شرعت العائلات الوهرانية في التحضير لشهر رمضان الكريم الذي تنتظره على أحر من الجمر، من خلال توفير كل المستلزمات التي تندرج ضمن طقوسها وعاداتها المتوارثة عن الآباء والأجداد والأمهات والجدات. يختلف شهر رمضان في وهران عن باقي الشهور من حيث الشكل والمضمون، حتى أنه يغير الذهنيات ويجعل عقارب ساعة اليوميات المملة تتوقف مدة 30 يوما، تضاف إليها أيام العيد. وهذا ما يظهر جليا في العشر الأواخر من شهر شعبان، حيث تبرز حركة غير عادية لأرباب وربات العائلات، الذين يتسارعون نحو الأسواق والمحلات لاقتناء كل ما يحتاجونه ويشتهونه، ليضيفوا بذلك نشاطا غير عادي بالسوقين العتيدين في كل من المدينةالجديدة وشارع الأوراس ''لباستي''. ومن أهم ما يتم التركيز عليه في الاستعدادات لاستقبال شهر المغفرة والرحمة، التوابل الممزوجة المعروفة بالجهة الغربية باسم ''راس الحانوت''، الذي لا ينفصل عن حساء ''الحريرة'' الذي يمثل الطبق الأساسي فوق مائدة رمضان بوهران طيلة الشهر، علما أن كثيرا من العائلات تتنقل إلى مدينة مغنية بولاية تلمسان للتزود بهذه التوابل التي تشتهر بها المنطقة الحدودية مع المغرب والتي تمتاز برائحة تضفي على طبق ''الحريرة'' نكهة شهية لا توصف. وعلى عكس أيام السنة، حيث يتوجه الجميع نحو محلات بيع الخبز لشراء الأنواع العديدة التي تظهر في هذا الشهر، فإن جل النساء بالباهية وهران، خاصة منهن الماكثات بالبيت يجهزن مسبقا الفرينة لإعداد ''خبز الدار'' و''المطلوع'' اللذين لا يضاهيهما أي خبز آخر، وذلك طيلة شهر الصيام، لتمازج طعمه مع نكهة ''الحريرة''. وما يثير اهتمام رائدات المطبخ الوهراني والجزائري بصورة عامة والمبدعات خلال هذا الشهر الكريم، المنتجات أو الفواكه المجففة التي تحوي سكريات مثل ثمار البرقوق والزبيب والمشمش التي لا تفارق المائدة الرمضانية، شأنها في ذلك شأن ''الشامية'' و''الزلابية'' بعد الإفطار. بالإضافة إلى التمر و''الرايب'' اللذين ''يُحل بهما الصيام''، على حد تعبير الوهرانيين. ليس هذا فقط ما تقوم به العائلات الوهرانية للترحيب بأفضل شهور السنة، الضيف الغالي رمضان، إذ تسبق المواد الغذائية وأواني الطبخ حملة تنظيف وطلاء وتزيين المنازل والأحياء.. ومن كان منهم معسرا ماديا، فإن ربات البيوت لا يرضين بأقل من إعادة دهن المطبخ الذي يتحول إلى مخبر لألذ وأطيب الأطباق.