أكدت وزيرة التضامن السابقة سعيدة بن حبيلس في حوار لها خصت به جريدة الاتحاد، أن الشعب الجزائري يعرف جيدا معنى الأمن و الاستقرار لأنه مر بتجارب اشد وطأة، لأنه فقد أكثرمن مليون ونصف مليون من الشهداء خلال حرب التحرير، ودخل في سنوات من الجمر أودت بأرواح آلاف الضحايا، وقالت بن حبيلس أن ثورات الربيع العربي لم تحرر المرأة بل زادت من معاناتها.أنشأت من ورقلة في التسعينيات الحركة النسائية للتضامن مع الأسرة الريفية ، وكنت عضوا في إتحاد النساء الجزائريات. ما رأيك في وضعية المرأة الجزائرية ، وما نصيبها من الجانب السياسي؟إن وضعية المرأة الجزائرية فرضت نفسها ميدانيا للدفاع عن الجزائر عبر التاريخ، لأنها لعبت دورا بارزا بدون قوانين وفي غياب الإرادة السياسية فرضت نفسها تلقائيا كلما كانت الجزائر في خطر إلا وكانت هي في الطليعة، الشيء الذي يمكنني قوله عندما أتحدث عن المرأة ومقارنتها عبر التاريخ ومكتسباتها حاليا، أقولها صراحة هناك فرق شاسع بين التضحيات والمكتسبات، لأن المرأة الجزائرية وصلت إلى درجة مشجعة من خلال التعليم والتكوين الذي فتح لها المجال والذي نعتبره مكسبا ديمقراطيا لكل الجزائريين هو التعليم المجاني وإجبارية التعليم.أما الجانب الثاني والذي يتمثل في الصحة التغطية الصحية المجانية، ومراكز حماية الأمومة والطفولة، فالتعليم والتكوين من جهة وحماية الصحة من جهة أخرى، وخاصة في المناطق النائية والمعزولة وحتى أقصى الجنوب، هذا ما فتح المجال للمرأة لكي تترقى ولتفرض نفسها ميدانيا ونحن اليوم نقطف ثمار تلك السياسة لأنه لدينا 95% نسبة تمدرس الفتاة في مختلف المراحل مثل الجامعات التي نجد نسبة الطالبات بها أقوى من نسبة الطلبة الذكور، هذا ما فتح للمرأة مجالات أخرى ومكنها بقوة وجدارة من افتكاك مناصب ومسؤوليات في مختلف الميادين، فهل هذه الطاقة النسوية التي برهنت عن تشبعها بالروح الوطنية وعن تشبعها بروح المسؤولية وعن جدارتها وعن كفاءتها أعطوا لها حقها وهل تمكنت من الوصول إلى مراكز أخذ القرار . إن وصول المرأة إلى التعليم والهندسة وسياقة الطائرة أمر مهم وجيد ولكنه لا يكفي مقارنة بالطاقة النسوية الموجودة والتي مكنتها من نفس الحقوق كالرجل، إن لم نقل أكثر لكي تصل إلى مراكز أخذ القرار وهذا الجانب لا يزال يعاني من نقص وبالنسبة للدور السياسي نلمس خطوة أولى نفتخر بها والعالم يشهد لنا بها وهي المادة 31 من الدستور مكرر التي فتحت المجال للمرأة لكي تتواجد بقوة في البرلمان وفي الهيئات المنتخبة، وهذا مكسب ولكنه لابد أن يفتح المجال إلى التنسيقية والتعدي إلى مجالات أخرى أكبر. ففي الأحزاب السياسية نجد أربعة منها يترأسها نسوة وهذا شيء مهم جدا ولكن في الأحزاب الأخرى نجد وللأسف نساء بداخلها ولكنها لم تحتل المناصب القيادية التي يحتلها الرجال وهم أقل كفاءة ونزاهة ومقدرة ووزنا وثقلا اجتماعيا منهن، وبالفعل هل محكوم على المرأة أن تبقى دائما ورقة انتخابية تستعمل من طرف السيا سيين وصراحة مثلا الرجال الذين