توجت الكاتبة والصحفية الجزائرية حنان مهدي بالمرتبة الثالثة في الطبعة 12 لمسابقة النص المسرحي الموجه للطفل للهيئة العربية للمسرح، حيث تم تكريمها في ختام المهرجان العربي للمسرح بالأردن ،الذي يعتبر الأول من نوعه لها خارج الوطن ، وشاركت حنان في حوار لها مع جريدة ”الاتحاد” فرحتها و افتخارها بهذا التتويج الذي سيفتح لها أبوابا اوسع في المستقبل القريب ، شاكرة بذلك كل من ساندها و هنأها . نبذة عن الكاتبة حنان مهدي صحفية وكاتبة قصص أطفال، من ولاية المسيلة سنة 1991، خريجة اعلام برتبة ماستر سنة 2016 من جامعة المسيلة، بدايتها المهنية كانت في قناة “بور تيفي”، ثم بعدها بفترة بسيطة اتجهت للعمل في قناة خاصة إخبارية ضمن القسم الثقافي، لتستقر حاليا كصحفية مهتمة بالشؤون السياسية في موقع سبق برس، منذ قرابة السنة. فازت مؤخرا بجائزة الهيئة العربية للمسرح الموجه للطفل بالشارقة في طبعتها الثانية عشر. حاورتها : رتيبة -عبديش
الاتحاد : تهانينا لك بهذا التتويج .. هل يعتبر الاول لحنان خارج الديار؟
حنان مهدي : نعم هذا أول تتويج لي خارج الجزائر في مجال التأليف المسرحي عن نصي المعنون برجل الثلج الأحمر التي ألفتها سنة 2015 وظلت حبيسة الأدراج، بطبعي لا أشارك في المسابقات الأدبية كثيرا فقد شاركت فيها مرتين فقط.. مرة سنة 2014 حيث فزت بالجائزة الوطنية لأدب الشباب في القصة القصيرة ومشاركتي الثانية كانت مؤخرا في التأليف المسرحي والحمدلله أن كلا المحاولتين كللتا بالنجاح.
الاتحاد : كيف كان شعورك بعد تتويجك عربيا؟
حنان مهدي : الفوز على المستوى العربي بجائزة مهمة، وسط منافسة قوية ومع لجنة لا تعرفك ولا تعرفها هو اعتراف ضمني بقيمة ما تقدمه وتكتبه، لذلك فهذه الجائزة مهمة جدا بالنسبة لي لأني ما أعرفه عن الهيئة العربية بأنها صارمة جدا والفوز يعني تمتعك بالموهبة الحقة وجودة العمل المتوج .. كنت سعيدة جدا بالطبع.
الاتحاد : بخصوص نصك الفائز بالجائزة.. ما هو جوهر فكرته؟
حنان مهدي : بطبعي شخص مسالم ومحب للسلام للجميع، يؤلمني كثيرا الصراعات التي نعيشها بسبب اختلاف الثقافات والأفكار ونط الحياة في مجتمعنا المتنوع والثري.. ولأني أرى أن الاختلاف هو سر جمال الحياة ركزت في مسرحية رجل الثلج الأحمر على نبذ جميع أشكال إلغاء الآخر المختلف والعنصرية والطائفية في قالب قصصي لطيف. وتدور أحداث النص المسرحي "رجل الثلج الأحمر" حول رجل ثلج أحمر طيب فنان ، ذو أخلاق رفيعة يهوى العزف على العود" الجيتار"، يعيش بمدينة رجال الثلج المغرورين الذين يستغربون لونه المختلف عنهم، ويسخرون منه ويرفضون تواجده بينهم هذا ما يجعله يحس بأنه منبوذ وغير محبوب، وبسبب عدم إحساسه بالتقدير فكر رجل الثلج الأحمر بالرحيل من المدينة ليبحث عن مكان آخر يقبله الآخرين فيه رغم اختلافه عنهم. غير أن الجنية الصغيرة الجميلة تمنع تحقيق أماني رجل الثلج الأحمر من الرحيل لكنه يبقى