من بنت جبيل الحدودية، أعلن أحمدي نجاد زوال الصهيونية الوشيك. في حين كانت المروحيات الإسرائيلية تحلّق قرب الحدود، في محاولة للتشويش عليه خلال إلقاء كلمته. اكتست زيارة الرئيس الإيراني طابعا سرياليا، حيث نشرت الهلع في النفوس، وكأن نجاد جاء حاملا في كفيه القنبلة النووية في علبة أهداها إلى حزب الله. والواقع أن نجاد أهدى اللبنانيين مكبّرا طبيا متطورا، وهو نفس الجهاز الذي أهداه من قبل للقطريين. وما يلفت الانتباه، أن المسؤولين الإسرائيليين التزموا الصمت الحذر، باستثناء وزير الدفاع إيهود باراك الذي تنقل إلى هضبة الجولان للمشاركة في مناورة عسكرية أقيمت بالمناسبة، أين قال إن لبنان أصبح تحت حماية إيران بواسطة حزب الله. فيما راح البعض، لم يكشفوا عن هويتهم، يدلون بتصريحات نارية؛ إذ قال أحدهم إن ''زيارة نجاد تدل على بداية تحوّل لبنان إلى محمية إيرانية''.. أي أن هاجس الوجود الإيراني في المنطقة بات يشكل رعبا حقيقيا في الأوساط الإسرائيلية. وكانت، قبل هذا اليوم، إسرائيل تفرض منطق الخوف على جيرانها باحتكار المبادرة في شن الحروب متى وأين وكيفما تشاء. ثم تغيرت موازين القوى منذ حرب 2006، أين تراجعت إسرائيل إلى حجمها الحقيقي وقد فهمت الدرس جيدا منذ أشهر حين أوقفها الجيش اللبناني عندما قامت بمحاولة استفزاز على الحدود. وبدا جليا لدى الإسرائيليين أن المعطيات تغيرت رأسا على عقب منذ .2006 ومادامت إسرائيل تحت حماية أمريكية فما الذي يمنع لبنان من البحث عن حماية دولة قوية في المنطقة! وإذا كانت إسرائيل تلهب المنطقة متى تشاء، فإيران تقوم بإطفاء النيران كلما اشتعلت إذا شاءت. وتأتي الزيارة أيضا بعد التهديدات التي لوّحت بها إسرائيل منذ أكثر من سنة بقصف مفاعل بوشهر، ثم التهديد الصريح بشن حرب على حزب الله للانتقام منه. هذه الزيارة تحمل أيضا رسالة واضحة لأمريكا، رسالة مفادها أن الأحادية القطبية التي تزعمتها واشنطن ما هي إلا ضرب من الخيال وأن هناك بدائل في المنطقة، بدأت بمبادرة البرازيل وتركيا فيما يتعلق بتخصيب اليورانيوم والتقارب مع سوريا والصين والهند. ما جعل إسرائيل تهيج على تركيا وتبرم اتفاقيات مع الصين لقطع الطريق أمام التكتل الجديد. وليس من باب الصدفة أيضا أن يذهب إيهود باراك إلى هضبة الجولان وقت خطا نجاد خطوته الأولى في جنوب لبنان ليقوم بحركات طفيلية.