تحصلوا على مناصب وزراء الدولة استغلتهم في مناصب أخرى ، أما بالنسبة للمرأة فنرى أن عدد النساء اللواتي احتللن مناصب وزراء من الاستقلال إلى يومنا هذا معظمهن انتهت حياتهن السياسية. ونتأسف لأننا لم نعط للمرأة قيمة، لم تستغل الطاقات النسوية أنا امرأة أفكر بمنطق المردودية وهناك نساء لا يزلن يقدمن للجزائر ويبرهن عن قدراتهن وأتأسف في هذا المجال لأنه هناك عدد لا بأس به من النساء الجزائريات في الساحة الوطنية لديهن اعترافات دولية في مختلف الميادين ويملكن استحقاقات من طرف اليونيسكو والأممالمتحدة وهيئات دولية أخرى، فلماذا لم تستغل السلطة الجزائرية هذه الطاقات خاصة في هذا الظرف بذات وكأنه وللأسف هناك اعتراف دولي لمقدرة المرأة الجزائرية من الخارج أكثر منه في الداخل. بعد زيارتكم لبعض بلدان الربيع العربي، كيف تقيمون وضعية المرأة العربية بتلك البلدان؟ أعتبر أن الاحتجاجات الشعبية شرعية عن وضع دكتاتوري قمعي، ولا اعتبرها ربيعا لأن الربيع يخلف الورود والخضر ويعني الأمل، ومع الأسف الانتفاضات الشعبية التي كانت ترمز إلى وضع أحسن إلى ديمقراطية ولما نقول ديمقراطية يعني عدالة اجتماعية ولما نقول عدالة اجتماعية نقول حقوق إنسان ورفاهية وطمأنينة وأمن واستقرار وحدة ترابية وشعبية، مع الأسف كل هذه المكتسبات وهذه الرموز لم نجد لها أثرا، صحيح أن هدف الثورات كان هدفها تحسين أوضاع المجتمع وهي ظاهرة وليست سرا، والضحية الأولى في هذه الثورات هي المرأة ،قتلى و جرحى وتخريب وإرهاب وتدخلات أجنبية، وعلى إثر هذا كله رجعت الشعوب إلى القرون الوسطى، فالمرأة العراقية قبل هذه الثورات كان يضرب بها المثل حيث بلغت نسبة الأمية آنذاك 1% في الأوساط النسوية ، والعراق كان رمزا للنهضة والقوة العربية في جميع الميادين، باسم الدكتاتورية وتكسير الدكتاتورية وبتهمة وجود الأسلحة النووية المحرمة دوليا، والتي لم نجد لها أثرا بعد ذلك ولكنها كانت حجة فقط لضرب العراق.وفي مصر ثمانون مليونا منقسمون بعدما كانوا متعايشين، ونحن نعلم جيدا أن العالم الإسلامي فيه الشيعة والسنة منذ القدم وكانوا على وفاق تام، وفي الجزائر نجد المذهب السني المالكي، ولكن بعد الربيع العربي تغيرت الأوضاع، إتهموني بأني قلت أنه توجد فكرة التأمر نعم هي كذلك فالغربيون بما فيهم إسرائيل والولاياتالمتحدةالأمريكية على رأس القائمة، أنا لست ضد الأديان أحترم كل الأديان لذلك كيف نفسر وجود توافق بين الكاثوليك والبروستنت وبين مختلف التيارات كالقبط ومختلف التيارات اليهودية فالكل يعيش في تناسق تام يجمعهم التآلف للحفاظ على وحدة وقوة بلدانهم ، فالثراء الديني الثقافي الذي نملكه نحن لابد أن يكون كالاسمنت متماسكا وصلبا لصد كل المحن.