رافضا البقاء، لذلك كمساعدة منها تمنحه زجاجة عطر سحرية بمجرد أن يرش قليلا منها في الهواء حتى تحقق له أمنيته، ولكن عند مغادرته للمدينة تسقط منه القارورة ولا ينتبه، فيجدها رجال الثلج البيض ويجبران الجنية الصغيرة على أن تلقي تعويذة على رجل الثلج الأحمر حتى لا يجد أحدا يرضى به، وفعلا يتوه لمدة أسبوع كاملة لا يجد خلالها من يقبل به. أين يقوم رجال الثلج البيض بعدها باستغلال الجنية الصغيرة لتحقق لهم كل رغباتهم ، فيقسون عليها حتى تتأذى وتنهار قواها، وبعدها بأسبوع يصل رجل الثلج الأحمر لأرض غريبة لا يعرف عنها شيئا ، فيجد رجل ثلج أصفر وهناك يخبره أنه يعيش بمدينة الثلج الملونة وفيها رجال ثلج مختلفين وكل له هواية وموهبة ويعيشون بسعادة.. لتتغير بعدها حياة رجل الثلج الأحمر في ذاك المكان للأفضل لأن التنوع يزيد الحياة بريق وبهجة في حين تغرق مدينة الرجال البيض في الملل والضجر.
الاتحاد : كيف بدأت رحلتك مع الكتابة ومن حفزك على دخول عالمها !!
حنان مهدي : أدب الطفل لم يكن توجهي إليه بشكل أكاديمي بقدر ما هو موهبة حباني بها الله عز وجل، إذ تمكنت سنة 2014 حين كان عمري 23 سنة من نشر أول قصة لي بعنوان “دميتي تعبث في أرجاء المنزل” مع دار الربيع السورية، ثم قصة “لا أحب فرشاة أسناني” و”أنا أو السمكة” عن دار أصالة اللبنانية، ثم نشرت مع دار سما الاماراتية قصتي “قلم الأمنيات” و “المهرج ذو الأصابع الأربعة” ومؤخرا صدر لي قصة “عرض على خشبة المسرح” في انتظار صدور قصة “الحلزون يريد النوم”، كما أنه لي الكثير من الأعمال الأدبية في العديد من المجلات بينها “العربي الصغير”، ومجلة الأمل الليبية، وفينكو الجزائرية وغيرها حيث نشرت عن ما يربو 100 قصة. وكان لي محاولات في الكتابة المسرحية لكن لم أنشر أي شيئ منها.
الاتحاد : لمن قرأت حنان و بأي كتب تأثرت ؟
حنان مهدي : أنا من عائلة تهتم بالمجال العلمي، فوالدي حفظه الله أستاذ في مادة الرياضيات، لكن أظن أنني قد ورثت هوس الكتب عنه حتما. فمنذ صغري كنت ألاحظ على زاوية غرفتي خزانة مملوءة بالكتب العلمية الرائعة التي تعود لحقبة الثمانينيات والتسعينات التي كانت كلها تحوم حول علوم الفضاء وعلم الفلك والفيزياء. وبسن الثانية عشر تأثرت بكتاب “الذرات والالكترونات” وكان فيه شرح مبسط لنظرية النسبية لأينشتاين فحاولت فهمها ظنا مني أنها سهلة طبعا، لأفكر بعدها في دراسة الفيزياء لكن بعد سن السابعة عشر ظهرت ميولي الأدبية. ربما هذه الكتب ولَّدت فيَا الرغبة في الكتابة وحب المطالعة، وساهمت في تحسين لغتي وتوسيع خيالي.. لم أتاثر بكاتب بعينه لكن أقربهم لقلبي كانت المؤلفة البريطانية جوان كاثلين رولينغ صاحبة رائعة هاري بوتر، والكاتب بولغاكوف الذي سحرتني روايته الشيطان يزور أما بالنسبة للكتابة في حد ذاتها للأطفال فإني أحاول تقديم قصص مبتكرة بأفكار عصرية وجديدة تهدف لغرس قيم إيجابية، في قالب من المتعة .
