عالم الإحتراف في أوروبا لا يرحم، فالفوز وتحقيق البطولات هو الهدف الأسمى لأي إدارة من إدارات الأندية الأوروبية. ومن أجل ذلك يتم صرف الملايين للحصول على لاعبين مميزين والإستفادة من مهاراتهم وإمكانياتهم في تحقيق هذا الهدف، ومن هؤلاء اللاعبين الكثير ممن يدينون بدين الإسلام الحنيف، ويتمسكون بشعائره، ومنها بالتأكيد الصيام. يجد الكثير من اللاعبين المسلمين في البطولات الأوروبية، صعوبة بالغة في أداء فريضة الصيام، وذلك بسبب الضغط الممارس عليهم من إدارات الأندية التي ينتمون لها والمديرين الفنيين الذين يطالبونهم بالإفطار''حتى يكون أداءهم في الملعب قويا''، وإذا خسر فريق يضم بين صفوفه لاعبين مسلمين، تكون حجة المدرب هي صيام لاعب أو أكثر بالفريق، ويوجّه لهم اللوم ويحمّلهم مسؤولية الخسارة. إنه صراع بين اللاعبين الذين يرغبون التمسك بفريضة شرعها الله، وضغط من يستثمرون أموالهم في هؤلاء اللاعبين. اللاعبون المسلمون يحاولون دائماً التوفيق بين أداء فريضة الصوم وممارسة كرة القدم بشكل احترافي، مثل ما حدث مع النجم المغربي السابق نورالدين نايبت عندما كان يلعب ضمن صفوف فريق ديبورتيفولاكورونيا الاسباني، حيث هدده مدرب الفريق باستبعاده من التشكيلة الأساسية في حالة الصيام، لكن اللاعب أصر على الصيام ورضخ له المدرب في النهاية. هذا الموقف تكرر مع النجم المصري أحمد حسن الذي كان يلعب في نادي بشيكتاش التركي، إذ أن ناديه سمح للاعبين المسلمين بالصوم حتى قبل ثلاثة أيام من موعد مباراتهم الأولى في البطولة، وهو ما رفضه حسن مؤكدا أنه سيصوم شهر رمضان كله حتى لو اضطره ذلك أخذ إجازة والخروج من تشكيلة فريقه، وتكرر الموقف مرة أخرى مع الثنائي اللبناني رضا عنتر ويوسف محمد في صفوف فرايبورج الألماني، وأصر اللاعبان على الصيام رغم محاولات مدرب الفريق منعهما عن ذلك، وتعرض أحد المدربين البولنديين الذين تولوا تدريب منتخب السودان في وقت سابق لهجوم شرس من الصحافة السودانية بسبب مطالبته للاعبي المنتخب السوداني بالإفطار خلال أحد مباريات الفريق في تصفيات كأس العالم. ويقول اللاعب الفرنسي فيليب كريستانفال، الذي لعب مع فريق فولهام الانجليزي وبين صفوف فريق برشلونة الاسباني ومرسيليا الفرنسي، إنه معتاد على صيام رمضان بشكل منتظم. مؤكدا أن الأمر أصبح طبيعيا بالنسبة له. ورفض الألماني أوتوفيستر مدرب نادي الزمالك المصري سنة 2000 صيام أي لاعب من الفريق في مباراة العودة بنهائي كأس إفريقيا بالكاميرون، خاصة أن التدريب كان شاقا والضغوط النفسية كبيرة. وفي عام 2006 طالب مسؤولو النادي المصري الاتحاد الافريقي لكرة القدم (كاف) بإعادة النظر في مواعيد إقامة مباريات البطولات الإفريقية التي تكون مبارياتها في شهر رمضان، وإلزام الاندية الافريقية بإقامة المباريات ليلا بسبب الصيام، وهو ما صارت تطبّقه الكونفدرالية الافريقية على الاندية المشاركة في المنافسات الافريقية. وقال خالد مرتجي عضو مجلس إدارة نادي الأهلي المصري ''لابد للكاف أن يبحث الأمر بجدية بعد التقارير الطبية التي أصدرها الاتحاد الدولي للعبة والتي يحذّر فيها من خطر إقامة المباريات أوقات صيام اللاعبين في شهر رمضان''. ويتذكر الجزائريون جيدا ملحمة ''خيخون ''في مونديال 82 عندما رفض أغلبية اللاعبين الإفطار تحسبا لمواجهة العملاق الألماني. ورغم ذلك تغلبت إرادة رفقاء عصاد وماجر على الألمان، كما رفض ثنائي المنتخب الوطني فريد غازي ورفيق صايفي مساومة المدرب ألان بيران في نادي تروا الفرنسي وضحيا بمنصبيهما كأساسيين من أجل الصيام، رغم أن تلك القضية أحدثت جدلا كبيرا في فرنسا والعالم الاسلامي عموما.