مرسى بن مهيدي ليست في حاجة إلى بطاقة دخول / السعايدية المغربية.. ورقة المخزن السياحية الوزير تو كشف لبلخادم سحر المنطقة تحولت مرسى بن مهيدي -بور ساي سابقا-التي تقع على الحدود الجزائرية-المغربية، إلى نقطة استقطاب سياحية بامتياز، تبعا لرمزيتها التاريخية ولخصوصيتها الجغرافية، فحيثما وليت وجهك تشدك الطبيعة إليها بحبائل سحرية سرية، وزاد المنطقة جمالا شواطئها العذراء التي تعانق اخضرار الغابات والجبال. فخلال عشرية الإرهاب، حافظت مرسى بن مهيدي على توفير الأمن والسلم لزائريه القادمين من الداخل والخارج بالآلاف، ومازالت تحرص إلى غاية اليوم على إشاعة أجواء الطمأنينة وعناصر الراحة بفضل أناسها المضيافين والمحافظين، حتى انتصرت على عشرات الوجهات السياحية في الجزائر، وتربعت على العرش وصارت وجهة مفضلة بامتياز لعدد من الوجوه السياسية والشخصيات البارزة في الدولة الجزائرية الباحثة عن ''مسكنات'' لمتاعبها. تشير مراجع تاريخية إلى أن أول باخرة رست بالمكان المسمى حاليا مرسى بن مهيدي، الذي يقع بأقصى الشمال الغربي لولاية تلمسان على الحدود الجزائرية-المغربية، تعود إلى القائد العسكري الفرنسي لويس جون باتيست ساي، إذ قرر الأخير أن يجعل المكان إقامة مفضلة له سنة 1900، وشرع في إنجاز المرسى سنة 1904، بعد أن قام بمعاينة المنطقة سنة 1886، ولو أن فكرة إنجاز الميناء تعود إلى سنة 1874، لأن المستعمرين الفرنسيين كانوا يطمحون إلى إقامة خط بحري آنذاك، ينطلق من المرسى إلى جزر زافارين، بل وقد تطورت الفكرة التي أطلقت سنة 1845 التي مفادها تحويل جزء من وادي كيس الفاصل بين التراب الجزائري والمغربي إلى مكان مفضل لانطلاق قوات الماريشال بيجو، وأصبحت الفكرة خيارا إستراتجيا لدى بيجو للتصدي للقبائل المغربية من جهة والوقوف من جهة أخرى في وجه مقاومة الأمير عبد القادر. ولكن لويس جون باتيست ساي شرع في بناء المرسى من غير أن يستشير أحد سنة 1904، واستنادا لمخطاطات لها صلة بوزارة البحرية الفرنسية، فإن اختيار ساي هذا المكان لبناء المرسى يعود بالدرجة الأولى إلى أن'' البواخر ذات الحمولة الصغيرة بإمكانها أن تأخذ من هذا المكان ملجأ لها ضد الرياح الشرقيةوالغربيةالشرقية، لتوفر المكان على جبال وصخور''. وسمي ب''بور ساي'' نسبة إلى لويس جون باتيست ساي، وتحول المرفأ بعد وقت وجيز من إنجازه إلى قرية عالمية، يتقاطع فيها الإسلام مع ديانات أخرى، ويلتقي فيها العرب والأمازيغ والمعمرون الفرنسيون والعمال الإسبان والإيطاليون والألمان. والمخطاطات نفسها تشهد على أهمية بور ساي وتفوقه على منطقة السعايدية المغربية الواقعة قبالته، من جانب هوائه النقي المنبعث من الجبال والغابات، وصفاء مياه شواطئه، فضلا عن الهدوء والطمأنينة الذي توفره الطبيعة، حتى إن المكان كان وجهة مفضلة لنخبة مدن الغرب الجزائريكوهران وسيدي بلعباس ومستغانم، فضلا عن وجوه سياسية من البرلمان الفرنسي خلال الحقبة الاستعمارية، وعدد من الوجوه الصحفية العاملة بجريدة ''لوفيغارو'' و''لوموند ديبلوماتيك'' بالإضافة إلى كتاب آخرين. أمنية الشهيد تحققت بعد الاستقلال ولكن منطقة بورساي في المخيال الجماعي لعدد من الجزائريين ممن يعرفون