الاتحاد : أهم العوائق التي واجهت حنان في طريقها الأدبي؟
حنان مهدي : ليس هناك ما يكفي من مختصين في المجال في الجزائر يمكن التعلم منهم لقد تعلمت كل شيئ بذاتي عن الكتابة خصوصا وأن الطفل تحتاج للكثير من الدورات التدريبية لاختصار مسافة الكتابة.. إضافة إلى عدم وجود دور نشر محترفة تنشر وفقا لمقاييس أدب الطفل الحديثة.
حنان مهدي : ليس لي علاقة بهم للأسف نشرت 10 كتب في أكبر دور النشر العربية بلبنان والإمارات لكن محاولاتي مع دور النشر الجزائرية فشلت لأن تفكيرها تجاري بحت وليس هناك إحترام للكاتب الذي تطالبه بدفع حقوق انتاج كتابه وتوزيعه لتغطية فشلها وعجزها.. لكن ليس لي مانع في التعامل مع دور النشر التي تحترم الابداع.
الاتحاد : نجاحك خارج الديار هل ترين أنه سيفتح لك أبوابا أوسع؟
حنان مهدي : النجاح في المسابقات وسيلة لتسويق اسمك لأنها كما قلت آنفا اعتراف بقيمة ما تقدمه هذه إضافة قيمة لإسمي كمؤلفة متخصصة في أدب الطفل وسعيت لتقديم الأفضل.. لقد لاحظت أن كثيرا من العروض وصلتني لتجسيد المسرحية الفائزة إذ حظيت باهتمام الكثيرين من المتخصصين في المجال من مختلف الوطن العربي في حين أن ذات العمل سابقا كان حبيس الأدراج لمدة 4 سنوات كاملة لقد ارتفعت قيمة النص بمجرد أنه حظي بجائزة مهمة .. نعم النجاح خارج الديار مهم جدا بالنسبة لي لكنه مسؤولية في ذات الوقت لأنه يعني ضرورة العطاء بذات المستوى وأكثر ما يعني أنه يعطيك فرصة للبروز لكنه ليس كافيا.
الاتحاد : ما هو هدف حنان مهدي في الحياة الأدبية وما تطمح إليه مستقبلا ؟
حنان مهدي : طموحي أن أبتكر شخصية كرتونية تبقى خالدة في عالم الأدب، وحاليا أعمل على قصص آمل أن تحقق لي هذا المبتغى وسأعمل على تجسيد مسرحيتي الفائزة رجل الثلج الأحمر على خشبة المسرح.
الاتحاد: إلي من تهدي هذا التتويج؟
حنان مهدي : إلى والداي بالدرجة الأولى.. أبي الرائع الذي لطالما كان أبا عظيما ولم يقف يوما في وجه طموحاتي وأمي الغالية.. طبعا لهما الفضل في ذلك فبفضل دعائهما تحقق لي أمنيات كثيرة.
الاتحاد : كلمة أخيرة
حنان مهدي : شكرا لكل من راسلني وهنأني وفرح بتتويجي من أصدقاء صحفيين وأدباء وممثلين وغيرهم داخل وخارج الوطن.. مسرورة أن إسم بلدي رفع مرتان بعد تمكن فرقة جي بي أس من حصد جائزة أحسن عمل مسرحي في ذات المهرجان، أهنئ بحب المخرج الرائع محمد شرشال وكل أعضاء المسرحية على هذا الإنجاز العظيم، وأتمنى أن تتخلف الجزائر عن المحافل الدولية في سماء الفن والإبداع.