يبقى رشيد مخلوفي واحد من عمالقة الكرة الجزائرية في الخمسينيات وبداية الستينيات، فقد لعب لأربع نواد وهي اتحاد سطيف، سانت إيتيان وباستيا الفرنسيين وسرفيت جونيف السويسري. يعود بنا هذا الفنان الذي تألق مع النادي الفرنسي سانت إيتيان للوراء ليكشف ل ''الخبر'' كل شيء وخاصة علاقته مع النجمين لالماس وهدفي ميلود. يتذكر رشيد مخلوفي أن بدايته الكروية كانت في الخمسينيات، ''حيث اكتشفني أحد مسيري اتحاد سطيف، الذي أمضيت له على عقد معنوي ولم يتجاوز سني 16 سنة، قبل الانضمام إلى نادي سانت إيتيان الفرنسي عام 1954 وسني لم يتجاوز 18 عاما، حيث أتذكر جيدا كيف استقبلني المدرب الأسطورة لهذا الفريق جون سنيلا، الذي قال بعد أن رّحب بي ''عليك أن تثبث لي فوق الميدان إمكاناتك''، حيث وفي أول لقاء تطبيقي أعجب بقدراتي الفنية والبدنية وبدأت مغامرتي الاحترافية مع هذا الفريق، أين توّجنا بالبطولة في 1957 وفزت بكأس العالم العسكرية بالأرجنتين مع المنتخب الفرنسي وهو ما جعل المدرب الأول يستدعيني من أجل المشاركة في كأس العالم، التي جرت في السويد سنة .''1958 اخترت بلدي على المشاركة في كأس العالم كما أكد لنا نجم منتخب جبهة التحرير الوطني، تلبيته لنداء الجبهة ''وفضلت الالتحاق برفقائي على المشاركة في مونديال السويد، رغم أنني كنت في بداية مشواري، لكني لم أندم على ذلك، حيث ما زلت أحتفظ بذكريات ومباريات كبيرة مع المنتخبات التي واجهناها في ذلك الوقت''. بفضل سنيلا عدت إلى الخضر وأضاف مخلوفي يقول: ''بعد الاستقلال وبالصدفة التقيت بمدربي سنيلا في جونيف أين عرض عليّ اللعب في هذا النادي، حيث قبلت الفكرة وبعد نهاية الموسم، ترجاني رئيس سانت إيتيان للعودة إلى هذا الفريق. مؤكدا لي أن التشكيلة تعاني في القسم الثاني، حيث قبلت الفكرة، خاصة بعد أن وافق سنيلا على العودة كذلك، رغم أنني كنت متخوف من رد فعل سكان المدينة التي عجت في تلك الفترة بالمعمرين، الذين اضطروا للعودة إلى فرنسا رفقة اليهود. فالأجواء كانت مكهربة بين البلدين لكن رئيس الفريق انتدبني بدون ضجة إعلامية وأتذكر في أول لقاء سجلت هدف الفوز الذي صاحبته تصفيقات الأنصار، وهو ما جعلني أتحرر نفسيا وتمكنت من حصد خمسة ألقاب في ست سنوات قضيتها مع هذا الفريق وكأسين وسجلت 120 هدف. وقد أنهيت مشواري مع نادي باستيا وتعاقدت معه كلاعب والمدرب واعتزلت في سن 34 سنة''. ''طريقة لعب جبهة التحرير تشبه طريقة برشلونة حاليا'' شبّه مخلوفي طريقة اللعب التي كان ينتجها فريق جبهة التحرير الوطني في منتصف الخمسينيات، بطريقة لعب نادي برشلونة الإسباني، بالاعتماد على اللعب القصير، ''حيث فزنا على المنتخبات الأوروبية والعربية والأسيوية بحصة ثقيلة تصل إلى 11 هدفا، زيادة على النسوج الكروية وفنيات اللاعبين التي كنا نملكها في ذلك الوقت، حيث كنا نلعب وأعيننا مغمضتين''. ''كنت أكرّه الجهوية ولا ألعب بانضباط'' كما عرّج مخلوفي على تجربته في مجال التدريب التي استهلها مع المنتخب الوطني في بداية السبعينيات بعد اعتزاله الكرة ''حيث وجدت صعوبات في البداية لفرض الانضباط بالنظر إلى مزاج بعض النجوم الذين كانوا يرفضون طريقة