اتهم وزير المجاهدين محمد الشريف عباس، باحثين فرنسيين مختصين في تاريخ العلاقات الجزائرية الفرنسية، ب''ممارسة التغليط''، على أساس أنهم ''يساوون بين الضحية والجلاد''، في إشارة إلى مضمون للاحتفال بمرور 50 سنة من خروج فرنسا من الجزائر. وذكر الوزير عباس أمس للقناة الإذاعية الأولى، أن الباحثين الفرنسيين المنخرطين في التحضير للمادة التاريخية بفرنسا تحسبا ل5 جويلية المقبل، ''يجعلون مقاومة الشعب الجزائري ونضاله ومعاناته متساوية مع الطرف المحتل''. يقصد مفهوم الفرنسيين للثورة الجزائرية، الذي سيكون طاغيا على احتفالاتهم بالذكرى. ويقوم هذا المفهوم على أن حرب التحرير وقعت فيها تجاوزات وفظاعات ارتُكبت من جيش التحرير ومن الجيش الاستعماري. ومعنى ذلك، أن القتلى الفرنسيين على أيدي أفراد جيش التحرير، والقتلى الجزائريين على أيدي أفراد الجيش الفرنسي الاستعماري يتساوون. وقد عبّر عن ذلك بوضوح الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي في تصريح للصحافة في مارس الماضي، عندما قال ''تلك التجاوزات من الطرفين يجب أن تكون موضع إدانة، لكن فرنسا لا يمكنها أن تعبر عن الندم على شنها هذه الحرب''. ويأمل الجزائريون في أن يتخلى الحكم الفرنسي، في عهد الاشتراكيين، عن العقلية الاستعمارية التي استحكمت في تصريحات وتصرفات اليمين في فترة حكم ساركوزي. وحول ذلك، قال الشريف عباس للإذاعة ''ما أدلى به الرئيس الفرنسي الحالي فرانسوا هولاند حول العلاقات الجزائرية-الفرنسية، من تصريحات في حملته الانتخابية للرئاسيات، مشجعة يتوخى منها أن تضع العلاقة بين البلدين في أحسن صورها خدمة لمصحة الشعبين''. ورغم الاستعداد الإيجابي الذي أبداه هولاند، للاعتراف بفظاعة الاستعمار الفرنسي بالجزائر، دونما ترقّب أن يرتقي ذلك إلى مستوى الاعتذار أو حتى التعبير عن شعور بالذنب، فإن مراقبين من الضفتين يرجحون أن يزداد الخطاب المعادي لفرنسا حدة، كلما اقترب موعد خمسينية الاستقلال (بالمفهوم الجزائري)، أو مرور نصف قرن على ذكرى انتهاء حرب الجزائر (بالمفهوم الفرنسي). والفرق بين المقاربتين لنفس الحادثة التاريخية، شاسع جدا. واعترف عباس بوجود فرق كبير من حيث القوة، بين ما يجري التحضير له في فرنسا وما يحضّر محليا للاحتفال بالذكرى، إذ يقول ''لا يمكن أن نقدم شيئا نقول بأنه في المستوى، لأننا نعاني في مجال كتابة التاريخ، ويعود ذلك إلى توجه كبير لاستقراء التاريخ من وراء البحر حيث هناك أشخاص لهم باع طويل في كتابة التاريخ، ويعد هؤلاء من المراجع التاريخية بالنسبة للمقاومة وثورة التحرير''. يقصد أن كتابة تاريخ الجزائر في الفترة الاستعمارية، يصنعها الباحثون الفرنسيون وفق مقاربة خاصة بالفرنسيين.