وبالرجوع إلى الوثيقة الصادرة عن المستشار الصهيوني "جوداد" الذي يعمل بوزارة الخارجية الصهيونية بتاريخ 1982 والتي كانت سرية للغاية حيث أعطاها للأمنيين وأصحاب القرار بإسرائيل والتي تقول " مادام العالم العربي والإسلامي على تركيبته الجغرافية الحالية، لا يمكن ضمان أمن واستقرار إسرائيل لذا علينا إعادة النظر في التقسيم الجغرافي لهذه الدول ،علما أن كل الشروط متوفرة لأنهم قبائل متناثرة محكومون من قبل ديكتاتوريين فيهم السنة والشيعة وفيهم عرب وبرابرة ومنهم البيض والسود"، وأعطى بهذه الوثيقة التقسيم بلدا ببلد مثلما حدث في السودان العراق وسوريا.وقد زرت سوريا ولم أر بلدا مثلها من حيث التعايش السلمي وحرية العقيدة وهذا بشهادة المسيحيين والسنة والشيعة، إن كل ما جرى يخدم مصالح الغربيين وعلى رأسهم إسرائيل فعوضا أن تبقى هذه الدول قوية رجعت إلى القرون الوسطى، فالدول الغربية لديها مشاكل إقتصادية والدول العربية متميزة عنها فمنها من يتميز بالثورات الباطنية مثل البترول في العراق، ومنها من يملك موقعا استراتيجيا مهما مثل سوريا لذا كان من الضروري التدخل، والذي لم يكن في البداية مباشرا وإنما كان عن طريق المجتمع المدني.وهناك مخابر من ضمنها "مات كورت"وهي جمعية تحت غطاء منظمة غير حكومية في البوسنة والتي أسستها ومولتها الولاياتالمتحدة من أجل تشجيع تقسيم الاتحاد السوفياتي ولتشجيع الثورات من الداخل بما كان يسمى بالبلدان المشرقية التي أصبحت الآن مقسمة ونجحت العملية الأمريكية، واستغلوا نفس المخبر بالنسبة للبلدان العربية، والعملية خطط لها منذ بداية التسعينيات، وكانت هناك حركيات في الجمعيات وصرفت أموال على التدريبات وهو ما نحن عليه الآن ونتأسف على الثراء الذي نملكه من شيعة وسنة لأن لنا عدوا واحدا الذي حاول أن يضرب أمننا واستقرارنا وسيادتنا، ونحن بالعكس وقعنا في هذا الفخ، ووقعت تحالفات غير طبيعية وشيطانية مع الأسف لم نفكر كما ينبغي.ويرجع تفكيري في هذه اللحظة إلى "الكولونال عميرات" المجاهد البطل الجزائري والذي في التسعينيات عندما كثرت الأحزاب 60 حزبا و الجبهة الإسلامية للإنقاذ أرادت تطبيق هذه الخطة عن طريق استغلال الدين لأغراض سياسية، وقام الصحفيون آن ذاك بسؤاله عن الديمقراطية ، فقال :" إذا خيرتموني بين الديمقراطية والجزائر ، فانا سأختار الجزائر"، و العبارة عميقة جدا على كل الشباب أن يتعمقوا فيها ، لأن جل البلدان العربية التي قامت بهذه الثورات لم تنل غير الدمار و الشتات وحطموا حضارتهم وتاريخهم و بالتالي أصبحوا لا يملكون لا ماضيا ولا حاضرا ولا ثقافة، وأصبحوا مجرد شعوب تبحث عن لقمة العيش ، مصيرهم مجهول ، وهذا يؤدي بي إلى القول أن معاناة المرأة العربية هي معاناة كبيرة ، وانأ أتساءل وأتعجب لمن يقول الربيع العربي حرر المرأة ، فأي تحرر هذا بوجوداللا أمن ، دون أن ننسى وضعية اللاجئات في بعض الدول وما يتعرضن له من مساومات والتي أدت بهن في الأخير إلى الرضوخ وخاصة في بلدان الخليج، وهذا لابد من التنديد بهذه القضية لمساعدتهن على الخروج من هذه المحنة، وهناك من يستغل الإسلام لإغراض شخصية، وخاصة في المجالات السياسية، ولذا لابد من فصل الإسلام عن السياسة لأن الإسلام مقدس والسياسة تحتوي على النفاق، وأكبر خطأ هو تسييس الإسلام لأنه لا توجد أي دولة نجحت في تسييسه. ما مدى مساهمتها في هذه الثورات؟ لم تساهم المرأة في هذه الثورات لأن النساء اللواتي خرجن في تونس وغيرها طالبن بعدالة وأوضاع اجتماعية وتكافؤ للفرص، ولكن مع الأسف انتزعت الثورة من أيادي الثوار الحقيقيين، واستغلت طرف الذين يسعون على مستوى دولي لاستغلال الإسلام لأغراض سياسية وهي الأممية الإسلامية والإخوان المسلمون، لأنه في اليمن وتونس ومصر كل هذه الثورات نبعت من طرف الإسلاميين ويقولون انه اختيار شعبي، ولكنه جاء تحت ضغط ونحن نعلم جيدا أن الأموال الطائلة التي دفعتها قطر لإنجاح هذا المخطط، وذلك لأنها متواطئة مع إسرائيل والغرب، ونحن كجزائريين لدينا تجربة لأننا مررنا بهذه الوضعية في السابق التي تصدينا لها بأنفسنا بالرغم من كل الأعداء والظروف تكاثف الشعب وقوات الأمن وتصدوا لهذه الأزمة، وأصبحت الدولة الجزائرية صامدة .ويقال أن ما جرى بمصر هو انقلاب على الشرعية لذلك لابد من العودة إلى التاريخ فهتلر في السابق وصل عن طريق الاقتراع عن طريق "الشرعية"، ولاحظنا ما نجم عن عنها خلال حكمه، حرب عالمية أولى وثانية، ففي مصر نفس الشيء، لذا لابد عليهم الاقتداء بالجزائريين في كيفية التصدي للأزمات.وفي الجزائر كان هناك رجال ونساء وقفوا، وأصحاب قرار ضمنوا مكاسب وقيم الأمة من خلال أخذ قرار مسؤول بتوقيف المسار الانتخابي والعدالة كانت في المستوى فبالحجج حلت الجبهة الإسلامية للإنقاذ. عاشت الجزائر عشرية سوداء سماها البعض بسنوات الجمر، ما هو وقع هذه السنوات على السيدة بن حبيلس؟ هي ليست سوداء، لأنه إذا قلنا سوداء فهي تترك الشكوك 200 ألف ضحية دمهم لم يكن أسود وإنما هو دم احمر، و النيران المشتعلة لون لهيبها أحمر، فهي إذا سنوات للجمر لأن الناس الذين صمدوا للإرهاب على يقين تام بحرارة الجمر هذا الجمر وبالمخطط الذي يحاول ضرب وحدة الشعب الجزائري ومكتسبات ثورة أول نوفمبر، أما الذين لم يحسوا بمرارة وقسوة الجمر فهم بالتأكيد غادروا البلاد آن ذاك، والدليل على هذا المخطط هو تخريب وتدنيس مقابر الشهداء وحرق العلم الرسمي وتغييره بعلم اسود اللون وقتل المجاهدين، وحادثة مقبرة الشهداء بسيدي بالعباس اكبر شاهد على ذ لك، ففي ذكرى أول نوفمبر راح أطفال الكشافة الإسلامية الجزائرية ضحية لآلة القتل والدمار هؤلاء الأطفال اللذين جاءوا لوضع أكاليل الزهور على أرواح الشهداء، كانوا هم أيضا شهداء، ولذا إن مكاسب الثورة لا يعلم قيمتها إلا من شارك فيها أو عايشها أو الذين تجري روح الوطنية في دمهم والغيرة على الجزائر هم الذين داسوا على الجمر في التسعينيات. وهناك الآلاف من ضحوا في سبيل هذا الوطن ولاستقراره، لأنهم تعرضوا للاغتيال وذبح الأطفال واغتصاب النساء وتخريب للاقتصاد ورموز الثورة وهذا ما دفعني انأ والملايين أمثالي من النساء والرجال نقف كفرد واحد لحماية هذه المكاسب، والحمد الله أوصلنا قضيتنا إلى دول الخارج لان صمودنا كان بمفردنا وضرب علينا حصار لم يعلن عليه رسميا من طرف الأممالمتحدة، وهذا بمنع الطائرات