاطني البيوت القصديرية سنة 2007 والذي أفضى إلى تحديد القوائم النهائية للعائلات القاطنة بالبيوت القصديرية، ولسان الحال: ''لا تلاعب، فالأمر مفضوح''، فسقط في الفخ ''المليح والراشي''، وضاعت حقوق العائلات المحتاجة فعلا جراء التلاعب المفضوح للمحتالين والطفيليين. فملف السكن ثقيل ثقل الجبال، كبير عريض طويل وحساس، تخشاه جميع السلطات المحلية من أعلى قمة فيها، ففتحه يجر الاحتجاجات والشغب وأعمال العنف، وإعادة غلقه يكاد يكون شبه مستحيل، ما لم تتفاعل السلطات الوصية مع الموضوع برزانة وحنكة. لكن أيعقل أن نظل هكذا في مثل هذه الأوضاع نتخبط، لن أقول أن بقاء عائلات في العراء أمر مرضي، لكن هل يمكننا أن نتصور كذلك عدد عشرات بل مئات العائلات التي تتلاعب مع السلطات المحلية فيما يخص هذا الملف بالتحديد، وكم من عملية ترحيل قامت بها سلطات الولاية حتى اليوم ولا تزال تفعل، ويبقى القصدير ينبت كالحشيش، بين ليلة وضحاها، كم من عائلة تحتاج اليوم فعلا لعملية إسكان استعجالية، هي محرومة بسبب الطفيليين المحتالين القادرين على فعل أي شيء لأجل أكل ''مال الحرام''، وكما يقال عندنا في العامية فإن ''اللي ما يخافش ربي خافو''، أشخاص كهؤلاء يحرمون من هم أولى منهم من السكن، ممن يعانون في صمت بين لهيب ''الاستئجار والكراء'' ولفح ''الضيق والسكنات المهترئة''، لابد على السلطات المحلية أن تقصفهم بالثقيل، أن تجرهم جرا إلى المحاكم حتى يشفوا من دائهم، علا ذلك يشفيهم فعلا.. ناس تعلموا فنون الغش والمراوغة، فصاروا لا يقدرون على العيش بهناء، يحبون ''المهانة'' ويعشقون ''الذل''، يتكبدون معاناة العراء والمبيت في الشوارع، لضمان سكن جديد يعيدون بيعه أو كرائه ويعودون من حيث كانوا وصدق من قال: ''العبها مهبول تشبع كسور''..