منذ سنوات لم تلعب حمس في الملعب السياسي بهذا المستوى. إنها المرة الأولى في عمر التحالف الرئاسي، وعشية احتفاله بعيد ميلاده الثامن، تسدد الحركة سهمها في الاتجاه الصحيح، والعودة إلى قواعدها سالمة بدون خسائر فادحة. لقرار الانسحاب من التحالف الرئاسي مبررات ظاهرة وخفية. أما الظاهرة فهي الخوف من معاقبة الناخبين لها في تشريعيات ماي القادم، ومواجهة صعود منافسها حزب جبهة التغيير الوطني، بزعامة عبد المجيد مناصرة. أما المبررات الخفية، والحقيقة يجب أن تقال، فهي أن لا الأفالان ولا سليله الأرندي كانا يوليان الاهتمام بهذا التحالف الرئاسي ولا حتى ببرنامج رئيس الجمهورية، والدليل الأزمة التي تفتك باستقرار وصفوف الحزب العتيد، والخوف الذي يعصف بقيادة الأرندي والذي استدعى نزول أمينه العام على جناح السرعة إلى سطيف ووهران للاطمئنان على سلامة قواعده، والتأكد من عدم تأثرهم (سلبيا) بفوز الإسلاميين في تونس والمغرب ومصر بالانتخابات. إن استفاقة حمس، وإن جاءت متأخرة، مفيدة لها على المدى المنظور، ومن السابق الحكم على قرار الانسحاب حاليا، لأن قطف ثماره أو أشواكه لن يكون إلا بعد إعلان نتائج الانتخابات التي أعلن أمين عام الأفالان فوز حزبه بها من الآن! موقف حمس سيدفع، بدون شك، بحليفيها سابقا وخصميها حاليا، إلى الانكماش في منطقة الدفاع وترك زمام المبادرة لأحزاب أخرى مثل حزب العمال والأفافاس والأرسيدي للقيام بالهجوم على الإسلاميين، وفي ذلك خسارة كبيرة ل''حزبي السلطة''، وليس أمام حمس التائبة من ذنب أصرت على ارتكابه طيلة 8 سنوات، وقررت التكفير عنه بالعودة إلى الشعب، إلا الانطلاق نحو أحضان الناخبين وكسب مساحات الود لديهم بدءا من تغيير نظرتهم إليها بسبب أكوام ملفات الفساد التي تفجرت في قطاعات كانت تحت إشراف وزرائها. كلمة أخيرة، يؤشر خروج حمس من بيت طاعة الأفالان والأرندي على قرب تغيير حكومي قد يذهب بوزراء التحالف جميعا ضمانا لشفافية ونزاهة تشريعيات، الجميع يتمنى أن تكون مغايرة لسابقاتها من حيث الشكل والنتائج.