واصلت أمس، أسعار النفط ارتفاعها إلى ما فوق 100 دولار للبرميل، مع تزايد المخاوف والشكوك التي أضحت تنتاب الأسواق المالية من إمكانية انتقال الاحتجاجات إلى بلدان منتجة ومصدرة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. تبدي نفس الأوساط مخاوف من تعثر الملاحة البحرية في قناة السويس التي يسجل مرور ما بين 5 ,1 إلى 3 ملايين برميل يوميا، أي ما يعادل 7 إلى 15 بالمائة من حاجيات السوق الأوروبية، فضلا عن أنبوب النفط الرئيسي ''سوميد'' الذي يضمن إمداد دول شمال البحر المتوسط بحوالي مليون برميل. وعليه فقد استمر سعر النفط في ارتفاعه في حدود يقترب من 101 دولار للبرميل، وهو الأعلى منذ المستوى الذي بلغه في أكتوبر 2008، ويرتقب أن تظل مستويات الأسعار في حدود 100 دولار خلال هذا الأسبوع بالنظر إلى الغموض الذي يكتنف المنطقة الحساسة، ورفع درجة التأهب لهيئات التأمين والضمان،بعد زيادة المخاطر وتسجيل اضطرابات على حركة الملاحة في منطقة السويس، فضلا عن تزايد المخاطر البحرية على مستوى خليج عدن مع رفع شركات التأمين علاواتها بسبب زيادة نشاط القرصنة. ويعتبر خبير المعهد الفرنسي للبترول السيد غي ميسونيي أن تكلفة فرق قناة السويس ستكون كبيرة، خاصة النسبة لناقلات النفط التي ستضطر إلى استخدام رأس الرجاء الصالح، مما يجعل المسار أطول بالنسبة لهذه الناقلات وأكثر عرضة للمخاطر وأعلى تكلفة سواء بالنسبة للتأمينات أو تكاليف الشحن. ولكن الأكثر من ذلك أن انعكاسات الأحداث في مصر على بلدان مجاورة من بينها ليبيا والجزائر والعربية السعودية هي التي تجعل الأسواق تتخوف أكثر؛ حيث وضع المضاربون فرضيات توسع رقعة الاحتجاجات إلى بلدان منتجة للنفط أكثر أهمية من مصر التي تنتج ما بين 700 إلى 750 ألف برميل يوميا، إلا أن الإنتاج الليبي مثلا يفوق 1,2 مليون برميل يوميا والإنتاج النفطي الجزائري يقدر بقرابة 3,1 مليون برميل يوميا، ناهيك عن الإنتاج السعودي الذي يتجاوز 8 ملايين برميل يوميا. وقد تجاوز أمس، سعر برنت بحر الشمال 8 ,100 دولار للبرميل، فيما بلغ سعر ويست تكساس انترميديات حوالي 92 دولار للبرميل، واستفادت أسعار النفط من زيادة تجاوزت 30 بالمائة ما بين سبتمبر 2010 وجانفي 2011، أي أن المسار كان باتجاه الأعلى. إلا أن الاحتجاجات ضاعفت المخاوف وبالتالي الأسعار. وعلى الرغم من توفر المخزون الضروري لتفادي أي انقطاع مفاجئ، حيث يتراوح متوسط المخزون لدى البلدان الغربية ما بين 90 يوما كأقل تقدير و145 يوم كأعلى تقدير، فإن المخاوف مبالغ فيها، حسب الخبراء، ولا يستدعي إحداث طوارئ في الوقت الراهن على الأقل. ولا ترغب ''أوبك ولا الدول الأعضاء في الوكالة الدولية للطاقة بقاء الأسعار عالية بأكثر من 95 إلى 100 دولار لفترة طويلة، بدعوى أن انعكاساتها ستكون سلبية على المدى المتوسط. فضلا عن ذلك، ساهم تراجع قيمة صرف الدولار مقابل الأورو بنسبة فاقت ناقص 7 بالمائة منذ 8 جانفي في دعم أسعار النفط أيضا.