أعلنت وزارة الدفاع المالية ليلة السبت إلى الأحد الفارطة أن الهجوم على مركز عسكري في نامبالا شمال مالي بالقرب من الحدود الجزائرية المالية والذي نسب إلى المتمردين الطوارق أسفر عن سقوط ''9 قتلى و12 جريحا'' في صفوف القوات المسلحة، و''11 قتيلا وعدد كبير من الجرحى'' في صفوف ''المهاجمين''. وكانت السلطات نسبت هذا الهجوم فور وقوعه إلى مجموعة زعيم المتمردين التوارق ابراهيم اغ باهانغا، على غرار كل العمليات الأخرى التي عرقلت منذ شهر أوت 2007 تطبيق اتفاق السلام الموقع في الجزائر في جويلية .2006 ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن مصدر قريب من باهانغا ذلك، وكتبت الوكالة استنادا إلى ذات المصدر ''خلال هجومنا تفوقنا لأننا كنا مستعدين لذلك، سقط عشرون قتيلا في صفوف الجيش، نأسف لذلك لكن الأمر كان إما هم أو نحن، وفي صفوفنا سقط جرحى''. ولم تذكر وزارة الدفاع المالية في بيانها - توضح الوكالة- المتمردين الطوارق بل تحدثت عن ''مهاجمين'' مرتبطين بتهريب المخدرات. وردا على سؤال للوكالة، قال مسؤول مالي في وزارة الدفاع إن ''عصابة مسلحة مرتبطة بمهربي المخدرات'' تعني ''المهاجمين'' وصلوا على متن آليات كشف من قبل أنها عائدة إلى مهربي مخدرات. وأضاف ''كنا نبحث عن هذه الآليات والذين وصلوا على متنها مرتبطون حتما بتهريب المخدرات''، ويتهم الجيش باهانغا بالتورط في التهريب الدولي للمخدرات. وكان مئات من المتمردين الطوارق تجمعوا خلال الأشهر الماضية في منطقة كيدال (شمال شرق مالي) في جبال المنطقة المحاذية للجزائر، وهم يشترطون لعودتهم ''التطبيق الدقيق'' لاتفاق الجزائر. ومنذ توقيع هذا الاتفاق الذي يبقى أساسا للمفاوضات بين المتمردين والحكومة، تخلى المتمردون عن المطالبة بحكم ذاتي لمنطقة كيدال، فيما التزمت الحكومة تسريع التنمية في مناطق الشمال الثلاث، لكن شروط نزع سلاح المتمردين وتشكيل ''وحدات خاصة'' لا تزال موضع تفاوض. ويرى متابعون أن المعارك الأخيرة يقف وراءها متشددون في صفوف المتمردين يتهمون الحكومة بالمماطلة في تطبيق اتفاق الجزائر. ومنذ أوت 2007 يطالب إبراهيم آغ باهانغا أكثر المتمردين تشددا والمنشق عن اتفاقات الجزائر، الحكومة بتخفيف قواتها في منطقة تينزاواتين على الحدود مع الجزائر، لكن الحكومة ترفض ذلك معتبرة أن المنطقة تستخدم لتهريب المخدرات وتتهم جماعة باهانغا بالتورط في هذه التجارة. ووقع اتفاق جديد بين الحكومة المالية ومتمردي الطوارق بعد وساطة جزائرية في جويلية 2007 لكن المفاوضات تعثرت ولم يعد باهانغا يشارك فيها منذ ثلاثة اشهر. وتتزامن هذه الاشتباكات في وقت تتحدث فيه مصادر أمنية وتقارير إعلامية عن أن قوة من الجيش الجزائري قتلت ليلة الجمعة إلى السبت ثلاثة مسلحين أفارقة يُشتبه في أنهم من أفراد تنظيم إرهابي إثر مطاردة في شمال جبال فوهارس في دائرة برج باجي مختار في أقصى الجنوب الجزائري على الحدود مع مالي. ويفرض الجيش الجزائري منذ أيام بالتعاون مع الجيش المالي حصاراً على منطقة المثلث الحدودي بين الجزائر ومالي والنيجر، بحثاً عن عناصرإرهابية وشبكات تهريب تنشط في الساحل الافريقي. تجدر الإشارة كذلك إلى أن هذه المواجهات تحدث متزامنة أيضا وقمة رؤساء الدول حول الأمن والتنمية في الساحل والصحراءالمزمع عقدها في العاصمة المالية باماكو مطلع السنة القادمة، والتي تشارك فيها الجزائرممثلة في الرئيس بوتفليقة وبمعية رؤساء دول كل من مالي، ليبيا، تشاد، النيجر، بوركينافاصو وموريطانيا. وحسب ما صرح به الوزير المنتدب المكلف بالشؤون الإفريقية والمغاربية، عبد القادر مساهل مؤخرا فإن اللجان المشتركة التي استحدثت بين مختلف هذه البلدان قد بدأت في عملها تحضيرا لهذا الموعد، فيما حرص مساهل على إبراز دور اللجنة المشتركة الجزائرية المالية والتي يشارك فيها المتمردون الطوراق، قائلا بأنها ''تسير بشكل جيد'' تنفيذا لما ينص عليه اتفاق الجزائر. وتعتبر منطقة الساحل الإفريقي حسب العارفين إحدى المحاور الرئيسية التي تنشط فيها بقايا التنظيمات الإرهابية، وشبكات التهريب، حيث تستغل في ذلك قساوة الطبيعة وشساعة الحدود الجزائرية مع بلدان الجوار هناك، مما جعل المنطقة مركز عبور للأسلحة والمخدرات وتهريب التبغ نحو الشمال.