الأمين العام للحزب: أشياء تحتاج إلى تقويم وتصحيح في حزبنا نشبت، أمس، معركة حقيقية بين العشرات من المدافعين عن حصيلة أحمد أويحيى في تسيير التجمع الوطني الديمقراطي، ومجموعة من الأشخاص المعارضين له، ممن حاولوا الجهر أمامه برفضهم استمراره على رأس الحزب، على أساس أنه ''أقام حاجز خوف ورعب وزرع روح الانهزامية واليأس في صفوف التجمع''. بدأت أشغال المجلس الوطني للأرندي، أمس، بالضاحية الغربية للعاصمة، في ظروف غير عادية ميزتها انتفاضة قياديين ضد الأمين العام، عندما كان بصدد قراءة جدول أعمال الدورة العادية للمجلس. فقد قام عضو المجلس، بلقاسم بن حصير، من مكانه، مقاطعا أويحيى لطلب إتاحة الفرصة لقراءة بيان باسم حركة ''حماية الأرندي من الزوال''. لكن أويحيى رفض، داعيا معارضيه إلى التعبير عن مواقفهم أثناء الجلسة المغلقة. ثم قامت نورية حفصي من مكانها، وطالبت أويحيى، بنبرة صارمة، بأن يدرج قضية المعارضة التي يواجهها في جدول أعمال المجلس الوطني. ولكنه رفض أيضا قائلا: ''المجال سيكون مفتوحا للإدلاء بكل الآراء، فلا داعي للمزايدة والجدل''. وحاول مؤيدو أويحيى داخل المجلس التشويش على حفصي ورفاقها بمنعهم من تلاوة البيان المندد بالأمين العام. وطلب البرلماني السابق، بلقاسم ملاح، من أويحيى ضم مقترح يتعلق بتغيير تشكيلة المكتب الوطني إلى جدول أعمال الاجتماع، وبرر ذلك بعدم رضاه عن أداء بعض أعضاء المكتب. عند هذا الحد، بدا واضحا أن قبضة حديدية قوية ستجمع الطرفين في اليومين اللذين ستستغرقهما الأشغال. وخرجت حفصي من قاعة الأشغال بعد أن أنهى أويحيى كلمة الافتتاح، ووزعت بيان الجماعة المعارضة على الصحافة، ثم قرأت مضمونه، وحاول الموالون لأويحيى، وهم أغلبية، إسكاتها بالقوة لكنها لم تعبأ بهم. ونشبت فوضى عارمة في فناء تعاضدية عمال البناء بزرالدة، واشتبك أشخاص من الطرفين فيما بينهم بالسب والشتم وتطورت الملاسنة إلى كر وفر. وهوّن عبد السلام بوشوارب، رئيس ديوان الأمين العام، مما جرى إذ قال للصحافة إن ''شابا لا ينتمي لصفوف الحزب يحاول في كل اجتماع للمجلس الوطني إثارة الفوضى''. وبخصوص المعارضين، قال إنهم ''أحرار في التعبير عن آرائهم داخل المؤسسات''. وجاء في بيان المعارضين أن الأرندي ''زاغ عن مبادئه وحاد عن أصله لتحقيق المآرب الشخصية الضيقة''. ومن بين المآخذ على الأمين العام، ''التعيين المزاجي والإقصاء وغياب الحوار، الأمر الذي قلب الاستقرار المزعوم إلى شلل تام أدخل التجمع إلى غرفة الإنعاش''. ويرى المعارضون أن الأرندي ''أصبح وصيفا مستصغرا على الدوام وعديم القدرة على التجذر في أوساط المجتمع. فبعد الانكسار الأول والثاني ثم الثالث في انتخابات 01 ماي، ونظرا للأداء السياسي الرديء لقيادة التجمع وعلى رأسها الأمين العام، نقول كفى !. لسنا مستعدين لانكسارات أخرى''. ودعا أصحاب البيان إلى مؤتمر استثنائي قبل الانتخابات المحلية، تشرف عليه لجنة توافقية ممثلة من عقلاء الحزب، وإلى ''إعادة بناء الحزب على أسس الديمقراطية الحقيقية'' و''إنهاء ثقافة الإقصاء''. وقبل أن ينتقل الاضطراب خارج القاعة، قرأ أويحيى خطابا تضمن تقييما لنتائج الحزب في الانتخابات التشريعية. وتحدث فيه عن معارضيه بقوله: ''هناك بعض الإخوة والأخوات ينتقدون أوضاع الحزب. هذا أمر لا نقاش فيه لأن حزبنا يكفل الديمقراطية وحرية الرأي. ولكني سأحرص على عدم التجريح في بعضكم البعض''. وأضاف ملمحا إلى ما يؤاخذ عليه هو شخصيا: ''لم أقل إننا معصومون من الخطأ، ومن لم يسيّر لا يقدّر حجم المسؤولية.. صحيح أن هناك أشياء تحتاج إلى تقويم وتصحيح، وبإمكاننا أن نختلف، ولكن لا بد أن نضع نصب أعيننا القاعدة النضالية التي تتابع صباح مساء ما يجري في الحزب''. يشار إلى أن غالبية الوزراء الحاليين والسابقين أعضاء المجلس الوطني، غابوا عن الاجتماع على غير العادة.