بداية الأزمة الجديدة في ''وول ستريت'' انطلقت مع إعلان مؤسسة مالية عملاقة، هي ''ليمان براذرز'' عن إفلاسها، وهذه كانت بداية رمزية خطرة، لأن هذه المؤسسة العريقة كانت من الشركات القليلة التي نجت من مذبحة الكساد الكبير في عام ,1929 وتعتبر من أقدم المؤسسات المالية الأمريكية، التي تأسست في القرن التاسع عشر، وهذا ما أكّد تنبُّؤات ألن غرسيبان، رئيس الاحتياطي الفدرالي الأمريكي السابق، بأن مؤسسات مالية كبرى جديدة ستسير على درب ''ليمان براذرز''. ودخلت بذلك الأزمة المالية العالمية الاثنين الماضي منعطفا خطيرا بإعلان بنك ليمان براذرز رابع اكبر بنك أمريكي عن إشهار إفلاسه بعدما تكبد خسائر مالية جسيمة في الفترة الأخيرة كان أفدحها في الربع الثالث من السنة المالية الحالية، حيث بلغت حوالي 4 مليار دولار، وقد أصيبت المؤسسات المالية الأمريكية والعالمية، وأسواق المال بصدمة عنيفة أعقبها تراجع كبير في مؤشرات البورصات الكبرى، في حين تهاوى سعر صرف الدولار أمام الين الياباني، والأورو الأوروبي، والعملات العالمية الكبرى. وتزامنا مع إشهار ليمان براذرز إفلاسه سارعت عشرة بنوك تجارية واستثمارية أمريكية وأوروبية إلى تأسيس صندوق برأسمال 70 مليار دولار للاستعانة بدعمه إذا ما واجهت نقصا حادا في السيولة لتفادي ما تعرض له البنك المنهار، ومن أهم البنوك المشاركة في الصندوق بنك أوف أمريكا، سيتي بنك، جي بي مورجان، ميريل لينش، وأكدت هذه البنوك أنها ستلجأ اعتبارا من الأسبوع الماضي إلى إجراءات عاجلة بالتعاون مع مجلس الاحتياط الفيدرالي الأمريكي لحمايتها من الانهيار. وقد أكد جرينسبان، الرئيس السابق لبنك الاحتياطي الفيدرالي ''البنك المركزي الأمريكي'' أن الأزمة المالية الراهنة هي الأخطر منذ 50 عاما وعلى الأرجح منذ قرن، موضحا أن حل هذه المشكلة ما زال بعيدا. وقال جرينسبان عقب إعلان البنك إفلاسه أنه من الضروري أن نعترف بأنها حدث يحصل مرة كل خمسين عاما، وعلى الأرجح مرة كل قرن، مؤكدا انه لم يواجه أمرا مماثلا وهو لم ينته بعد، كما ستستغرق الأزمة مزيدا من الوقت. واعتبر جرينسبان الرئيس اللامع للبنك المركزي الأمريكي طوال 19 عاما وحتى ,2006 أن القسوة الاستثنائية للازمة المالية ستؤدي إلى انهيار عدد كبير من المؤسسات المالية الكبيرة، فيما كانت واشنطن تسعى يم الأحد قبل حدوث الأزمة إلى إنقاذ مصرف الأعمال ليمان براذرز من الإفلاس، مؤكدا في هذا السياق على افتراضية السعي إلى حماية كل المؤسسات المالية الكبرى. واعتبر الخبير المالي أن الحكومة الفدرالية لا يمكنها إن تضع شبكة أمان فوق كل الشركات المالية التي تتعرض للإفلاس، ملاحظا أن الجهود التي تبذلها السلطات حول الوضع في ليمان براذرز، تقضي بإيجاد حل من دون الاستعانة بالأموال العامة، مفسرا التدخل غير المألوف للسلطات العامة في الولاياتالمتحدة بالعولمة المتسارعة في السنوات العشر الأواخر.