انصبت أمس المداخلات حول الذكرى الخمسين لإنشاء أول حكومة مؤقتة جزائرية، المصادفة ل 19 من سبتمبر العام ,1958 بالدعوة إلى كتابة التاريخ بصفة أكثر عمقا، للاستفادة من تلك الجوانب المتعددة من تاريخ ومحطات ثورة نوفمبر الخالدة والتي أرجعت للجزائر استقلالها، حيث شكلت مناسبة إعلان الجمهورية الجزائرية المؤقتة في ذلك العام واحدة من أهم المسارات طيلة ال 132 سنة من الاستعمار. وبهذه المناسبة قدم العديد من الوجوه التاريخية دعوات ملحة للكتابة في حيثيات تلك الآونة، وهو ما أكده كل من الوزير في تلك الحكومة عبد الحميد مهري وزميله فيها لمين خان، بالإضافة إلى الوزير المنتدب ورئيس جمعية قدماء وزارة التسليح والاتصالات العامة ''المالغ'' العقيد دحو ولد قابلية. مهري: ''لسنا محرجين من كتابة التاريخ لأن ثورتنا ناصعة البياض'' ضمن هذا السياق أكد الوزير في الحكومة الجزائرية المؤقتة، والوجه التاريخي عبد الحميد مهري تصوره لإعلان الجمهورية الجزائرية، حيث ركز على النقاط الإيجابية لذلك الإعلان الذي أسس حسب المتحدث أول خطوات إنشاء ركائز أي دولة حديثة كتنظيم المجتمع، وبناء مصالح الأمن، وغيرها من الخطوات التي أعطت الوسائل لعمل الثورة في الميدان. كما أضاف تنظيم الاتصال والتعاون الخارجي أو الدبلوماسي، مشيرا في هذا الإطار إلى إمضاء الحكومة المؤقتة على اتفاقية جنيف للعام ,1949 حيث نتج عن ذلك سحب الاعتراف بسيادة فرنسا على الجزائر، كما تم سحب اسم الجزائر من منظمة حلف شمال الأطلسي. وعاد أمين عام ''جبهة التحرير الوطني'' الأسبق للقول'' إنه من الواجب اليوم على الجامعيين والمؤرخين أن يتناولوا هذه القضايا بعيدا عن التركيز على الخلافات الشخصية لصناع الثورة''، مشددا على أن ثورة نوفمبر الخالدة قد نجحت لأنه لا تشكيك في وطنية صناعها مهما بلغت الخلافات، مؤكدا أن البشر بشر والملائكة ملائكة. واسترجع مهري ذكريات الكفاح المسلح والظروف التاريخية لتلك الحقبة بالذات، حيث أوضح أن الفترة قد عرفت الإعلان السري المبدئي في شهر فيفري من العام ,1958 ومابين فيفري وسبتمبر حدثت الكثير من الأشياء من ضمنها سقوط الجمهورية الرابعة ومجيء ديغول إلى الحكم، إضافة إلى مؤتمر طنجة وأحداث 13 ماي في فرنسا. وختم المتحدث أنه من الضروري الاعتراف بأنه ورغم الأخطاء التي واكبت بعض نواحي الثورة، إلا أنه من الضروري الاعتراف بأن المجاهدين بنوا الدولة من الصفر حتى وصولوا لبناء جيش تحرير أرغم فرنسا على الخروج. لمين خان يذكر الدعم الخارجي للحكومة من جهته أكد أحد رموز الثورة الجزائرية، الدكتور لمين خان الذي ذكر بالمناسبة بأنه واحد من ضمن 05 رفقاء فقط مازالوا على قيد الحياة بن بلة، آيت أحمد، مهري، بن طوبال - من تلك المجموعة المتكونة من 19 عضوا، أكد على دور الأشقاء من الجمهورية التونسية والملك المغربي الراحل محمد الخامس وجمال عبد الناصر في جمهورية مصر العربية، وجمهورية العراق تلك الدولة التي كانت أول المعترفين في العالم بأحقية القضية الجزائرية، بالإضافة إلى الصين الشعبية من دول العالم الصديقة، مذكرا بطابع السرية للخطوة والنجاحات التي تعززت بها جبهة التحرير الوطني وجيش التحرير على أرض المعركة بعد ذلك السند المعنوي الدولي. ولد قابلية: ''السرية مفتاح النجاح'' في تدخل مقتضب للوزير الحالي دحو ولد قابلية والعقيد في مصالح الاتصالات العسكرية لجيش التحرير الوطني آنذاك، تساءل الوزير موجها كلامه إلى مهري عن فحوى عدم إطلاق المبادرة بالإعلان من طرف المجلس الوطني للثورة الجزائرية، واقتصار الأمر على رسالة مجلس التنفيذ التابع للجبهة. لم يفوت ولد قابلية الفرصة للإكبار من المحطة التاريخية، والثناء على رفاق السلاح بالأمس، لاسيما أولئك الذين رحلوا عنا وتركوا الأهل، مذكرا بالبطولات التي قاموا بها على أكثر من صعيد من أجل إعادة الاستقلال للجزائر ولشعبها، مشيرا لأهمية الحدث من حيث أنه نقل عمل الجبهة والجيش من السرية إلى العلنية، حتى أنه لا أحد كان يعلم الأسماء الحقيقية للقادة ال ,22 أو أسماء ال 6 الأبطال الذين فجروا ثورة غرة نوفمبر في العام .1954 جدير ذكره، أنه قد تم تكريم كل من أول رئيس للحكومة المؤقتة الرئيس فرحات عباس والرئيس يوسف بن خدة، في أجواء حضرها العميد السابق الهاشمي هجرس، المؤرخ العربي الزبيري، المخرج السينمائي عمار العسكري الوزير دماغ العتروس والكثير من رفاق السلاح.