من الدخول عدا طائرات الخطوط الجوية الجزائرية ولا يوجد أي إعلان يتحدث عن الجزائر إلا بمنطق الدمار والانقسام والاغتصاب وكان هناك حصار اقتصادي، ورفضوا أيضا أن يتبرعوا لنا بالأسلحة من أجل استعمالها في الكفاح وأغلقوا علينا الأبواب وعزلونا والحمد الله بفضل الجزائريين والجزائريات، وبفضل رجال الأمن وعلى رأسهم الجيش الوطني الشعبي آنذاك حيث لم نفرق بين الأمن والمواطن وكنا نعمل جنبا إلى جنب وهذا ما أنقذالجزائر من تلك المحنة .وهناك إعترافات دولية حاليا لأن الضرر قد لتحق بهم بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 وأيقنوا لما مرت به الجزائر وما عانت منه في سنوات الجمر، وعدم الاستماع ومساندة الموقف الجزائري في تلك السنوات أدى بالدول إلى ما هي عليه الآن والحمد الله نحن أعطينا للعالم درسا والتاريخ أعطانا الحق في ذلك. بمناسبة عيد الاستقلال المصادف للخامس من شهر جويلية، كيف تقيمون أداء المرأة عموما من الثورة إلى يومنا هذا؟ أنا أفتخر بانتمائي لهذه المرأة الجزائرية والتي يضرب بها المثل، مثل لالة فاطمة نسومر وكل المجاهدات اللواتي لم نسمع بهن خلال الصمود الشعبي، وأعتبر أن كل من أستشهد منذ 1830 شهيدا لأني لا أفكر فقط من 1954 -1962، فالمقاومة الشعبية دفعت الكثير من الضحايا، وسقطت العديد من النساء الشهيدات وفي الفترة التي عشتها إبان الثورة، كنت صغيرة السن حيث التحقت بفضاء الكشافة الإسلامية لكن الشيء الذي عشته حقيقة كان من الاستقلال إلى يومنا هذا، فالمرأة لعبت دورا كبيرا في هذه الفترة، وهذا ما مكنني من تعلم الكثير من تلك المرأة الريفية التي صمدت للإرهاب ودفعت أطفالها في سبيل الوطن، هذه للمرأة الجزائرية الرمز الغيورة على الحرية متشبعة بالعدالة لا تحب الظلم والاستبداد، وهي ليست ذاتية هذه الخصال هي التي دفعتني إلى سوريا وليبيا في أشد الظروف لرفع صوت من أجل سوريا ولو كان هذا الصوت ضعيفا ولكن لا بد من يوم ما يسمع كما سمع صوتنا في التسعينيات بالخارج، أنا مدينة جدا للمرأة الجزائرية لأني بفضلها درست وبتضحياتها وصلت ولحد الآن أتعلم منها وخاصة المرأة الريفية، وأنا جد متشبثة بالعمل الجواري الميداني وأمشي للقرى ليس لإعطاء درس وإنما للسماع وتبادل الأفكار. كيف تفصل السيدة بن حبيلس بين شخصيتين، ربة المنزل والسياسية المناضلة ؟ كل ما في هذه الدنيا يتطلب تضحيات ومساندة عائلية أنا في البداية بدأت نضالي وعمري 7 سنوات ولم أتوقف على النضال إلى يومنا هذا، والفضل في ذلك يعود إلى أمي رحمها الله التي ساعدتني كثيرا، وبعد زواجي من رجل مناضل والذي كان من ضمن الطلبة الذين خرجوا سنة 1945 في مظاهرات يطالبون بالاستقلال وقد ساعدني كثيرا وشجعني على مواصلة النضال والأولاد تفهموا بأن هناك من يحتاج إلينا وإلى تضامننا ومد اليد لهم، والتضحية أيضا بكل الأمور التي تحبها المرأة من أعراس وجلسات عائلية ويجب أن تنظم الأمور وهي عملية اختيار لأن هناك من يختار المال والبزنسة وأنا اخترت التضامن وبقيت في نفس الخط والحمد الله أنا أملك اسما يفتح لي كل الأبواب ولدي مصداقية أستثمرهافي مصلحة الجميع .