أخذ المهرجان الدولي للفيلم العربي بوهران، أول أمس، منعرجا جديدا، نظرا للنقاش الذي أثاره دخول الفيلم المغربي البلجيكي ''منسيو التاريخ'' لمخرجه الصيدلي المتحول إلى السينما حسن بن جلون، مسابقة الأفلام الطويلة. شهد عرض فيلم ''منسيو التاريخ'' خلال عرضه، حضور جمهور غفير، وكان بن جلون مرفوقا بعدد من الممثلين، الذين أحاطهم الجمهور الوهراني باستقبال حار. ويروي الفيلم مأساة ''يامنة''، التي هاجرت من منطقة ريفية بالمغرب إلى العاصمة البلجيكية بروكسل، بحثا عن حبيبها ''عزوز''، الذي هاجر قبلها ليجمع المال ويعود إليها، لتجد نفسها سجينة شبكة متاجرة ب''الرقيق الأبيض''. ويستغل المخرج حسن بن جلون، هذه القصة الخيالية، ليصور الواقع المر للمهاجرين المغاربة والأفارقة، وكذا الأوروبيين في أوروبا. وقال ''اخترت بروكسل لأنها عاصمة أوروبا، ولأقول للعالم المعاصر أنه مسؤول على مآسي ''منسيي التاريخ''، وهن الرقيق الأبيض''. وأن الإنسانية المعاصرة لا تختلف في سلوكاتها عن ممارسات القرون الوسطى. يقع فيلم ''منسيو التاريخ'' في 105 دقائق، ويعج بالصور والمشاهد المؤلمة ''إنسانيا''. فمن جهة يصارع بشر من أجل كسب القوت وضمان أدنى شروط الحياة، في حين يستغل آخرون صراعهم هذا للتمتع والعبث بأجسادهم. لكن الشيء الجميل في الفيلم، أن السلطات البلجيكية تركت حسن بن جلون يصور، ''لم أواجه أي ضغط أو مضايقة طيلة التصوير في بروكسل. ولم يطرح على أي شخص سؤال: ماذا تفعل؟ ولم يطلب مني أحد أن أستظهر له تصريح التصوير. وغيرها مما يمكن اعتباره عراقيل أو ما شابهها''. ويبدو أن حسن بن جلون يهوى إنجاز أفلام ''مثيرة للجدل''. فالفيلم، الذي دخل به مسابقة الأفلام الطويلة في مهرجان وهران، بالإضافة إلى ''مرارته''، فإنه تجرأ وصوّر مشاهد مثيرة. وقال بن جلون في الندوة التي أعقبت العرض، للذين سألوه عن إقحامه للقطات جنسية في الفيلم، ''هل يمكن الحديث عن المتاجرين بالفتيات المغاربيات والأور،بيات، دون تصويرهن وهن في وضعيات الاسترقاق الجنسي؟''. ودافع بن جلون عن فيلمه، الذي ''ضمّنه الواقع المرير للإنسان العربي، الذكر والأنثى، وانسداد الآفاق في وجهه''. وقال ''إن الذي عرضته يمكن أن ينطبق على أي مجتمع عربي''. وعن اختياره التقني، واعتماده على تقنية الشريط التصويري، في فيلم روائي. قال بن جلون ''إن الوقائع التي سردتها ثابتة. ولا يمكن أن يجسدها إلا التوثيق. لقد استغلت مدة طويلة على هذا الموضوع في العديد من الدول. لكن وظفت الشريط لإسناد الرواية الخيالية''. يذكر أن ''منسيو التاريخ'' أنتج سنة 2009 ونزل إلى السوق في بداية ,2010 وشارك في العديد من المهرجانات السينمائية العالمية، نال فيها عدة جوائز.