بمجرد توقيع رئيس الجمهورية مرسوم استدعاء الهيئة الناخبة في 16 جانفي، وفتح الباب أمام المترشحين لإيداع ملفاتهم ، تضاعفت الأسماء التي تنوي دخول رئاسيات أفريل المقبل ، والطامعين في اعتلاء كرسي الرئاسة ،وقيادة الجزائر في الخمس سنوات القادمة. وبلغ عددهم 27 مترشحا من جميع الأطياف والتيارات الوطنية ،حسب تصريح وزير الداخلية والجماعات المحلية وغاب لحد الساعة التيار الإسلامي عن الخارطة الانتخابية بعد عجزه في إيجاد مرشح إجماع ، وتشكيكه في نزاهة الانتخابات. ليبقى العدد مرشح للارتفاع ، وسط صمت مطبق لصاحب العهدات الثلاث بوتفليقة الذي لم يخرج عن صمته للفصل في قرار المشاركة من عدمها ،الأمر الذي أربك الطبقة السياسية والشارع . والغريب أن معظم المترشحين لهذا الاستحقاق الرئاسي مجهولون من طرف الشعب الجزائري ،وأغلبهم ليس من الأوزان الثقيلة ولايحملون برنامج التغيير ل38 مليون جزائري الذي لم يعد يثق في المسؤولين والنواب والمنتخبين .بن بيتور ،بن فليس ،نكاز،ياسمينة خضراء، تواتي ،بلعيد ،زغدود ، جيلالي سفيان ، بن حمو، بن نواري ،مقري ، لويزة حنون ، وغيرها من الأسماء التي أعلنت ترشحها للانتخابات ،بعد حالة من الغموض التي اكتست المشهد السياسي ، والزوبعة التي أثارتها المعارضة وتشكيكها في نزاهة الانتخابات قبل بدايتها ومطالبها بتشكيل لجنة مستقلة عن الإدارة الطلب الذي لم يلقى ردا من وزارة الداخلية التي تجاهلت المطلب. كانت أكدت هذه الأخيرة التزامها بموجب المادة 160 من أحكام القانون العضوي المتعلق بتنظيم الانتخابات، باتخاذ كافة الإجراءات والتدابير اللازمة لتنظيم انتخابات رئاسية في أحسن الظروف، والتزام الإدارة ب"الحياد التام والمطلق" في الرئاسيات. السلطة قد تلجأ لورقة مرشحها المجهول رغم الأسماء التي رشحت نفسها تبقى المفاجآت ممكنة وغير مستبعدة خصوصا وأن أسماء أخرى مرشحة لدخول الرئاسيات في حال عدم ترشح القاضي الأول بالبلاد .و تبقى حظوظ البعض ممكنة على غرار مولود حمروش ، وكذا الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني السابق عبد العزيز بلخادم ، والذي يؤكد أنه يدعم بوتفليقة في العهدة الرابعة، ولكنه سيغير رأية في حال رفض الأخير الترشح . ويطرح إسم أخر لرئيس حكومة سابق "أحمد أويحي" الذي عاد للأضواء من بوابة منصب إفريقي عندما أشرف على الإنتخابات التشريعية بموريتانيا، ورغم غيابه عن مؤتمر الرابع للأرندي إلى أن اسمه يبقى مطروحا لرئاسة الجزائر.كما تبقى للسلطة ورقة قد تلجأ إليها إذا اقتضى الأمر ترضي جميع الأطراف كإسم رئيس مجلس الأمة بن صالح أو سلال. كما تلمح مصادر إلى إمكانية إعفاء كل من عمار غول وزير النقل ،ووزير الصناعة عمارة بن يونس، لتنشيط الحملة الانتخابية للرئيس عبد العزيز بوتفليقة نظرا لشعبية حزبيهما "تاج "و"الحركة الوطنية الشعبية " مقارنة بالأحزاب الأخرى وقربهما من محيط الرئيس. تيارات سياسية حاضرة...