بقرار الموافقة على تحديد ''عتبة'' الدروس التي ستدخل في امتحانات شهادة البكالوريا، تكون وزارة التربية قد أكدت مرة أخرى بأن الخروج إلى الشارع يبقى سبيلا فعالا في الحصول على الحقوق، وإرغام المسؤولين على الاستجابة للمطالب حتى وإن كانت غير شرعية، لأن الإدارة عودتنا على شراء السلم الاجتماعي بالحلول الترقيعية الظرفية، وبعد ذلك ''يرحمها ربي''. وإذا كان من غير المعقول أن يشرع التلاميذ في المطالبة بتحديد عتبة الدروس في شهر جانفي، فهو في الواقع يمثل رد فعل على كارثية تسيير القطاع، خاصة من الناحية البيداغوجية، ويشكل استغلالا لضعف مسؤوليه الذين عجزوا عن إيجاد الحلول للمشاكل المطروحة، وتعودوا على سياسة التنازلات التي تضمن لهم استقرارا ظرفيا، هو في الحقيقة خطر كبير على مستقبل الأجيال، وله تبعات وتداعيات على المنظومة التكوينية، قد نحتاج إلى عقود من الزمن لمحو آثارها. قد يكون التلاميذ على حق عندما يطرحون مسألة طول البرامج، وهم بالتأكيد على حق عندما يقولون بأن الكثير من الأساتذة لا يؤدون واجبهم البيداغوجي على أكمل وجه ولا يشرحون الدروس كما هو مطلوب، لكن المؤكد أيضا أن حلول هذه المشاكل لا تكمن في تحديد ''العتبة'' كل سنة، ولا بالتصريح منذ شهر جانفي بأن أسئلة البكالوريا ستكون في متناول التلميذ المتوسط. إن المناهج التربوية والبرامج توضع بشكل متكامل ولا يمكن ببساطة اقتطاع جزء منها دون تأثير على الأهداف التي تتوخاها والقواعد التكوينية التي تؤسس لها. وإذا كنتُ غير مؤهل لإعطاء دروس في البيداغوجيا للسيد بن بوزيد، فإنني أتساءل: كيف يمكن تطبيق إصلاحات واعتماد مناهج ترتكز على ''المقاربة بالكفاءات'' ثم نقرر ببساطة إلغاء هذه ''المقاربة بالكفاءات'' مع الاحتفاظ بالبرامج؟ إننا هنا مثل من يهدم أساس بناء وينتظر بقاءه سليما. لا يا سيدي الوزير هذا غير معقول. ودون الدخول في تفاصيل المناهج والبرامج، لأن هذا الفضاء لا يتسع لذلك، أعتقد بأنه آن الأوان لننكب على المشاكل الحقيقية لمنظومتنا التربوية والبحث عن الحلول الجذرية، بدل الترقيعات الظرفية والتنازلات التي تؤجل المشاكل ولا تحلها. لا يمكننا أن ننتظر كل سنة خروج التلاميذ إلى الشارع لنقتطع أجزاء من المقرر الدراسي ونعدهم بأسئلة في متناول التلميذ المتوسط. المطلوب اليوم هو إعادة النظر في منظومتنا وتوفير شروط تطبيقها والعمل على التحكم في تسيير مواردها البشرية لتتمكن من أداء وظيفتها على أكمل وجه، وعندها لن يطالب التلاميذ بتحديد ''العتبة'' ولا تكون الوزارة مرغمة على اللجوء إلى ''المقاربة بالتنازلات''. [email protected]