تجددت، أمس، المواجهات بين شباب حي باش جراح وقوات الأمن التي طوقت المنطقة منذ الصباح الباكر، بعدما قرر العشرات من شبان البلدية اكتساح الشوارع من جديد للمطالبة باسترجاع نشاطهم بالسوق الفوضوي الذي تمت إزالته منتصف شهر سبتمبر من العام المنقضي، وتم تحويل عدد من تجاره إلى السوق الجواري الذي يتوسط حي ''النخيل'' ويقع بمحاذاة أعالي غابة ''وادي أوشايح'' لمزاولة أنشطتهم، إلا أن العدد القليل من التجار المقصيين قرروا التزام الانتفاضة حتى ينالوا مرادهم، واغتنموا فرصة حالات الشغب التي حصلت بشأن ارتفاع أسعار بعض المواد الغذائية للمطالبة بحقوقهم. وقد دخل العديد من الشبان في مواجهات ومشادات عنيفة مع أفراد الأمن وقوات مكافحة الشغب بعدما تم غلق الطرقات الرئيسية باستعمال الحجارة وكذا إضرام النيران في الإطارات المطاطية وإطلاق عدة قنابل حارقة من طرف المحتجين. الأمر الذي استدعى تطويق جميع مداخل الحي وتعزيز التواجد الأمني خوفا من حدوث انزلاقات أكثر عنفا، كالتي حدثت مؤخرا جراء الاحتجاجات على ارتفاع أسعار المواد الغذائية والتي أقرت الحكومة بشأنها إجراءات سريعة، والتي أدت إلى حرق مكتب البريد ونهب جميع أغراضه فضلا عن تكسير وسرقة العديد من محلات وأملاك الخواص. وفي هذا الصدد، ذكر عدد من المحتجين الشباب الذي وجدوا الفرصة مواتية مع حالات الفوضى التي تسود معظم الأحياء بعد انشغال الأمن بإعادة الهدوء، أنهم يهدفون من خلال حركتهم الاحتجاجية استعادة نشاطهم بالسوق القديم لأن''باش جراح فقدت قلبها النابض'' على حد قولهم، مضيفين أن وزير الداخلية قد صرح في نشرة الثامنة منذ يومين بأن الدولة ليست ضد الأسواق الموازية، على حد تفكيرهم وتعبيرهم. وأسفرت الاحتجاجات عن إصابة أحد أفراد الشرطة بجروح بليغة نقل على إثرها للمستشفى، إضافة إلى اقتحام المشاغبين حافلات نقل الطلبة ، حيث تم الاعتداء على عدد من الطلبة وسرقة الطالبات وتجريدهن من كافة ما يمتلكن وسط حالة من الفوضى والشغب، الأمر الذي أجبر كل حافلات النقل الجامعي على لخروج من محطة باش جراح ليعودوا أدراجهم، وحتى حافلات ''ليتوزا'' التي تتخذ عادة من ذلك المكان محطة لها، غادرت المحطة لتتحول بلدية باش جراح إلى بلدية مهجورة من سكانها في رمشة عين. من جهة أخرى أكدت مصادر من بلدية باش جراح حسب وكالة الأنباء الجزائرية أن ''تدخل عناصر الأمن لتحرير هذه المناطق العمومية من هؤلاء التجار غير الشرعيين كان في الوقت المناسب''. أوضحت المصادر أن هؤلاء التجار غير الشرعيين كانوا قد استفادوا في 20 سبتمبر الماضي من محلات بسوق حي الموز (الذي لم يفتح أبوابه لحد الآن) ''حتى يتسنى لهم ممارسة نشاطهم التجاري بطرق منظمة وشرعية''. وأكد المصدر نفسه تمسك السلطات المحلية بمحاربة كافة أنواع الفوضى وتنظيم المرافق العمومية من خلال إيجاد حل للأسواق الموازية التي تخلق مشاكل بيئية واجتماعية وكذا اقتصادية. وذكر نفس المصدر أن البلدية قامت بتجسيد ''مشاريع هامة'' في هذا الإطار لامتصاص ظاهرة التجارة غير الشرعية ''التي كانت قد استفحلت خلال السنوات الماضية بالبلدية''. وقد تم لهذا الغرض انجاز سوق حي الموز لفائدة هؤلاء التجار لإبعادهم عن شبح البطالة بتمويل من ميزانية البلدية غير أن هذه الأخيرة ''فوجئت بعودتهم ووضع بضائعهم مجددا في الأرصفة والأماكن العمومية''.