ما يحدث في مركز مكافحة السرطان بقسنطينة لآلاف المرضى ''غير إنساني وحرام''. قد يقول قارىء إنني أبالغ في الوصف للتحامل على مسؤولي قطاع الصحة. لا، هذا الوصف ليس لي، بل لوزير الصحة، جمال ولد عباس، نفسه، خلال زيارته المفاجئة والسريعة، مؤخرا، لهذا المركز. نعم يا سيدي الوزير، هذا ''غير إنساني''، وأنت المسؤول عنه. عندما رأى الوزير مرضى السرطان يفترشون الأرض وينامون على الكراسي، كاد يبكي، وقال بأنه تحكم في دموعه. ''اشحال حنين معالي الوزير!''. المرضى يا سيدي لهم من الدموع ما يكفي وزيادة، لأنهم يبكون منذ أشهر طويلة، بل منذ سنوات، وهم ليسوا في حاجة إلى دموعكم أو حنانكم، بل إلى أدوية تخفف آلامهم. تقولون، بخصوص مركز مكافحة السرطان بقسنطينة، بأنه ''كارثة عمرها 30 سنة''، وهذا صحيح، فماذا فعلتم لتحسين الأوضاع منذ توليكم مقاليد وزارة الصحة؟ لا شيء، حيث يبقى أكثر من أربعة آلاف مريض، من الولاياتالشرقية، ينتظرون دورهم في العلاج. وما يقال عن مركز قسنطينة يقال عن باقي مراكز الوطن. لقد التقيتم، في زيارتكم لهذا المركز على الساعة الخامسة مساء، بمرضى قدموا من تبسة وولايات أخرى، منذ الساعة الثالثة صباحا، دون أن يستفيدوا من العلاج، فهل يكفي تعاطفكم للتخفيف عنهم؟ لا يا سيدي، لأن معاناتهم تنقلها، منذ سنوات، مئات المقالات على صفحات الجرائد، وعشرات الشكاوى الموجهة لمختلف مصالح دائرتكم الوزارية، دون جدوى. تقولون بأن الأدوية متوفرة في الصيدلية المركزية، وأن المشكل في سوء التوزيع، فلماذا لم تتخذوا الإجراءات اللازمة لإرسال الأدوية من العاصمة مباشرة إلى قسنطينة، دون المرور على عنابة، كما هو معمول به؟ وهل المشكل في أرضية، لم تطلبوها من والي قسنطينة سوى أول أمس، لإنجاز مستودع لتخزين الأدوية؟! لا يا سيدي مبرراتكم كلها واهية، وغير مقنعة. المشكلة، كل المشكلة، في التسيير الكارثي للقطاع، قبلكم، وفي عهدكم، وهي متواصلة، ولا بوادر في الأفق تشير إلى إمكانية تحسن الأوضاع. تتحدثون، في كل المناسبات، عن استفادة القطاع من أموال ضخمة، وتشيرون إلى استهلاك 52 مليار دينار في الأدوية، لكن لو سألت أي مواطن بسيط سيجيبك بأن بعض هذه الأموال تم نهبها على مستويات مختلفة، وبطرق عديدة، والجزء الآخر أساءت تسييره هياكل وزارتكم، ولم يصل إلى المرضى. إن المريض، يا سيدي، ينتظر منكم الكف عن التصريحات الديماغوجية أمام كاميرا التلفزيون، والتكفل، بدل ذلك، بالبحث عن الأساليب والطرق الناجعة لتوفير الدواء والتجهيزات. إن ما أبديتموه من تعاطف مع مرضى السرطان بقسنطينة لا معنى له، ومجرد دغدغة للأحاسيس، لأنكم المسؤول الأول عن هذا الوضع المتردي، الذي قلتم بأنه ''غير إنساني.. وحرام''. وأنا أقول، في الختام، ''حرام'' أن يسيّر شؤوننا مسؤولون من طينتكم. [email protected]