وقد يقاطع الإسلاميون هذا وينتمي المترشحون للرئاسيات لتيارات وأقطاب سياسية مختلفة ،لا يزال التيار الإسلامي ،يعيش على الجمود نفسه الذي عرفه منذ شهور، ففي الوقت الذي قارب عدد من سحبوا استمارات جمع التوقيعات الثلاثين شخصا، تباينوا بين مستقل وآخر محسوب على التيار الوطني. لا يوجد بينهم من ينتمي إلى التيار الإسلامي الذي لم يغب عن انتخابات الرئاسة بالجزائر منذ بداية عهد التعددية. في حين يبقى إسم مقري رئيس حركة" حمس" يصنع الإستثناء. كما سيفصل حزب العدالة والتنمية في مشاركته من عدمها في الإنتخابات الرئاسية المقرر إجراءها في ال17 افريل المقبل خلال اجتماع مجلس الشوري الذي سيعقد في ال14فيفري . و يتجه حزب جاب الله إلى تبني خيار المقاطعة حسب ما أكده رئيس الكتلة البرلمانية لحزب العدالة والتنمية، لخضر بن خلاف،في تصريح ل"الاتحاد" .وذهب بن خلاف إلى حد إتهام الإدارة بالحسم بطريقة مسبقة في نتائج الرئاسيات القادمة من خلال إختيارها لتاريخ الاقتراع وهو التاريخ الذي قال إنه سيتسبب في بقاء الجزائر دون رئيس لمدة عشر أيام على إعتبار أن إستدعاء الهيئة الناخبة جاء متأخرا بعشرة أيام عن موعدها .الأمر الذي من شانه ان يؤثر على موعد آداء الرئيس لليمين الدستوري لإنتهاء عهدته في 19 أفريل القادم. وقال بن خلاف أن السلطة التي حسمت الرئاسيات لمرشحها لم تترك المجال لإجراء دور ثاني وهو ما جعل النقاش الدائر حاليا بين كوادر الحزب على التوجه نحو خيار المقاطعة لرفضهم أن يكونوا أرانبا في انتخابات محسومة مسبقا. برامج غائبة... ومرشحون يبحثون عن الشهرة ويبقى السؤال عن ما سيقدمه المرشحون للشعب الجزائري، وهل سيحملون التغيير له خصوصا وان معظم المرشحين لم يفصحوا عن برنامجهم الانتخابي واكتفت بعض الأسماء على قراءة البنود العريضة فقط ، حيث وعد رئيس الحكومة السابق علي بن فليس بتحسين الوضعية الاجتماعية واستقلالية القضاء، وإعداد مشروع وطني يحمل الكثير للجزائريين وتحسين التعليم والصحة التي انتقدها كثيرا ،كما وعد بتوفير الأمن والاستقرار تعزيز العلاقات الثنائية.أما بخصوص المرشح المغترب رشيد نكاز قال بأنه مرشح الشباب والتغيير فى انتخابات الرئاسة ،وأنه سيحول الخدمة العسكرية إلى خدمة مدنية، وسيقلصها إلى 12 شهرا توجيه طاقاتهم إلى قطاعات التربية والجمعيات عبر بلادهم وأعرب نكاز عن الأمل فى تطوير الجيش الجزائرى وترقيته نحو الاحترافية بهدف حماية حدود الوطن، وخاصة مع الدول التى تشكل عدم استقرار بالنسبة للجزائر ،إضافة لتحويل العاصمة إلى ولاية الجلفة. وعرض رئيس الحكومة الأسبق، أحمد بن بيتور، معالم برنامجه السياسي ولخصها في شعار من أجل جزائر السلام والعدالة والازدهار ''مهام ذات أولوية''، مع التركيز على ضرورة بناء المؤسسات وتحسين السلوك الفردي والجماعي وأخلقة الحياة العامة و فتح ورشات كبرى وإعادة بناء الدولة، و بناء المدرسة، الاقتصاد ، تعزيز مكانة الكفاءات الوطنية والتحكم في الرقمنة..وبخصوص باقي المرشحون يبقى برنامجهم مجهولا ولم يفصح أغلبهم عنه. 85 يوما على الرئاسيات والشارع لايبالي... يبدو أن الشارع الجزائري انسدت شهيته تماما تجاه السياسة ، ودواليبها وحتى الرئاسيات المقبلة التي يفصلنا عنها 85 يوما فقط ،وأضحي غير مكترث تماما بالانتخابات وحتى المترشحون الذين أعلنوا ترشحهم للموعد الرئاسي الحاسم ، كونهم فقدوا الثقة تماما بالمسؤولين ، ووسط هذا يبقى الجزائريون يتطلعون بدوك شك إلى رجل يقودهم لمرحلة جديدة ،خصوصا في ظل الظرف الراهن والحساس الذي تعيشه البلاد على مختلف حدودها وكذا الاضطرابات الإقليمية "أو مايعرف بالربيع العربي " يكون الرهان فيها مبني على الاستقرار والأمن .