أجمع سائقو سيارات الأجرة ممن تحدثنا إليهم، بأن مهنة ''الطاكسيور'' في الجزائر تغيّرت كثيرا خلال العشريتين الأخيرتين، وأصبحت ''ما توكّلش الخبز'' مثلما أشار أحدهم. ومرد ذلك -حسب أصحاب المهنة- إلى عوامل كثيرة، أهمها تلك المرتبطة بالتغيرات التي طرأت على المجتمع، وعدم اهتمام المسؤولين بانشغالات هاته الفئة. وأشار الأمين الولائي لاتحاد سائقي سيارات الأجرة بجيجل، أن المهنة أصبحت صعبة، في ظل عدم تجديد القانون المنظم لها، ما جعل ''الطاكسيور'' -كما أضاف- في رحلات مجازفة وفي صراع يومي مع الزبائن، بسبب مشكل الوزن القانوني للأمتعة، والنقل المجاني للأبناء الذين لا تتجاوز أعمارهم ست سنوات. وأكد المتحدث على التراجع الكبير في مداخيل سائقي سيارات الأجرة في أغلب الخطوط، حيث وصل الأمر إلى حد لجوء الكثير منهم إلى الإستدانة لضمان إعالة عائلاتهم، وإصلاح أعطاب سياراتهم القديمة التي تمثل نسبة كبيرة ضمن الحظيرة الوطنية، سيما في ظل الغزو الكبير لسيارات ''الفرود'' أو ''الكلونديستان''، والتي أصبحت تنتشر في أغلبية المحطات وتنشط أمام أعين المسؤولين على القطاع وتهدد بزوال المهنة. إضافة إلى الآثار السلبية التي ألحقها بهاته الفئة، قانون المرور الجاري العمل به حاليا، حيث ألحق في بداية تطبيقه خسائر كبيرة بسائقي سيارات الأجرة، الذين يجدون أنفسهم في بعض الأحيان يعملون دون مقابل، سيما عندما تسلط عليهم غرامات مالية تصل إلى أربعة آلاف دينار. وسرد بعض سائقي سيارات الأجرة ما عايشوه خلال مسيرتهم المهنية، حيث تحدّث الطاكسيور زيتوني عبد المجيد عن الاعتداءات التي تعرّض لها الكثير من زملائه أثناء عملهم، وتعرض آخرون للابتزاز، موازاة مع لجوء عدد كبير من الزبائن في الخطوط الكبرى، إلى الفرار من دفع التسعيرة في لحظات التوقف في محاور الطرق، وهي الظاهرة التي زادت من اتساع هوة اللاثقة بينهم وبين الزبائن، ودفعت بالكثير من سائقي الطاكسي إلى اشتراط الدفع المسبق للتسعيرة قبل الإنطلاق تفاديا لرحلة دون مقابل، رغم أن هذا الشرط تسبب -حسب ذات المتحدث- في إحراج بعض الزبائن. ويتذكر آخرون كيف كانوا يجازفون بحياتهم خلال العشرية السوداء، حيث كانوا يجتازون حواجز مزيفة كانت تقيمها الجماعات الإرهابية في محاور الطرق الكبرى، ويجنبون أنفسهم وزبائنهم من أعوان مختلف الأسلاك الأمنية الموت، كما حدث لطاكسيور رفض الكشف عن هويته في منتصف التسعينيات، عندما كان يعبر أحد منعرجات منطقة القبائل، وبرفقته ثلاثة من أعوان الأمن، قبل أن يتفاجأ بوجود حاجز إرهابي، إثرها تكفّل - مثلما قال - بإخفاء أغراضهم، وقدّمهم للإرهابيين بشجاعة خالية من كل الشكوك على أنهم يحترفون الطبخ والخبازة في العاصمة. واعتبر ممثلو سائقي سيارات الأجرة بأن السلطات مطالبة في الوقت الراهن بالتدخل، قصد اتخاد إجراءات لفائدة هاته الفئة لتمكينها من الإستفادة من قروض دون فوائد، تسمح لها بتجديد الحظيرة، التي تعاني في أغلبها من القدم، سيما في ظل عدم قدرة أصحاب المهنة على اقتناء سيارات جديدة نظرا لوضعهم المالي المتدني، إضافة إلى ضرورة الإستجابة لمطالب الأغلبية المتعلقة بإعفائهم من مخلفات الضرائب التي تخص السنوات الماضية.