أطلقت قوات الأمن التونسية النار في الهواء لتفريق عشرات الآلاف من المتظاهرين، الذين تجمعوا في وسط تونس العاصمة للمطالبة بتغيير الحكومة الانتقالية. وهذا هو ثاني يوم من الاحتجاجات الحاشدة في تونس العاصمة، رغم حظر حكومي على التجمعات بعد فترة من الهدوء، في أعقاب الانتفاضة الشعبية التي أطاحت بالرئيس التونسي زين العابدين بن علي، الشهر الماضي. وبعد أسابيع من الهدوء النسبي، تجمع ما يصل إلى 40 ألف محتج أمام مقر رئيس الوزراء، محمد الغنوشي، وهم يرددون هتافات مثل ''ارحل'' وقالوا إنهم لا يريدون حلفاء بن علي، وأكدوا أن الحكومة المؤقتة المسؤولة عن تمهيد الطريق أمام إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية مقبلة فشلت في توفير الأمن وسط تزايد معدلات الجريمة. من جانب آخر، تظاهر أكثر من 15 ألف محتج في شارع الحبيب بورفيبة وسط العاصمة تونس، وردد معظمهم شعارات مناهضة للإسلاميين، بعد مقتل قس في هجوم حمّلت الحكومة مسؤوليته ل''مجموعة من الإرهابيين الفاشيين ذوي الاتجاهات والمرجعيات المتطرفة''. ورفع المتظاهرون، الذين كان من بينهم العديد من وجوه المجتمع المدني التونسي، شعارات ''الشعب مع تونس العلمانية''، ولافتات كتب عليها ''الديمقراطية تساوي العلمانية تساوي حرية المعتقد'' و''الدين لله والوطن للجميع''. وتأتي هذه المظاهرات عقب مظاهرات أخرى نظمها منتمون إلى التيار الإسلامي، عبروا عن رفضهم لمبدإ الدولة العلمانية أو اللائكية، ورفعوا لافتات تطالب بإقامة دولة دينية وغلق بيوت الدعارة وإعادة الاعتبار للمساجد وإقامة الخلافة الإسلامية وتطبيق الشريعة. وقبلها كان إسلاميون قد نظموا اعتصاما أمام كنيس يهودي في منطقة جرجيس، وتهجموا على اليهود. وحذرت وزارة الداخلية التونسية من استمرار المظاهرات، وقالت إن التظاهرات الحاشدة ممنوعة وفقا لقانون الطوارئ، ويمكن أن يلقى القبض على المحتجين. من جانب آخر، قدم الوزير الأول بالحكومة المؤقتة، محمد الغنوشي، تعازيه ومواساته إلى مارون لحام، رئيس أساقفة تونس، إثر جريمة الاغتيال الشنيعة التي استهدفت القس البولوني، ماراك ماريوس ريبنسكي. وجدد الوزير الأول استنكار الحكومة المؤقتة لهذه الجريمة البشعة التي صدمت مشاعر كافة التونسيين والتونسيات، مبينا أنها تتنافى مع ما عرفت به تونس على امتداد تاريخها من تسامح وتعايش ووسطية واعتدال. وأكد محمد الغنوشي العزم على بذل قصارى الجهد للكشف بسرعة عن مرتكبي هذه الجريمة النكراء وتقديمهم إلى العدالة. و أكد القس مارون لحام على الاستعداد، بعد الكشف عن الحقيقة، للمغفرة والسماح والصفح ''للسير سويا على درب نمو وازدهار تونس، هذا البلد الذي يحبنا ونحبه''.