من بين التعديلات التي تدخل في البرنامج اليومي لأغلب الجزائريين العاملين في شهر رمضان والتي تميزه عن باقي شهور السنة، تلك المرونة في توقيت العمل التي أضحت من بين الميزات التي ينفرد بها شهر الصيام في المؤسسات العمومية وحتى الخاصة. وهو الأمر الذي اعتادت عليه في كل سنة على عكس باقي شهور السنة. التغير في مواقيت العمل يساعد في الكثير من الأحيان الجزائريين خاصة الرجال نتيجة لما يصيبهم من تعب وخمول وعصبية تطبع تصرفاتهم. زيادة على القلق الكبير الذي يتغلب عليهم في كثير من الأحيان لينتج عن ذلك شجارات وعراك تسببت فيها الأمعاء الخاوية وهو الجو الذي يتكرر في كل سنة ليلتصق بهذا الشهر ذات المشهد الذي غالبا ما يكون أبطاله من الذكور، فيما تستثمر النساء خاصة العاملات اللواتي يتكلفن بأمور البيت كتلك التي تتعلق بالطبخ هذا التغير في الاستفادة من بعض السويعات تقضيها المرأة في المطبخ سعيا لبلوغ وقت الإفطار وإتمام تحضير الطعام . أكثر ما يميز شهر الصيام مند الأيام الأولى التغير في توقيت العمل وهو ما يعكس تجوال المواطنين في مواقيت العمل التي اعتادوا العمل فيها أيام الإفطار، بحيث تتقلص الساعات، كما يزداد تحايل الكثير من الموظفين بحجة الصيام والصداع والسبب المعروف والشائع '' غلبه رمضان'' بحيث يصبح الالتحاق بمناصب العمل ابتداء من الساعة التاسعة صباحا بدلا من الثامنة لتحدد ساعات الانتهاء منه على الساعة الرابعة مساء كأقصى تقدير في المؤسسات الخاصة. أما مواقيت العمل في الإدارات التابعة للدولة فتطبق توقيتا جديدا يعلن عنه قبيل رمضان ليستمر العمل به طيلة الشهر في جميع القطاعات العمومية، ويكون هذا التوقيت من الساعة التاسعة صباحًا إلى الثالثة بعد الزوال، أي قرب صلاة العصر. ما عدا المستشفيات ومراكز الأمن التي يتم العمل فيها بنظام المناوبة. وتغير الإدارات ومؤسسات الإنتاج من طريقة تعاملها مع موظفيها، بحيث تتساهل معهم أثناء وقت الصلاة التي يتوقف فيها العمل، فيدخل العمال عندنا في حالة تشبه البطالة، وهو ما لا يحدث في الأوقات الأخرى خارج رمضان، إلا أن هناك بعض المؤسسات تضع مقاييس تخضع إليها بعض النساء كنوع من المساعدة لتمكينهن من إعداد مائدة الإفطار في وقتها المحدد .ولإثراء الموضوع أكثر، التقينا ببعض النساء اللواتي سطرن برنامجا خاصا لتمضية شهر رمضان، خاصة منهن اللواتي لا يفضلن اتخاذ شهر الصيام شهرا للعطل، على غرار السيدة مليكة وهي عينة من النساء المتزوجات والعاملات في القطاع العمومي والتي تعتمد في تحضير مائدة الإفطار بحيلة تتغلب بها على ضيق الوقت بحيث تقوم كل ليلة بإعداد طبق الشوربة وذلك من خلال إعداد القدر بكامل مستلزماته، مما يسهل عليها طهيها في الوقت المناسب، كما تعمل على تحضير حشوة البوراك بكميات كبيرة وتلف أوراق الديول التي تلزمها لمدة أسبوع، وبعدها تضعها في علبة خاصة وتحفظها بداخل الثلاجة كما تقوم بإعداد الطبق الثاني الذي تريد تحضيره في اليوم الموالى وبذلك تخفف على نفسها عناء التعب وتوفير بعض الدقائق. وتسطر هذا البرنامج لشهر رمضان بحيث تعتمد عليه ابتداء من اليوم الأول. وتضيف مليكة قائلة إنها تعتمد إتباع برنامج معين ابتداء من اليوم الأول حيث يصعب فيه التحكم في زمام الأمور. في حين تحضر السيدة سعاد شربتها بكميات كبيرة تكفيها لمدة أسبوع لتعاود تحضير نفس الكمية كل يوم جمعة وهو اليوم الذي يصادف عطلتها الأسبوعية دون أن تضع لها كمية من ''الفريك'' ولتقوم كل يوم بأخذ كمية من الشربة تكفيها للإفطار هي وعائلتها لتضيف لها كمية من ''الفريك'' تعيد تسخينها مع إضافة كمية من ''الفريك ''و''القصبر'' وبالتالي تصبح جاهزة في ظرف قياسي لا يتعدي ربع ساعة ويتبقى لها الوقت الكافي لتحضير الطبق الثاني وهي الطريقة التي تعمل بها لتكيف وقتها وباقي شغل البيت بسبب العمل خارج البيت. ولأن المرأة هي التي يقع دائما على عاتقها كل شغل البيت، تبقي الوحيدة التي تتكلف بأمور البيت ومسؤولية تحضير مائدة الإفطار، لذلك تسعى إلى خلق لنفسها برنامجا خاصا تكيف نفسها حسبه. أما السيدة منيرة عاملة في مكتب للمحاسبة خاص تعمل إلى غاية الساعة 16 مساء ويكون بذلك الفرق في التوقيت بين شهر رمضان وباقي شهور السنة ساعة واحدة فقط، وهو الأمر الذي يعيقها في تحضير مائدة إفطارها في نفس اليوم الذي تعمل فيه خاصة وأن التوقيت الذي تغادر فيه شغلها هو الفترة التي يكثر فيها الازدحام، وبالتالي تستغرق مدة للوصول إلى بيتها، وحتى تجنب نفسها الوقوع في الإحراج مع زوجها تقوم في كل ليلة بتحضير كل أطباق مائدة الإفطار ليومها الموالي لتكتفي أثناء وصولها من العمل بتحضير السلطة وقلي البوراك فقط وتخصص الخميس والجمعة يومين لتحضر خبز الدار وبعض العجائن التي تستخدمها في باقي أيام الأسبوع. وهؤلاء السيدات ليسن سوى عينة صغيرة من النساء العاملات اللواتي يتحايلن في كل شهر رمضان لتسطير إستراتيجية يتبعنها للتوفيق في إعداد مائدة الإفطار .