سلطة لا تستطيع توفير كيس حليب ومن نوعية رديئة جدا بشكل عادي، كيف نطالبها بإعطائنا الديمقراطية والحرية، وبوضع قوانين حديثة للإعلام والأحزاب والانتخابات وغيرها؟! سلطة تعجز عن توفير الحليب وعن توفير مناصب عمل وتوفير سكن وتعليم حقيقي ورواتب حقيقية، فكيف نطالبها بالتغيير. إنها عاجزة. المسألة ليست في حاجة لكثير برهان أو فلسفة. حكومة رديئة وبنوك بدائية وشركات عمومية معوقة تبذر أموالا طائلة ولا تلتزم بتقديم الخدمات التي من المفترض أن تقدمها. بل إن الشركات والبنوك والإدارات تتصرف بشكل تسلطي. نعم، البنوك أو سونلغاز أو شركة التلفونات والبلديات ومخافر الشرطة وغيرها كثير، يتصرف موظفوها بعنجهية مقيتة مع الناس، إنهم مسلطون على الناس، وليس إدارات عمومية في خدمة الناس. هذا منطق سلطوي تسلطي، بل فيه رائحة قوية من الروح الاستعمارية. فلماذا تكون السلطة مع الشركات العامة والخاصة وليس مع المواطنين؟ وهل نحمي الجزائريين من التسلط أم نحمي التسلط من الجزائريين؟ ربما المقصود هو إثبات فشل القطاع العام وخوصصة الدولة أو وضعها بيد ''خبرة'' أجنبية. ولكن خوصصة إنتاج الحليب أغنت الكثيرين ولم تحل مشكل الحليب، مثلها مثل العمل العقاري، حيث أن الكثير من شركات القطاع الخاص أسوأ من القطاع العام الفاشل، بل وأكثر فسادا منه. لقد جمع أصحابها المليارات ولم يفيدوا المجتمع ولا الدولة في شيء. ذلك هو العجز وذلك ملمح من ملامح فساد الوضع. المشكلة أننا عندما نستمع لأويحيى أو بلخادم أو لبعض الوزراء الذين يغامرون بالحديث للناس، وكثيرا ما يقترفون حماقات، يظهر لنا وكأنهم يتحدثون عن بلد آخر ليس الجزائر. وكأنهم يحدثون شعبا آخر غير الجزائريين. مع ذلك، فالسلطة لا ترى حتى ضرورة تغيير حكومة فاشلة. وتبعا لذلك، لماذا نطالبها بقانون إعلام حديث وبمزيد من الحرية؟ لا، رانا غالطين إن طالبنا بالتغيير من يعجز عن توفير الحليب ومنصب العمل ويحمي التسلط الرديء من الجزائريين، ولا يرى أن حكومته وشركاته وإداراته عاجزة وصارت مشكلة للجزائريين وللدولة.