تاريخ الثورة التحريرية، هو رمز للحرية والتحرر، فمن هناك مر عدد من أبطال الثورة مثل العربي بن مهيدي وبن بلة وبوالصوف وغيرهم، على اعتبار أنهم كانوا يستخدمون بورساي كمركز عبور للأسلحة التي يأتون بها من مصر على متن باخرة ''دينا'' لدعم الثوار، فهي الباخرة التي كانت ترسو بالميناء وتتمتع بخاصية تتمثل في توفرها على حوض يسمح بتخزين كميات أكبر من الأسلحة. وتقول روايات إن البطل العربي بن مهيدي لم يخف حساسيته إبان الثورة من اسم بورساي، وقال لعدد من رفقائه في الكفاح إن المنطقة لن تبقى على اسم ساي، وكان للشهيد ما أراد، حيث سمي المكان سنة 1964 باسم مرسى بن مهيدي. المكان اليوم، هو بلدية يقارب تعداد سكانها سبعة آلاف نسمة، تقع في أقصى الشمال الغربي لتلمسان، محادية لمنطقة السعايدية المغربية، وتبعد بنحو 54 كيلو متر عن مغنية، وهي خاتمة هذا الطريق، والداخل إليها ليس كالخارج منها، فالدخول من بوابة بوكانون يسمح لك بأن تشاهد واد صغير يفصل التراب الجزائري عن التراب المغربي، والحدود البرية لا تزال مغلقة حتى إشعار آخر، ولو أن ما لمسناه هناك، هو توق كبير من قبل المواطنين لمد الجسور بينهم، جسور تتجاوز التهريب إلى ما هو أسمى، حتى إن هناك من قال إن ثقافة الأنظمة السياسية عادة ما ترهن مستقبل المواطنين المتطلعين إلى آفاق الحرية والتسامح والعدل والأخوة والتعاون. مرسى بن مهيدي.. عندما يلتقي الفقراء والأغنياء الزائر لمرسى بن مهيدي بوسعه أن يقف على الألوان الزاهية للأعلام التي كتب فوقها بلدية مرسى بن مهيدي ترحب بكم، وعلى نظافة شوارعها وعلى انتظام امتداد محلاتها ومطاعمها ومقاهيها، على ساحاتها التي ضربت موعدا للزائرين لتناول المثلجات والعصائر.. فخلال يومي الخميس والجمعة تختنق المدينة بالحشود البشرية الزاحفة إلى الشواطئ، بل قل إن مرسى بن مهيدي هي جزائر صغيرة بولاياتها ال,.48 فهناك تعثر على من جاء من باتنة ومن جيجل ومن بسكرة ومن أدرار ومن وهران وعين تيموشنت وسيدي بلعباس وغيرها. وهكذا حقق مرسى بن مهيدي كوجهة سياحية انتصارا على عشرات المواقع السياحية في عدة ولايات وزحزح شواطئها، وبات وجهة مفضلة حتى لسكان الولايات الساحلية، بدليل الشهادات التي قدمها عدد من المواطنين ممن جاءوا من وهران وعين تيموشنت ومن مستغانم، وحتى من بجاية وبومرداس. ففي سبعينيات القرن الماضي كانت المنطقة يغلب عليها الطابع الفلاحي على الجانب السياحي، حتى إنها اشتهرت آنذاك بإنتاج الطماطم، ولكن مع بداية منتصف السبعينيات حتى منتصف الثمانينيات بدأت تظهر بوادر السياحة العصرية، ولاسيما بعد تجزئة أراضي مرسى بن مهيدي، يقول اعمر قرودة، النائب الثاني لرئيس المجلس الشعبي البلدي. ويعترف عدد من مسؤولي البلدية، وأصحاب محلات وفنادق، بأن الخصوصية الكبرى التي عرف بها مرسى بن مهيدي خلال مرحلة التسعينيات من القرن الماضي، أنها استقطبت إليها عددا كبيرا من السياح من داخل الوطن ومن خارجه، حيث إنه في الوقت الذي كانت فيه عدة ولايات تعيش على وقع الحواجز المزيفة، والمداهمات الليلية والمجازر الجماعية، لم تعرف بلدية مرسى بن مهيدي أي حدث من هذا النوع، وضمن أهلها الأمن والاستقرار ولم يتمكن الإرهاب