إن الكثير من الذين استشهدوا من أجل هذا الوطن سواء إبان الثورة أو في مكافحة الإرهاب، وشاء القدر أن أبقى على قيد الحياة لأنه في سوات الجمر خاطرت بنفسي كثيرا، ولا فائدة من الخوض في هذا الحديث والناس يشهدون على الأماكن التي مشيت إليها ولأن ربي وهبني الحياة لابد أن أزكي عليها، والبلاد هي هكذا الآن بفضل شهداء الواجب الوطني وشهداء حماية مكاسب ثورة 1 نوفمبر فبفضلهم نحن نعيش في سلام، لذا لابد من تقديم خدمة لهذه البلاد، وهذه الخدمة نابعة من اختياري وكما تقول رابعة العدوية "إلاهي إن كنت أعبدك خوفا من نارك فأحرقني بها أو طمعا في جنتك فاحرمني منها"، أي أن العبادة لله وأنا نفس الشيء لا خوفا تطوعت ولكن حبا في الجزائر والجزائريين وهو جمع شمل الجزائريين وغيرة على هذه المكاسب وعلى الجزائر كلها. هل يمكن أن تحدثينا عن تجربتك الخاصة في عالم السياسة ؟ حياتي بسيطة جدا قبل الثورة التحريرية، وسني لم يسمح لي بالالتحاق بصفوف جيش التحرير، وقد عشت في أسرة وطنية، ويجري بدمي حب الوطن، وقد التحقت بالكشافة الإسلامية للدفاع عن الجزائر بطاقتي كطفلة، ومن الكشافة إلى الاتحاد العام للطلبة الجزائريين ثم إلى الاتحاد الوطني للطلبة الجزائريين كطالبة في الستينيات ،بعد الاستقلال وبقيت في نفس الإطار مثل الأعمال التطوعية، وقد نزلت إلى الصحراء بورقلة ولاحظت أنه لا توجد عدالة اجتماعية وهم مهمشون، وقررت البقاء بورقلة.وفي عهد الحزب الواحد ولم تكن هناك جامعات، فالتحقت بالاتحاد الوطني للنساء الجزائريات، وهدفي لم يكن سياسيا بل كان وطنيا لأني أكره الظلم، وانطلاقا من هذا حاولت نشر ثقافة العدالة الاجتماعية وثقافة التضامن والتعاون، وهو عمل ميداني جواري بسيط مثل محو الأمية، وتقديم مساعدات للعائلات الفقيرة، وكتابة الرسائل والشكاوى وزيارة المساجين وتقريبهم من ذويهم، أنتمي إلى عائلة متدينة متشبعة بالإسلام الحقيقي لأنني ابنة الشيخ كتو رحمه الله، ففعل الخير تربيت عليه والتضامن لم ادرسه ولم أتلقاه في الجامعات ولا في الهيئات الوطنية أو الدولية فهو سار في دمي، وتطورت الأمور وبدأوا يشوهون الإسلام ويمنعون الأطفال من رفع الرايات الوطنية ودخلت أفكار أخرى، فكان للأمر قولين إما أن اقول أن هذه سياسة ليست من خصوصياتي، أو أن آخذ موقفا، فقررت في أواخر الثمانينات أن أواجه هذه الجماعة التي تشوه سمعة الإسلام لأغراض وبأفكار غربية عن مجتمعنا "الأممية الإسلامية والإخوان المسلمين"، ووجدت نفسي في السياسية رغم أني لم اخترها، كان من الضروري أن آخذ موقفا دفاعا عن الإسلام الذي تشبعت به ولدي صديقات من كل الأديان لأننا تربينا على احترام الديانات كلها وديننا يسر وليس عسر، ولم نسمع فيما سبق أن الدعوة للإسلام تأتي بالذبح والقتل والاغتصاب، وقمت بالتصدي لكل الأمور، وكان هذا مساري في عالم السياسة، ولا أنتمي لأي حزب سياسي لأن لوني السياسي هو الجزائر وطني وسعيي لقيم الإسلام، فأنا أمازيغية عربني الإسلام وأفتخر بذ لك، وامرأ ديمقراطية ومتأكدة أن الديمقراطية لاتتنافى مع الإسلام وأناضل من أجل أن لا يستغل لأغراض سياسية إيمانا مني بأن هذا المسعى يشوه صورة الإسلام ويفرق المسلمين. هل لديكم إحصائيات دقيقة عن ضحايا الإرهاب في الجزائر؟ في بداية التسعينيات كنت أملك قوائم وملصقات ولم يبق بحوزتي أي منها، ولكن تطورت الأمور بعد ذلك، ولكني امرأة ميدانية وإطاراتي في الميدان. يرى البعض أن الدولة لم تتكفل بشكل لازم بضحايا الإرهاب خاصة النساء المغتصبات ما رأيك ؟ القوانين واضحة والضحايا تم التكفل بهم ولكنهم استغلوا من طرف البعض ولا فائدة من الخوض في هذا، حيث كان من المفروض أن تبقى هذه الطاقة بين أياد آمنة فمن ناحية الدولة أدت ما عليها، ولكنها وضعت الثقة في بعض الجمعيات والهيئات ومع الأسف هذه الأخيرة لم تكن في المستوى المطلوب والضحية الأولى هم ضحايا الإرهاب، وأيضا الاستغلال السياسي لهم هذه الفئة التي خدمت التي قدمت ثمنا باهضا من أجل الجزائر لا من اجل حزب سياسي ولا من أجل الجمعيات وللأسف خلقت جمعيات ودخلت تحت غطاء سياسي وكانت أيضا تصرفات فردية أساءت إلى ضحايا الإرهاب وأنا أقول بكل صراحة الضحايا الذين كانوا معزولين لا يختلطون بالناس، كنت أنا معهم ومشيت إلى معاقلهم في الكاليتوس باش جراح، وسوق أهراس مغنية والشلف وعين الدفلى والمدية من 1992 -1993 وأنا أفتخر بالمحبة التي تكنها لي الفئة من حيث الاحترام المتبادل وهم يستحقون كل الخير والدولة قامت بكل ما عليها في بداية التسعينيات فأنا كنت في الحكومة آنذاك ولم يكن أي قانون يحمي هذه الفئة حيث كانوا يعوضون مثل حوادث المرور وبعد ذلك قمنا بوضع النصوص والقوانين التي تحميهم. كيف تتعامل الدولة مع أبناء الجبل؟ بخصوص هذا الموضوع سأقوم بفتح قوسين لماّ وقع الاغتصاب وحملت النساء في وقت من الأوقات قمت بكتابة رسالة لمن يدعي أنه شيخ، القرضاوي، وأنا بالنسبة لي ليس شيخا، طلبت منه لأنه هو وجماعة كانوا قد قاموا بإصدار فتوى بالنسبة للإجهاض واغتصاب النساء في البوسنة، وانطلاقا من هذا طلبت منه أن يصدر فتوى من أجل أن تجهض النساء المغتصبات في الجزائر فرفض ذلك، لذا فرجال الدين وعلى رأسهم القرضاوي لهم ذنب كبير بخصوص أبناء الجبل، ورأينا الفتاوى التي أصدرها وآخرها عدم زيارة القدس لنترك المجال مفتوحا للإسرائليين، وقتل البوطي وقتل القذافي والآن حرم دم بشار الأسد ورفض أن يتو سط لتوجيه نداء بالجزائر في التسعينيات والقائمة تبقى طويلة، بالنسبة لأبناء الجبل فالدولة أيضا أخذت إجراءاتها بشأنهم وتحاول أن تقنن مواد تخصهم والأمر ليس هينا . كلمة أخيرة للقراء؟ أنا كلي ثقة في الشعب الجزائري لأنه لا يشبه الشعوب الأخرى فهو يعرف قيمة الاستقرار والأمن لأنه قدم تضحيات جسام مليون ونصف مليون شهيد من 1954-1962، فالجزائر واحدة موحدة ترابا وشعبا وهي أمانة في أعناقنا لأنها مسقية شبرا بشبر بدماء الشهداء، وشكرا لك ولجريدة الاتحاد.