تحرص العائلات الجزائرية المقيمة بالخليج العربي على التمسك بالطقوس الرمضانية الجزائرية، فتتزوّد في عطلتها بكل المواد التي تستحضر ''ريحة لبلاد''. بينما يجد من فوّتوا التمتع بعطلة بين الأهل قبيل الشهر الفضيل، ضالتهم فيما تحمله الرحلات الجوية القادمة من الجزائر. يقرّ جزائريو الإمارات والخليج العربي بتوفر الخيرات في البلاد التي احتضنتهم، واستئناسهم بقضاء الشهر الكريم في بلد عربي مسلم يصدح فيه صوت الأذان، غير أنهم يفتقدون في الوقت نفسه ''ريحة لبلاد''. فالكثير من التفاصيل التي تميز المائدة الجزائرية لا يمكن تحصيلها في الإمارات، على غرار مادة لفريك لإعداد الشوربة، أساس المائدة الرمضانية. غير أن أبناء جاليتنا وجدوا الحل في التقرّب من المضيفين والمضيفات الذين يتنقلون بين الجزائرودبي أو أبو ظبي أسبوعيا. من بين هؤلاء الإعلامي جمال الذي يقيم في دبي منذ سنتين، لم يتسن له فيها زيارة الجزائر إلا مرتين، لم تكن كافية للتزوّد بما تتطلبه المائدة الرمضانية. يقول جمال. ل: ''واجهت صعوبة في التأقلم في الأيام الأولى لي في دبي، خاصة أنها تزامنت مع شهر رمضان، والأكل كان غريبا عليّ، ولم يخطر ببالي أن أتزوّد بمقوّمات المائدة الرمضانية الجزائرية قبل سفري''. غير أن جمال عرف جيّدا كيف يتدبر أموره، إذ ربط علاقة مع جزائري تشتغل زوجته مضيفة طيران في خطوط جوية خاصة، تتنقل مرتين أسبوعيا بين الجزائرودبي، حيث عرض عليه مساعدته في تزويدهم بمتطلباته. يواصل جمال: ''الحمد لله، لم يعد ينقصني شيء، كل ما أحتاجه يصلني من الجزائر، من قلب اللوز والزلابية إلى الحشيشة والمعدنوس''. ويضع جمال، أسبوعيا، قائمة بالمواد التي يحتاجها، يحرص على أن لا تكون كثيرة حتى لا يثقل على المضيفة، وما عليه إلا التنقل إلى الفندق حيث تنزل للتزوّد ب''المشتريات''. ولم يختلف الأمر كثيرا عند بوعلام محمدي، وهو مهندس جزائري يقيم في أبو ظبي منذ 10 سنوات. فرغم تعوّده على أجواء الصيام في البلاد، إلا أنه لا يستغني عن تفاصيل تذكره ب''بنة'' رمضان في الديار. يقول بوعلام: ''لا ينقصنا شيء هنا، فالخير متوفر، ولا يغيب الإحساس بروحانية شهر الصيام، وهنا تشعر حقا بأن رمضان شهر الرحمة، فالأسعار تنخفض، وتقدّم المراكز التجارية عروضا خاصة، كما تجد الناس أكثر هدوء والتزاما بما تستدعيه عبادة الصيام، وما نفتقده حقا هنا هي العائلة، وكذا أجواء رمضان في البيت''. ولاستحضار رمضان بين العائلة، يحرص بوعلام وزوجته الجزائرية على أن تكون المائدة الرمضانية جزائرية مائة بالمائة، فيقتني مادة الفريك وزيت الزيتون من أجل إعداد الشليطة التي يعشقها، إلى جانب التوابل وغيرها. أما ما ينقصه من مواد لا يمكن استهلاكها إلا طازجة، فيتركها لصديقه المضيف في الخطوط الجوية الجزائرية. يواصل بوعلام: ''مائدتي لا تختلف عن مائدة أي جزائري في (البلاد) بفضل صديقي، فقلب اللوز يصلني من الجزائر مرتين في الأسبوع، إذ يقتنيه صديقي من بائعي المفضل، كما أن شوربتي منكهة بكسبرة جزائرية، دون أن أنسى مشروبي المفضل حمود بوعلام الذي يزين مائدتي يوميا''. ورغم أن زوجته متواجدة معه في الإمارات، إلا أن بوعلام لا يستغني أبدا على ما تبدعه والدته في الجزائر، وكثيرا ما يتذوّق في رمضان ما تجود به يداها، مواصلا: ''تصوروا حتى المطلوع والمحاجب والكسرة وصلتني إلى الإمارات. فحتى إن لم أنزل ضيفا على والدتي في رمضان، فبصمتها ولمسة يدها حاضرة هنا في بيتي''.