عملي، رغم أنني كنت واحد من الأشخاص الذين يكرهون الجهوية بدليل أنني كنت أتعمد وضع في الغرفة لاعب من الشرق مع آخر من الغرب، كما حاولت محاربة التكتلات رغم أن المهمة لم تكن سهلة''. يرد على عيبود وباشي وفرفاني كما أصرّ مدرب المنتخب الجزائري الذي توّج بأول ميدالية ذهبية سنة 1975 على الرّد على بعض اللاعبين في صورة المدافع عيبود، حيث قال مخلوفي أن الشرط الذي اشترطه عليه بأن يلعب في المنتخب العسكري، كان يصب في مصلحته، ''حيث أن الفرصة كانت مواتية له حتى يظفر بمكانة في المنتخب ولم يحسن استغلالها''، فيما اعترف أن باشي كان من الصعب عليه أن يعوّض لاعبا بحجم إيغيلي، ''الذي كان القلب النابض في المنتخب الوطني وليس فقط في المنتخب العسكري، ثم إن باشي كان مرّكزا على دراسته''. كما اعتبر أن تبريرات فرفاني ''الذي قال أنني كنت أهمشه، أعتقد أنني اخترت الأحسن استعدادا من كل الجوانب وهذه هي قناعتي ولم أغيّرها''. ''لولا لالماس لما اكتشفنا سالمي وهدفي يبقى حالة استثنائية'' كما لم يفوّت مخلوفي فرصة الحديث عن علاقته مع النجم الكبير حسان لالماس، خاصة وأن البعض قال أنه كانت هناك حساسيات بينهما، على اعتبار أن لالماس كان النجم الأول في الجزائر في تلك الفترة وهو ما نفاه مخلوفي. مؤكدا أن علاقته بالأسطورة كانت عادية ''وكنا نلتقي دوما في معسكرات المنتخب، لكن مشاكلي مع لاعب ''السياربي'' بدأت عندما كنت مدرب المنتخب الوطني، حيث كان في نهاية مشواره وكنت أريده كلاعب فوق الميدان ومساعدا بعد التدريبات حتى يكون قدوة للشبان، يؤطرهم يزودهم بالنصائح لكن بمرور الوقت اكتشفت المزاج الصعب لهذا اللاعب، رغم أنه كان لاعب كبير لكن كان يغادر المعسكر التحضيري إلى بيته ويعود في الصباح وتارة يفضل أخذ وجبة العشاء خارج المعسكر بدون ترخيص لهذا اضطررت للاستغناء عنه، رغم الضجة التي أحدثها وفضّلت تغييره بنجم كبير من نفس الفريق وهو سالمي جيلالي، الذي تمكن من خلافته بكل سهولة بالنظر إلى قيمته الفنية''، كما تحدث مخلوفي على هدفي ميلود وشخصية هذا اللاعب الراحل، الذي كان كبيرا فوق الميدان. ''في البداية لم يتقبّل طريقة عملي والانضباط الذي اعتمدت عليه، حيث استغنيت عنه قبل أن أعيد استدعائه، حيث حفظ الدرس وأصبح الرجل الذي كنت أعتمد عليه في كل شيء بدليل أنه أصبح يلقب ب بيكمباور إفريقيا'' ''هذا ما حدث بين شوطي اللقاء ضد ألمانيا'' اعترف مخلوفي أن مهمته في مونديال اسبانيا كانت فرض الانضباط داخل المجموعة ''وأن خالف كانت له صلاحيات في اختيار التشكيلة وكل ما يتعلق بالجانب الفني. وأتذكر أننا في مباراة ألمانيا ورغم أننا كنا متعادلين، وقعت ملاسنات كادت أن تصل إلى اشتباك بالأيدي ولولا تدخلي لكانت الكارثة والنتيجة أننا دخلنا بقوة وحققنا الفوز''. صورة وتعليق رشيد مخلوفي الأسطورة الكروية الجزائرية التي هزت الكرة الفرنسية في عز إيامها في الخمسينيات، يتلقى التقدير من المسؤول الأول على الكرة في العالم، السويسري بلاتير. ومن البديهي أن يلقى مخلوفي التقدير هنا في بلده، لكن اختار القائمون على الكرة الجزائرية التغريد خارج السرب، حيث وضعوه في خانة المنسيين.