من اقتحامها. بل وشكلت خلال تلك الحقبة -يضيف النائب الثاني لرئيس المجلس الشعبي البلدي- وجهة مفضلة للمغتربين، رغم أن المنطقة كانت تفتقر إلى المرافق السياحية خلال تلك الحقبة، بحيث لم تكن الواجهة البحرية مهيأة على نحو ما هي عليه اليوم، كما لم يكن ميناء الصيد والنزهة موجودا. وتضم بلدية مرسى بن مهيدي اليوم أربعة شواطئ تمتد على ساحل طوله 2 كيلو متر و900 م، وهي شاطئ موسكاردا1 وشاطئ موسكاردا2 وشاطئ عين عجرود، بالإضافة إلى الشاطئ الرئيسي مرسى بن مهيدي، أما بالنسبة إلى المخيمات الصيفية، فهناك مخيم مستغل من قبل سوناطراك به 295 سرير، بينما يتوفر مخيم السعادة على 150 سرير، ومخيم الشروق 125 سرير، بالإضافة إلى مخيمين خاصين يتوفر كل واحد منهما على 120 سرير، بينما يوجد بمخيم الغابة الصغيرة 500 سرير. أما بالنسبة إلى مراكز العطل، فهناك مركز الخدمات للضمان الاجتماعي به 130 سرير، ومركز مبيت الشباب به 80 سريرا. أما الفنادق، فنجد نزل المستقبل المتوفر على 600 سرير، ويعود لأحد الخواص، فضلا عن إقامة الزياني وفندق وإقامة الصايم، فضلا عن فندق الخدمات البريدية، فيما يقوم مواطنون بإيجار سكناتهم للزوار. وقد تحول مرسى بن مهيدي منذ 2006 إلى ميناء للصيد والنزهة، يستقبل العائلات للاستجمام والتنزه، حيث إنه يتوفر على كل مرافق راحة المصطاف، من مقاعد خشبية إلى روضة للأطفال وأماكن مخصصة للأكل بالإضافة الى حديقة، فيما تجري أشغال إنجاز مسبح أولمبي رصد له غلاف مالي قدره 15 مليار سنتيم. والحقيقة، أنه خلال تجوالنا بمرسى بن مهيدي، بدءا من شواطئه، مرورا بشوارعه، لم نقف ولو مرة واحدة على اعتداء أو سرقة أو مناوشة بقدر ما شهدنا فرق موسيقية بشاطئ موسيركادا وشاطئ المرسى، وكلها شواطئ تلتحم مع الجبال ما يجعلها أكثر جاذبية للمصطافين الباحثين عن صفاء مياه البحر ونقاوته، فشواطئ بلدية مرسى بن مهيدي هي أرض تتقاطع فوقها طموحات الفقراء من شباب البلديات المجاورة كمغنية وسيدي بوجنان وباب العسة... ممن يجتهدون في إيجار سيارة ''كلوندستان'' توصلهم إلى مرسى بن مهيدي، مع طموحات الأغنياء من بعض العائلات القادرة على إيجار غرف ب7 آلاف دينار لليلة الواحدة، ولم يتم غلق شواطئ مرسى بن مهيدي يوما في وجه شباب الأحياء المجاورة على نحو ما تم غلق شاطئ موريتي بسيدي فرج وإبقائه حكرا على أبناء كبار المسؤولين وبعض المحظوظين ممن يحوزون على بطاقة الدخول. عشق بلخادم للمرسى ليس وليد اليوم وقد تحولت المنطقة خلال السنوات الأخيرة إلى وجهة مفضلة لعدد من الوجوه السياسية والشخصيات النافذة في الدولة الجزائرية، حيث تفيد شهادات لمواطنين من أبناء المنطقة بأن عبد العزيز بلخادم، الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني والممثل الشخصي لرئيس الجمهورية، يفضل قضاء عطلته كل عام بمرسى بن مهيدي ''فقبل أن يتم تعيينه وزيرا كان يتردد على المرسى، لأنه اكتشف أن المنطقة محافظة''، بينما قال مواطنون آخرون إنهم يلتقون بانتظام مع بلخادم كلما قدم إلى البحر، ويتبادلون معه أطراف الحديث من غير بروتوكولات، وهو الذي يفضل إحدى الإقامات في المرسى. ويكون عمار تو، وزير النقل، هو الذي أشار على بلخادم