المؤرخ روني فاليسو ل''الخبر'': هناك جاهزية للتحرك الشعبي رغم حالة الغلق من قبل الأنظمة دعوة علماء الاجتماع لتسليط أبحاثهم على ظاهرة الثورات العربية، والتأكيد على أن هذه الثورات قامت من أجل العيش بكرامة، هما أبرز فكرتين جرت مناقشتهما في ملتقى جريدة ''الوطن'' حول ما اصطلح على تسميته ب''الربيع العربي''. قال عمر بلهوشات، مدير يومية ''الوطن''، في تصريح ل''الخبر'' إن ''جريدته دأبت على تنظيم نقاش شهري حول القضايا الوطنية والاقتصادية والجهوية، ''لكننا قررنا هذه المرة التعرض لقضية ذات بعد دولي وهي الثورات العربية، والسبب أن هذه الثورات فرضت نفسها كواقع، ونحن ارتأينا أن ندعو خبراء دوليين لمحاولة فهم ما يجري في البلدان العربية من حراك''. وفي هذا السياق تناول، طيلة نهار أمس، بقاعة كوسموس برياض الفتح بالعاصمة، في أول يوم من أيام ملتقى ''الربيع العربي.. الثورات والثورات المضادة''، عدد من المؤرخين والأساتذة الجامعيين من الجزائر وفرنسا ومصر وتونس والمغرب، بالتشريح والنقاش ظاهرة ''الربيع العربي''. وبدا من خلال النقاش تساؤل جوهري هو: هل ما حدث في تونس ومصر وليبيا واليمن وسوريا والبحرين، هو ثورة أم انتفاضة أم تمرد؟ الأجوبة ظهرت متباينة، لكن تمت الإشارة إلى الملاحظات الجوهرية التي توضح الفرق بين الثورة والانتفاضة والتمرد. هنا تحدث الأستاذ الجامعي الجزائري جمال قريد من جامعة وهران برؤية أكاديمية إن ''الثورة هي حركة يتم الإعداد لها سلفا ولها قيادة تسيّرها ولها هدف تطمح لتحقيقه، بخلاف الانتفاضة أو التمرد، الذي يتميز بالعفوية، فلا يستطيع مثلا أي شخص أن يتكهن بما ستؤول إليه هذه الحركات''. هذا التوصيف أثار النقاش من بعض الحضور، حيث تدخل أحدهم وقال إن ''المحاضر أهمل الحديث عن عبارة (الشعب يريد) ليجيب بأن الشعب أراد أن يقول بأنه يريد العيش بكرامة''. من جهته، سجل المؤرخ الجزائري محمد حربي أن ''مسار الثورات العربية لم يتوقف وما يزال يتبلور، لكن للأسف نحن أمام توصيف صحفي تقوم به وسائل الإعلام بإطلاق أوصاف معينة على هذا الحراك الشعبي''. وذهب الأستاذ الجامعي والمؤرخ الفرنسي الشهير، روني فاليسو، بعيدا في حديثه عن ظاهرة الثورات العربية، حيث أشار إلى ''الوصاية'' الواقعة على المجتمعات، فقال ''هناك من يتحدث باسم الله، وهناك من يتحدث باسم الشعب، ولكنهم لم يتركوا هذا الشعب يتكلم''. وأضاف فاليسو في مداخلته أن ''الشعوب تريد الحياة بكرامة وتريد العمل''. وسألت ''الخبر'' المؤرخ روني فاليسو عن رأيه فيما إذا كان الربيع العربي سيصل إلى الجزائر أم لا، فأجاب ''النظام الجزائري قمع كل تحرك شعبي، وجعل من المستحيل حدوث حراك جمعوي يفضي إلى التغيير، لا أعرف متى سيصل هذا التغيير ولكنه اليوم معطل''، مضيفا بقوله ''لا أعرف إن كانت هذه الثورات لديها رسالة ما، ولا أعرف أيضا إن كانت هذه الثورات ستقتصر على العرب فقط، ولكن الملاحظ هو هذه الجاهزية للتحرك الشعبي رغم حالة الغلق من قبل الأنظمة، وهذا شيء إيجابي''. أما الباحث الجزائري محمد عباس، فأوضح ل''الخبر'' أن ''على علماء الاجتماع تسليط الضوء على هذه الثورات العربية لفهمها، حتى وإن كانت تعبّر بوضوح عن رفض عميق للواقع الاجتماعي والسياسي''. في وقت سجل الدكتور المغربي يوسف بلال من جامعة كولومبيا الأمريكية في تصريح ل''الخبر'' أن ''نجاح الحركات الاحتجاجية في الجزائر والمغرب مثلا مرتبط بمدى قوة هذه الحركات في كل مجتمع، ومرتبط أيضا بجواب الأنظمة على هذه الاحتجاجات''.