باختيار وجهة مرسى بن مهيدي وأقنعه بذلك، على اعتبار أن عمار تو هو ابن المنطقة، ولا يفوت أي عطلة إلا ويقضيها بالمرسى، وهو الذي مازال يحوز على سكن خاص هناك. كما لا يفوت وزير العمل والضمان الاجتماعي والتشغيل، الطيب لوح، فرصة قضاء عطلته في مرسى بن مهيدي كل عام، وهو ابن المنطقة وينحدر من بلدية مسيردة. وأسرت لنا مصادر أخرى هناك بأن شخصيات عسكرية وأخرى سياسية شوهدت في مرسى بن مهيدي. ويرتقب أن تكون بلدية مرسى بن مهيدي مستقبلا هي الوجهة المفضلة لباقي الشخصيات السياسية الباحثة عن مسكنات لمتاعبها، ولاسيما بعد أن اتخذ والي تلمسان قرارا يقضي بإنجاز منتزه سياحي يقع في مرتفع مرسى بن مهيدي، ويطل على الدولة الشقيقة المغرب، بعد أن رصد له غلاف مالي قدره 13 مليار سنتيم و300 مليون سنتيم. ويرجع مواطنون وإطارات في الفندقة، سبب اختيار هذه الوجوه السياسية لمرسى بن مهيدي لقضاء عطلتهم، إلى خصوصية المنطقة ذاتها، حيث إنها مضيافة بامتياز، لأن أهلها مسالمون وعائلاتهم محافظة، فضلا عن الهدوء والطمأنينة والأمن. ولو أن العامل الأمني يبقى هو الأهم، حيث تفيد المعلومات التي قدمت لنا بالبلدية وجود تغطية أمنية شاملة في جميع الأماكن، بالإضافة إلى دوريات للأمن على مدى ال24 ساعة، بعد أن تدعم أمن الدائرة قبل أيام بأعوان جدد للشرطة بتعداد 150 عنصرا جديدا تم توزيعهم على 06 مراكز إيواء ومراقبة في الشواطئ، فضلا عن المركز الأمني الكبير المزود بمختلف الوسائل. كما تم وضع فرق للدرك الوطني بمنطقة عين عجرود تسهر على راحة المصطافين. أما الجهة الغربية لمرسى بن مهيدي المتاخمة للتراب المغربي، فقد فتح على مستواه الطريق المزدوج على طول 5 ,1 كيلو متر لتسهيل المرور داخل مرسى بن مهيدي مع إنارة الشارع الكبير وتهيئة الواجهة البحرية للمرسى على طول 2,1 كيلو متر. وقد تم وضع أضواء كاشفة للبحر، لأجل مساعدة المصطافين وباقي العائلات على السهر في شاطئ البحر، ويساعد ذلك على تمكين العائلات خلال شهر رمضان من التنزه والراحة بسهولة ليلا، يضيف النائب الثاني لرئيس المجلس الشعبي البلدي. وإلى ذلك تم رصد غلاف مالي يقدر ب10 ملايير سنتيم لإنجاز مخيم للشباب، فيما تشرف الأشغال الخاصة بإنجاز ملعب من الدرجة الخامسة على نهايتها. بين ''بن مهيدي'' والسعايدية المغربية سباق محموم ولكن السباق المحموم بين الجزائر والمغرب على من يحتل واجهة شمال إفريقيا، جعل السياحة تكون واحدة من مجالات المنافسة، حيث إنه رغم الرمزية التاريخية لمرسى بن مهيدي وخصوصيته الطبيعية السياحية، إلا أن المغرب حرص على أن تكون منطقة السعايدية المقابلة لمرسى بن مهيدي رسالة سياحية مشفرة، فالمركز السياحي بالسعايدية يستجيب لكل المواصفات الدولية للسياحة، كونه يتوفر على كل الأشياء التي لها صلة بالراحة. ويقول مواطنون ممن زاروا السعايدية إن السلطات المغربية فضلت منح المشروع لشركة ''إعمار'' الإماراتية لإنجازه، حتى لا يكون هناك شيء من العشوائية في التعامل مع قطاع حساس كالسياحة. ولكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن، فالذين راهنوا على السعايدية لجلب السياح الجزائريين خاب أملهم بغلق الحدود البرية مع المغرب.